الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضمائر اعتزلت الإنسانية

الكاتب: أحمد سالم
الكاتب: أحمد سالم

في رحلة البحث عن السلع الغذائية بأسعار عادلة، يقع المواطن في أفخاخ التلاعب والنصب، ويئن من ضمائر التُجار التي اعتزلت الإنسانية ولهثت خلف سرقة واحتكار أقوات البسطاء بلا أي وازع ديني أو إنساني أو وطني يردهم عما يمارسون من تطفيفٍ وخُسرٍ للبلاد وأهلها.

وفي هذا الصدد، كادت الحكومة مثلها مثل المواطن، أن تقع ضحية لأكبر سلسلة من احتكارات السلع، خاصة قبيل شهر رمضان المعظم، حتى استفاقت على حجم الأزمة التي كادت تختنق معها الأسر وتختفي معها السلع، فبدأت تكثيف حملاتها التي شفت غليل الكثيرين وضبطت الأسواق جزئيًا.

بالقرب من بلدتي "الوحدة المحلية لقرية سنهور في محافظة البحيرة" كانت الصدمة عندما تمكنت قوات الأمن من ضبط أطنان من عبوات الزيت والسمنة في بلد صغيرة اسمها "جمّاع" استخدمها تجار الأقوات ومافيا الاحتكار لمخبأ سري لتعطيش الأسواق من السلع قبيل شهر رمضان المعظم، المشهد الذي اصطفت خلاله عشرات السيارات لنقل السلع المضبوطة كان يدعو إلى الذهول، ويطرح مئات التساؤلات حول ما وصلت إليه تدابير شياطين الإنس، من أجل سرقة غذاء الغلابة والعبث بأقوات البسطاء، كيف استوت نفوسهم لتلك الفعلة وماذا كانوا يخططون أكبر من ذلك، كل هذا يأتي في الوقت الذي شكا فيه البعض من خلو المتاجر من الزيت والسمنة، أو غلاء أسعارهما بشكل مبالغ فيه.

ما استوقفني كثيرًا في تلك القصة، هي مبادرة أهالي قرية جمّاع أنفسهم حين عرفوا الأمر وبادروا بإبلاغ الشرطة التي تعاملت على الفور وضبطت المتهمين وحرّزت أطنان السلع من أجل الاستفادة العامة.
ولك أن تتخيل أن كمية بهذا الحجم تم اكتشافها في قرية صغيرة، فما حجم ما يحتكره التجار وما يخبئُه اللصوص في أماكن أخرى ؟.. هي بالكاد دعوة طارئة وحثُ عاجل لوزارة التموين من أجل القضاء على تلك الظاهرة، وتوقيع أشد العقوبات على المتورطين في قضايا احتكار السلع في وقتٍ لا يمكن معه المهادنة ولا التراجع عن حصول المواطن على حقه المكفول له كاملًا في عرض السلعة بسعرٍ عادل ومنصف.

وبالحديث عن السعر العادل، فقد بدأت الحكومة تلتفت للأمر من خلال بيان اليوم، لـ الدكتور علي مصيلحي وزير التموين بـ تشكيل لجنة عليا مُشكلة من اتحاد الصناعات واتحاد الغرف ‏التجارية وحماية المستهلك لوضع سعر عادل للسلع الاستراتيجية والأساسية والتي ‏سوف يصل عددها إلى ما يقرب من 10 إلى 15 سلعة استراتيجية وأساسية.

بقيَ الطرف الثاني والأهم في المعادلة، وهو المواطن، هل سيتخذ موقفًا إيجابيًا على غرار أهل قرية جمّاع، ويجبر الباعة والتجار على الالتزام بالسعر المُعلن من جانب الحكومة، أم سيرضخ لقانون التجار ويمنحهم فرصًا أكبر من أجل رفع الأسعار قبل رمضان.

أجد أنه من الواجب أن تُعلق الحكومة لافتات على كبرى المتاجر والمنافذ بأسعار السلع الرسمية كما هو معمول به من بشأن أجرة المواصلات العامة في المواقف، وتصبح المقاطعة خيارًا استراتيجيًا لكل من يغالي أو يستحل رفع الأسعار، بل ويبادر المواطن للتبليغ عن المخالفين من خلال الأرقام الساخنة للجهات المعنية.

نتمنى سياقًا أكثر رحمة بالمواطن، ومنظومة أكثر حزمًا تقضي على الجشع وتحارب الاحتكار، مع كامل الدعم لإجراءات الحكومة لضبط الأسواق قبيل شهر رمضان المعظم.