الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السويد تشعل العالم بحرق المصحف لدخول الناتو.. القصة الكاملة لأزمتها مع تركيا وغضب دولي بينهم مصر

السويد تشعل العالم
السويد تشعل العالم بحرق المصحف لدخول الناتو

"كل الحوادث مبداها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر" .. تلك جزء من قصيدة أبي عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر الدِّمشقي الشهير بـ «ابن قيم الجوزية»، ومن بعدها أصبحت مقولة للتحذير من الاستهانة بما يبدو اليوم خطرا صغيرا، لكنه يحمل في أحشائه خطر عظيم، وهى المقولة المناسبة لوصف ما حدث في السويد من حرق المصحف الشريف، وما تلاه من موجة غضب عالمية.

ويبدو أن السويد وأحزابها على استعداد لحرق العالم من أجل الانضمام لحلف الناتو، وكون تركيا هي حجر العثرة أمام تلك الخطوة داخل الناتو، فإن الأزمة بين البلدين تشتعل، ووصل الأمر إلى ما حدث أمام سفارة أنقرة بستوكهولم من اليمين المتطرف، وحرق المصحف أثناء التظاهر ضد موقف تركيا، وهنا نرصد تلك القصة كاملة.

منذ مايو الماضي..تركيا تمنع السويد فنلندا من دخول الناتو 

تبدأ الأزمة منذ مايو الماضي – 2022 – حيث تقف تركيا في وجه دخول دولتي السويد وفنلدنا من دخول حلف الناتو، حيث تجمد تركيا مسار انضمامهما للحلف الأطلسي، لحين تنفيذ كلا الدولتين مطالبها بترحيل لاجئين تعتبرهم تركيا "إرهابيين"، حيث معظمهم من الأكراد المعارضين لتركيا، ويقول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده متشبثة بهذا الشرط الضروري، حتى تصادق على القرار.

ومن غير المرجح أن تصوت تركيا على هذا القرار قبل الانتخابات المحلية المحورية المتوقعة في مايو أو يونيو من هذا العام ، حيث من المتوقع أن يواجه أردوغان ائتلافًا معارضًا من ستة أحزاب في صندوق الاقتراع ، في محاولة لتحدي حملته لتمديد حكمه إلى عقد ثالث، وذلك وفقا لمسؤول تركي كبير بتصريحات لصحيفة الجارديان البريطانية، وقال إبراهيم كالين ، كبير مستشاري الرئيس التركي، للصحفيين : "لسنا في عجلة من أمرنا هنا ، فهم في عجلة من أمرهم للانضمام إلى الناتو ".

ويكمل كالين لـ"الجارديان": "بالنظر إلى حقيقة أن الرئيس سيتعين عليه إرسال هذا القانون إلى البرلمان للمصادقة عليه، فيجب إقناع المشرعين، ولأكون صادقا معك، لن نكون في وضع يسمح لنا بتمرير هذا بالبرلمان، فليست لدينا الأرقام، والمعارضة ستطرح جميع أنواع الأسئلة، ولا يمكننا المخاطرة برأسمالنا السياسي بينما ندخل في الانتخابات في الأشهر الثلاثة أو الأربعة المقبلة".

المجر تساند تركيا..والسويد تغير الدستور ولكن ليس كاف

وليس تركيا فقط التي تعارض دخول السويد وفنلندا إلى الناتو، حيث هناك أيضا المجر التي تعارض ذلك إلى الآن، وكلتا الدولتان حافظتا على علاقاتهما مع موسكو منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وتوقفتا بشأن التصويتات البرلمانية المطلوبة للموافقة على انضمام فنلندا والسويد ، على الرغم من أن رئيس الوزراء المجري ، فيكتور أوربان ، قال في أواخر العام الماضي إن البرلمان المجري سيصوت. أثناء التنقل في فبراير، ومن المتوقع أن تعقد قمة الناتو القادمة في العاصمة الليتوانية فيلنيوس في يوليو.

وتتعرض أنقرة لضغوط متزايدة من المسؤولين السويديين والفنلنديين وكذلك رئيس الناتو ، ينس ستولتنبرغ ، للموافقة على الانضمام منذ أن وقعت الدول الثلاث مذكرة ثلاثية خلال قمة الناتو في مدريد في يونيو الماضي، اتفقت الدولتان الاسكندنافية على معالجة المخاوف الأمنية التي أثارتها تركيا، وهي وجود منظمات كردية في السويد تدعي أنقرة أن لها صلات بحزب العمال الكردستاني، الذي صنفته تركيا والاتحاد الأوروبي وواشنطن كمنظمة إرهابية.

ورغم ما قامت به الدولتان الاسكندنافية من رفع القيود المفروضة على صادرات الأسلحة إلى أنقرة ، وعدلت السويد دستورها لتشديد قوانين مكافحة الإرهاب المحلية، إلا أن هذا لم يكن كافيا، حيث دفعت تركيا إلى السويد لتسليم قائمة بالأشخاص الذين تزعم أن لهم صلات بحزب العمال الكردستاني أو برجل الدين المحظور فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب في عام 2016.

قال رئيس الوزراء السويدي ، أولف كريسترسون ، في مؤتمر للأمن الداخلي في وقت سابق من هذا الشهر ، إن ستوكهولم لن تتمكن من تلبية جميع مطالب تركيا، فتركيا تؤكد أننا فعلنا ما قلنا أننا سنفعله، لكنهم يقولون أيضًا إنهم يريدون أشياء لا نستطيع ولن نقدمها لهم، لذا فإن القرار الآن بيد تركيا.

