رغم أنه يفصلنا عن أذان المغرب أقل من ساعتين في اليوم الأول من شهر رجب 2023، أي أن من صامه صامه ومن لم يصمه لم يصمه، إلا أنه لا يزال البحث جاريًا عن حكم صيام أول رجب سواء كان يوم أو ثلاثة أو حتى سبعة، خاصة وأن البعض يعتقد بأن صيام أول رجب بدعة ، وآخرون يرون أن صيام اول رجب سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
صيام أول رجب
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن صيام أول رجب ، إن الصيام في أي وقت هو فعل للخير، وإن كان الحافظ بن حجر تتبع ما ورد في رجب من الأحاديث وكتب عنها وضعفها.
واستشهد بما ورد أن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )، مشيرًا إلى أنه لا بأس في صيام اول رجب لكن دون أن نقول بأنها سنة، لأنها ليست سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وأوضح أن شهر رجب فرد لأنه ليس متتالي مع محرم وذي القعدة وذي الحجة، ويسمى بالأصم، وغيرها من الأسماء التي تدل على أنه وقت فضيل يتهيأ فيه الإنسان لرمضان، فمن تعود على صيامها لا حرج في ذلك، وهذا ليس بدعة.
وأضاف أن رسول -صلى الله عليه وسلم - علمنا أن نكثر من العبادة ما دامت على هيئتها الشرعية، منوهًا بأن فضل شهر رجب ثابت، بغض النظر عن درجة الأحاديث الواردة فى فضائله، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة أو موضوعة.
ونبه إلى أن ذلك لكون شهر رجب أحد الأشهر الحرم، التى عظمها الله تعالى في قوله: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )، وجاءت في حديث "الصحيحين" فى حجة الوداع بأنها ثلاثة سرد -أي متتالية-: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد: وهو رجب مضر الذى بين جمادى الآخرة وشعبان.
حكم صيام أول رجب
وأكدت دار الإفتاء المصرية ، في حكم صيام اول رجب ، أن الصوم في شهر رجب سواء في أوله أو في أي يوم فيه، جائز ولا حرج فيه لعموم الأدلة الواردة في استحباب التنفل بالصوم، و لم يرد ما يدل على منع الصوم في رجب.
وأشارت إلى أنه ممَّا ورد في فضل الصوم في شهر رجب بخصوصه حديث أبي قلابة رضي الله عنه قال: «فِي الْجَنَّةِ قَصْرٌ لِصُوَّامِ رَجَبٍ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، ثم قال: [قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي قِلَابَةَ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ، فَمِثْلُهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ بَلَاغٍ عَمَّنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ].
وورد أنه يُكرَهُ تخصيصُ شَهرِ رَجَب بالصَّومِ، نص عليه الحَنابِلة، وهو قول طائفة من السلف، والأدِلَّة: من الآثار، عن خَرَشةَ بنِ الحُرِّ قال: ((رأيتُ عُمَرَ يَضرِبُ أكُفَّ النَّاسِ في رَجَبٍ، حتى يَضَعوها في الجِفانِ، ويقولُ: كُلُوا؛ فإنما هو شهرٌ كان يُعَظِّمُه أهلُ الجاهليَّةِ))، فلم تثبُتْ فَضيلةُ تَخصيصِه بالصِّيامِ، ولا صيامِ أيامٍ منه، بل صيامُه كباقي الشُّهورِ، فمن كان له عادةٌ بصيامٍ، فهو على عادَتِه، ومن لم يكُنْ له عادةٌ، فلا وجهِ لِتَخصيصِ صَومِه، ولا صومِ أوَّلِه، ولا ليلةَ السَّابِعِ والعِشرين منه.