الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جورج فلويد من جديد

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

حينما كنت أتلقى كورسات فى الجامعة الأمريكية كان من بين الدارسين معى شاب أمريكي الجنسية ، يهودي الديانة ، كان يدعى ديفيد ، وكان نموذجا فى كل شىء مثاليًا، وكان يعانى من نبذ الزملاء له فور معرفتهم بأنه اسرائيلى التجنيس حاليا. 

طوال سنوات الدراسة الثلاثة كنت انا الأقرب اليه من الكل لأننى كنت ومازلت انظر الى الكيانات على انها بشر؛ ونحن فى النهاية أناس ؛ المعاملة هى وسيلة التقييم بيننا وليس العلم او الدين او المذهب او الانتماء. 

فى يوم من الأيام دار حوار بينى وبين ديفيد عن الاراضى المحتلة ولماذا كل هذه الغطرسة الاسرائيلية فى التعامل مع الفلسطينيين والوقوف دون إقامة دولة لهم على حدود ما قبل عام  ٦٧ ، وكان رد ديفيد مذهلا لى فقد ضحك وقال : صديقتى مسألة ان يكون للفلسطينيين دولة لن تحدث ابدا الا إذا جاء الميعاد ؛ وقرب قيام الساعة كما تعلمون ونعلم نحن أيضا ، وتنهد وقال : هل يخيل لكى عقلك ان اليهود او إسرائيل ستفعل ذلك لتنهى نفسها بنفسها ، إننا نسيج غير متآلف يجمع من بين دول العالم كله، ومنا من يرى انه اهل البلد واصلها ؛ ومنا أيضا من يعتز بأنه من أقام الدولة اليهودية ؛ وبذلك فله كافة الحقوق ويجب وضعه فى مكانة عالية ، ومنا من بداخله السخط للنظرة الدونية التى يراها وللمعاملة المهينة التى يتلقاها ، تخيلى انت هذا النسيج إذا أقيمت دولة فلسطين كيف سيتعامل مع بعضه البعض بازالة الشاغل لهم والمقلق والمرعب بالنسبة لأمنهم واستقرارهم ، سيأكل بعضنا بعضا وننهى نفسنا بأيدينا. 

مضت سنوات على هذا الحديث وأكدت الأيام صحة رؤية صديقى ديفيد الذى اختتم حواره لى بسؤال لماذا لايشترى اليهودى أرضا ابدا ؟ ولم اعرف الإجابة ليقول لى لأنه على يقين انها ستنزع منه فى يوم ما ؛ ولذا فهو يتاجر فقط فى كل شىء ولا يفكر فى امتلاك ارض ، يمتلك اى شىء وكل شىء الا الارض !!. مضت سنوات وذهب كلا منا لحال سبيله مع مداومة ديفيد على إرسال المعايدات فى المناسبات ، ومنذ فترة قليلة تذكرت ما قاله ديفيد إثر حادثة مقتل الشاب الأسود الامريكى الجنسية جورج فلويد على ايدى رجال الشرطة فى ولاية من ولايات امريكا الخمسين ؛ وما أتبع ذلك من عصيان وخروج الآلاف من أصحاب نفس البشرة والمؤيدين لهم من ألوان بشرات أخرى الى الشوارع منددين بالجريمة ومطالبين بعقوبة مرتكبيها وفقا للقانون والتشريع والدستور. 

ومضت هذه الحادثة وطويت صفحتها بذكاء إدارى فى التعامل ؛ والآن تعلن الأنباء القادمة من القطب الأوحد بمقتل شاب امريكى اسود بالصاعق الكهربائى على ايدى رجال الشرطة الذين كبلوا يدى الشاب بالقيود وصعقوه حينما لم يمتثل للأوامر ويمضى معهم ولم يتركوه ويرحموا استغاثاته وتركوه جثة هامدة ، وهو المعلم الذى ذكرهم وهم يصعقونه (بالتيزر) بأنه يعلم اولادهم؛ ويشرح لهم ؛ ويطلعهم على مزايا العلم والتعلم.. ولاية لوس انجلوس تتوعد وتهدد بأنها ستتظاهر حتى تجبر السلطات على معاقبة قتلة المعلم ، والخروج بتشريع جديد يطوى صفحة التنمر الامريكى الامريكى . ولكن يبدو أن حديث المواطن الامريكى ديفيد صحيح فاختلاف الأجناس والألوان لابد ان تتعامل معه السلطات بأسلوب ..... كل فى شأن يغنيه ويلهيه.