الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يكون الـ"سور" بداية.. حكاية محاولات العالم للتخلص من هيمنة الدولار

الدولار
الدولار

"التخلص من الاعتماد على الدولار أصبح أمراحتميا" .. كانت تلك كلمات الرئيس الروسي فيلاديمير بوتن، في سبتمبر الماضي، وإن كانت تلك المقولة قد يجدها البعض نتيجة للحرب الدائرة الآن بين موسكو، وأوكرانيا، ولكنها كانت دعوات متكررة، كان آخرها وقت اندلاع الأزمة المالية العالمية سنة2008، ولكن تفاقم أزمة الدولار أمام العملات المحلية في العديد من الدول جعل تلك الخطوة تتجه نحو خطوات عملية قوية، آخرها ما تسعى له البرازيل والأرجنتين من إصدار عملة موحدة.

 

وعن الخيارات المطروحة لإحداث هذا الأمر، فقد كانت هناك عدة تصورات لتنفيذ هذا الهدف، بعضها جارى تجربته بالفعل، والآخر يتم اتباعه ولكن لن يظهر تأثيره إلا بعد مدة كبيرة، وكان من ضمن هذه التصورات، هي إبدال الاحتياطي الدولاري بالذهب، أو عملات أخرى، وكذلك إصدار العملات الرقمية، أو التبادل التجاري بين الدول عبر عملاتها المحلية.

 

العملة "سور" .. عملة موحدة بين البرازيلوالأرجنتين

 

 

 

أحدث محاولات التخلص من هيمنة الدولار، جاءت من أمريكا الجنوبية، حيث أعلنت البرازيل والأرجنتينعزمهما البدء في خطوات إطلاق الأعمالالتحضيرية لتبني عملة موحدة، خلال الأسبوع، وقالت تقارير صحفية دولية، إن أكبر اقتصادين فيأمريكا الجنوبية سيناقشان الخطة في قمة ستعقدفي بوينس آيرس هذا الأسبوع وستدعو دول أمريكااللاتينية الأخرى للانضمام.

 

 

وقال مسؤولون من البلدين، إن التركيز الأولسينصب على الكيفية التي يمكن لعملة جديدة،والتي تقترح البرازيل تسميتها "سور" (الجنوب)، أنتعزز التجارة الإقليمية وتقلل الاعتماد على الدولارالأمريكي، وسيتم طرح العملة الموحدة في البدايةبالتوازي مع الريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني، وذكر وزير الاقتصاد الأرجنتيني سيرجيو ماساللفاينانشيال تايمز: "سيكون هناك قرار لبدء دراسةالمعايير اللازمة لعملة مشتركة ، والتي تشمل كلشيء من القضايا المالية إلى حجم الاقتصاد ودورالبنوك المركزية".

 

ومن المتوقع صدور إعلان رسمي خلال زيارة الرئيسالبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى الأرجنتينالتي تبدأ مساء اليوم، وهي أول رحلة خارجيةللرئيس اليساري المخضرم منذ توليه السلطة فيالأول من الشهر الجاري، ومن المرجح أن يستغرقالمشروع سنوات عديدة حتى يؤتي ثماره، وقد أشاروزير الاقتصاد الأرجنتيني في هذا الصدد إلى أنإنشاء اليورو استغرق 35 عاما.

 

تتبناه 4 دول كبرى .. العملات الرقمية للبنوكالمركزية

 

 

ومن أقوى المحاولات التي قد ترى النور خلال 3 أو 4 سنوات، هو العملات الرقمية للبنوك المركزية، حيث أعلن بنك التسويات الدولية في أكتوبر الماضي، عنالانتهاء من تجريب العملة الرقمية للبنك المركزي(CBDC) بأرقام تعاملات مثيرة، حيث كان المشروعالتجريبي عبارة عن تعاون بين البنوك المركزية لهونغكونغ وتايلاند والصين والإمارات العربية المتحدةلتعزيز المدفوعات متعددة العملات عبر الحدود،وأشار بنك الصين أن البنوك كانت قادرة على تسويةالصفقات مباشرة دون اللجوء إلى الدولار الأمريكيكوسيط.

 

واستمرت التجربة التي أطلق عليها اسم mBridgeأو mCBDC لمدة شهر، وأشار مستشار في بنكالتسويات الدولية، في منشور على LinkedIn أنه تمإصدار أكثر من 12 مليون دولار من حيث القيمةعلى المنصة وأكثر من 160 عملية دفع عبر الحدودومعاملات صرف العملات الأجنبية (العملاتالأجنبية) يبلغ مجموع قيمتها أكثر من 22 مليوندولار بين 20 بنكًا تجاريًا مشاركًا .

 

دانيال إلدان، مستشار ببنك التسويات الدولية،وصف الفترة التجريبية بأنها إنجاز التاريخي، وقالكبير المتخصصين في عملات البنوك المركزية الرقميةفي بنك تايلاند: لقد بدأنا للتو في رؤية إمكانياتعملات البنوك المركزية الرقمية في تجسير الحدودوتسهيل التجارة والنمو الاقتصادي، وقد أيدت الدولالأربع المشاركة قبول تطوير إصدار عملات رقمية منعملاتها المحلية.