التصريح لليمين المتطرف بالتظاهر .. السويد تلعب بالنار 

وفي ظل تأزم المفاوضات بين السويد وتركيا، بدأت الحكومة باستوكهولم في التصعيد غير المباشر ضد تركيا، وذلك عبر السماح بالتظاهر ضدها داخل السويد، وكانت المرة الأولى بالسماح للأكراد بالتظاهر ضد أردوغان، وتعليق دمية له بالمشنقة، وهو ما أثار أزمة دبلوماسية حينها، ولكن المرة الثانية للسماح بالتظاهر كانت السويد تلعب بالنار، حيث أنها في تلك المرة سمحت لليمين المتطرف، وهي تعرف موقفه من تركيا والإسلام بشكل عام.

وبالفعل في صباح أمس السبت، بدأت الاحتجاجات في ستوكهولم، حيث نظم اليمين المتطرف مظاهرته تحت حماية مكثفة من الشرطة أمام السفارة التركية، وجمع اليميني المتطرف راسموس بالودان نحو 100 شخص وحشد من المراسلين، وألقى السياسي اليميني المتطرف، خطابًا دام ساعة ضد الإسلام والهجرة قبل إشعال النار في نسخة من القرآن. 

وفي اليوم السابق للماظهرة، استدعت وزارة الخارجية التركية السفير السويدي بسبب الإذن الممنوح لاحتجاج بالودان، وهو يمين متطرف، وفي وقت سابق يوم السبت، ألغت أنقرة زيارة في 27 يناير لوزير الدفاع السويدي، بال جونسون ، كان من المفترض أن تكون مناقشة حول رفض تركيا التصديق على انضمام السويد إلى الناتو، وقال وزير الدفاع التركي ، خلوصي أكار ، إن الاجتماع أُلغي لأنه "فقد أهميته ومعناه".

السويد تحاول أن تنقذ الموقف 

وحاول وزير الدفاع السويدي، بال جونسون  معالجة الأمر، حيث أعلن تأجيل الاجتماع بعد محادثات مع أكار يوم الجمعة في القاعدة العسكرية الأمريكية في رامشتاين بألمانيا، وكتب على تويتر يوم السبت "علاقاتنا مع تركيا مهمة للغاية بالنسبة للسويد ، ونتطلع إلى مواصلة الحوار حول قضايا الأمن والدفاع المشتركة في وقت لاحق"، وذلك وفق ما نشرته الجارديان.

وسعت الحكومة السويدية إلى النأي بنفسها عن التظاهرة ، وأدانها وزير الخارجية ، توبياس بيلستروم ، يوم السبت، وكتب بيلستروم على تويتر "الاستفزازات المعادية للإسلام مروعة، تتمتع السويد بحرية تعبير بعيدة المدى، لكنها لا تعني أن الحكومة السويدية ، أو أنا ، أؤيد الآراء التي يتم التعبير عنها".

أزمة أكبر من تركيا.. موجة غضب بالعالم العربي والإسلامي 

وأزمة السويد يبدوا أنها أصبحت أكبر من تركيا، حيث توالت ردود الفعل العربية والإسلامية المنددة بسماح السلطات السويدية، لزعيم حزب "الخط المتشدد" الدانماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام السفارة التركية في ستوكهولم.

وأدانت منظمة التعاون الإسلامي "بأشد العبارات حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد"، واعتبرت ذلك "عملا استفزازيا يستهدف المسلمين ويهين قيمهم المقدسة"، وقال أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، إن هذا الفعل يشكل مثالا آخر على المستوى المقلق الذي وصلت إليه الإسلاموفوبيا، داعيا السلطات السويدية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مرتكبي جريمة الكراهية هذه.

فمن جهتها، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة واستنكار المملكة الشديدين للحادثة، مؤكدة على موقف الرياض الثابت الداعي إلى أهمية نشر قيم الحوار والتسامح والتعايش، ونبذ الكراهية والتطرف، كما أدان وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح إقدام المتطرف بالودان على حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد، ونبه الوزير في تصريح نقلته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) إلى أن هذه الأحداث من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم وتشكل استفزازًا خطيرًا لهم.

وفي الأردن، أدانت وزارتا الخارجية والأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية حرق المصحف الشريف في السويد اليوم. وأكدت وزارة الخارجية "رفض وإدانة المملكة لهذا الفعل الذي يؤجج الكراهية والعنف، ويهدد التعايش السلمي"، وبدورها، أدانت وزارة الخارجية الباكستانية بشدة "التصرف المقيت المتمثل في تدنيس القرآن الكريم بالسويد"، وقالت إن "هذا التصرف غير المنطقي والاستفزازي المعادي للإسلام لا يندرج تحت أي حق شرعي في التعبير عن الرأي".

وفي وقتٍ سابق السبت، أدانت تركيا بشدة حرق نسخة من القرآن الكريم في السويد، وصنّفتها "جريمة كراهية" تحت غطاء حرية التعبير. وقالت الخارجية التركية، في بيان، إن "هذا العمل الدنيء مؤشر جديد على المستوى المقلق الذي وصلت إليه معاداة الإسلام وتيارات العنصرية والتمييز في أوروبا".

ودعت الخارجية السلطات السويدية، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مرتكبي جريمة الكراهية هذه، فيما دعت كافة الدول والمنظمات الدولية إلى اتخاذ تدابير ملموسة بشكل متضامن، ضد معاداة الإسلام.