 

تلك مواعيد الدول الأربعة لتنفيذ المشروع

 

وأشارت سلطة النقد في هونج كونج إلى أنه علىالرغم من أنها قد انتهت من الجولات الأولية منالمشاورات، إلا أن الأمر سيستغرق حوالي عامين أوثلاثة أعوام لإطلاق عملتها النقدية الرقمية، نظرًاللعقبات القانونية والتنظيمية التي يجب أن تواجهها، وبالنسبة لتايلاند، تم تنظيم دراسة تجريبية مع نائبمحافظ بنك تايلاند، مشيرًا إلى أن عملات البنوكالمركزية الرقمية بالتجزئة هي «أساس النظام الماليالمستقبلي.

 

فيما كانت الإمارات العربية المتحدة قد كشفت سابقًاعن خارطة طريق لتطويرها، في حين أن اليوانالرقمي الصيني يقترب من الإطلاق الكامل بعدمعالجة أكثر من 12 مليار دولار في المعاملات، وعلىالرغم من الاختبارات المتعددة، فإن المنظمين علىدراية بالتحديات المحتملة المرتبطة بتطوير CBDC،بما في ذلك المخاوف المتعلقة بالخصوصية والأمنوكفاءة الطاقة، ومؤخرا طالبت دولة الإمارات مجموعةالعشرين «G20» بضرورة العمل على إطار تنظيميشامل للعملات الرقمية المركزية لتسهيل وتسريعوخفض تكلفة العمليات النقدية العابرة للحدود.

فيما أكملت الصين فترة تجريبية مدتها 40 يومًاباستخدام العملات الرقمية للبنك المركزي لتسويةالصفقات مع هونج كونج وتايلاند والإمارات العربيةالمتحدة عبر ترتيب «جسر» خاص، وفقًا لتقرير موجزنشرته صحيفة فاينانشال نيوز، الناطقة بلسانالصينيين، وكشف البنك المركزي الصيني، أنه تمإصدار أكثر من 80 مليون يوان من النقود الرقميةعلى منصة mBridge، ولم يقدم تفصيلاً للعملاتالرقمية المختلفة المستخدمة، حيث تقوم هونغ كونغوالإمارات العربية المتحدة وتايلاند باختبار العملاتالرقمية للبنك المركزي، كما قامت الصين بطرح اليوانالصيني الإلكتروني في عشرات المدن المعينة منبكين إلى شينزين.

 

نعم تجريبية..ولكن توقعات بالقضاء على هيمنةالدولار

 

في حين أن استخدام العملة الرقمية في المدفوعاتعبر الحدود لا يزال في مرحلة تجريبية، قد يكون لهآثار بعيدة المدى على التمويل الدولي إذ كانت البنوكقادرة على تسوية الصفقات مباشرة دون اللجوء إلىالدولار الأمريكي كوسيط، بحسب المركزي الصيني.

 

وقالت تايو تونياثون كونبراسيرت، المتخصصة فيالعملات الرقمية لدى بنك تايلاند، على حسابها علىLinkedIn إن التجربة كانت أول حالة في العالم«لاستخدام عملة رقمية للبنك المركزي ذات القيمةالحقيقية لتسوية التجارة عبر الحدود».

 

العالم قد يعود إلى المعيار الذهبي

 

وفي السياق ذاته، قال رئيس شركة يورو باسيفيككابيتال للوساطة المالية، بيتر شيف، إن العالم قديعود إلى المعيار الذهبي، ويعيش الدولار أيامهالأخيرة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة خرجت عنالمعيار الذهبي في عام 1971، ولكن في رأيه، فإنالعالم سيعود إليه.

 

وقال شيف "الأيام التي كان فيها الدولار عملةاحتياطي معدودة، ونحن نعود إلى الأساسيات. كماتعلمون، كل ما هو جديد هو قديم منسيّ. كان للذهبقيمة خاصة في الماضي، والمستقبل له. إن البنوكالمركزية ذكية بما يكفي لتتوقع المستقبل وتزيداحتياطياتها من الذهب الآن".

 

فيما أصبحت محاولة التخلص من الدولار غيرالمستقر السبب الرئيس لاهتمام البلدان بالذهب. وكان المشترون الرئيسيون روسيا والصين. لقد قدموامثالاً لبلدان أخرى، ووفقا لبيانات مجلس الذهبالعالمي، في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019،زادت عشرات البنوك المركزية من احتياطي الذهببمقدار 1 طن في الأقل، وأصبحت أربعة بنوكمركزية مشترين رئيسيين للذهب في أغسطس،وأضافت روسيا، التي كانت رائدة في شراء الذهبفي عام 2019، 11.3 طن أخرى إلى مخزونها.

 

وتجاوز احتياطي الذهب للبنك المركزي الروسي فيسبتمبر  100 مليار دولار بفضل المشتريات الأخيرة،وزادت روسيا في 2022، احتياطياتها من الذهببنحو 120 طنا. فيما اشترت الصين 5.9 طن أخرىفي الأشهر التسعة الماضية، وزادت مشترياتالذهب من قبل البنوك المركزية في يوليو  وفيالمجموع، في العام الماضي، خزّنت البنوك المركزيةفي العالم 651.5 طن من الذهب، ولاحظ مجلسالذهب العالمي أن عام 2018 تميز بأعلى مستوى منصافي المشتريات السنوية للذهب من قبل البنوكالمركزية منذ تعليق إمكانية تحويل الدولار إلى ذهبفي عام 1971، وثاني أكبر إجمالي سنوي فيالتاريخ.