استيقظت فرنسا أمس، الخميس، على وقع إضراب عام من المنتظر أن يشمل عدة قطاعات رئيسية، في مقدمتها النقل والتعليم والطاقة، احتجاجا على خطة الحكومة لإصلاح نظام التقاعد، في أول تحرك نقابي وطني منذ إعادة انتخاب الرئيس إيمانويل ماكرون في أبريل من العام الماضي.
ودعت النقابات العمالية إلى التظاهر بكثافة اليوم، الخميس الموافق 19 يناير الجاري، والنزول إلى الشوارع في جميع أنحاء فرنسا، بمساندة أحزاب اليسار في الجمعية الوطنية، احتجاجا على مشروع قانون جديد قدمته حكومة إليزابيث بورن لإصلاح المعاشات التقاعدية.
وأظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الفرنسيين يعارضون مشروع الحكومة بشأن الإصلاح التقاعدي المخطط له، والذي سيرفع سن التقاعد من 62 عاما إلى 64، فيما قالت الحكومة إنها ستشدد على موقفها داعية العمال إلى عدم شل البلاد.
الشلل يصيب فرنسا
وتعطلت خدمات القطارات والمدارس والرحلات الجوية وعشرات الشركات في فرنسا، اليوم الخميس، حيث نظمت النقابات العمالية احتجاجات حاشدة ضد خطط الرئيس إيمانويل ماكرون لرفع سن التقاعد إلى 64 عاما، وهي خطوة عارضها الشعب الفرنسي بشدة.
وحسب وسائل إعلام فرنسية، وقعت أكبر المسيرات في باريس، حيث قدرت نقابة الاتحاد العام للعمال أن 400000 شخص خرجوا إلى الشوارع.
مشاركة مليوني متظاهر
وزعمت النقابة أن مليوني متظاهر شاركوا في مسيرة في جميع أنحاء البلاد، على الرغم من أن وزارة الداخلية الفرنسية قدرت نسبة المشاركة بـ 1.2 مليون في جميع أنحاء البلاد و80 ألف في باريس.
ووسط المظاهرات، اشتبك ضباط الشرطة مع مثيري شغب يرتدون ملابس سوداء، والذين يظهرون بانتظام في الاحتجاجات في فرنسا للاشتباك مع الشرطة.
اشتباكات عنيفة
وبدأت الاشتباكات الأولى في مظاهرة ضد إصلاح نظام التقاعد في باريس، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع.
وخرجت مظاهرات في جميع أنحاء فرنسا يوم الخميس وسط إضراب على مستوى البلاد ضد إصلاح نظام التقاعد، وذلك بناءً على دعوة ثمانية نقابات عمالية فرنسية رائدة.
وبدأت الاشتباكات بعدما بدأ المتطرفون في إلقاء الحجارة والزجاجات والألعاب النارية على الشرطة.
وردا على ذلك أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وأجبرت الحشد على العودة.
وأظهرت لقطات فيديو ضباطا يستخدمون الغاز المسيل للدموع والهراوات على الأشخاص التي ترتدي ملابس سوداء ومتظاهرين آخرين قريبين.
ونظمت مظاهرات مماثلة في مدن نانت وليون وبوردو ومرسيليا وتولوز، وفي أكثر من 200 موقع آخر في جميع أنحاء البلاد.
مشاركة أكبر ثماني نقابات عمالية في فرنسا
وشاركت أكبر ثماني نقابات عمالية في فرنسا، مما يعني أن المدارس والسكك الحديدية والمطارات ومحطات الطاقة وغيرها من المرافق الحيوية كانت تعمل بقدرة منخفضة بشكل كبير اليوم الخميس.
وقالت الشركة المشغلة للسكك الحديدية إن واحدا من كل خمسة خطوط قطارات TGV عالية السرعة كانت تعمل، بينما قالت “يوروستار” إنه تم إلغاء العديد من الاتصالات مع المملكة المتحدة.
وذكرت شبكة “سي إن إن”، نقلا عن وزارة التعليم الفرنسية، أكثر من 40٪ من معلمي المدارس الابتدائية لم يحضروا إلى العمل.
أسباب الأزمة
وتحث حكومة ماكرون البرلمان على تمرير مشروع قانون من شأنه رفع سن التقاعد لمعظم العمال الفرنسيين من 62 إلى 64 عاما، وهي نتيجة من شأنها أن تجعل هؤلاء العمال يحصلون على معاشاتهم التقاعدية قبل ثلاث سنوات من معظم نظرائهم الأوروبيين.
وبينما تصر الحكومة على أن هذا الإصلاح ضروري لمنع نظام التقاعد في البلاد من الانزلاق إلى العجز، تجادل النقابات بأن النظام يجب أن يكون مدعوما بدلا من ذلك بزيادة الضرائب على الأثرياء بدلا من الضغط على المزيد من الإنتاجية من العمال المسنين.
وقال زعيم الاتحاد العام للعمال، فيليب مارتينيز لـ”فرانس 24”، اليوم الخميس: “من النادر أن تتفق جميع النقابات الفرنسية على شيء ما، لذلك يظهر خطورة القضية”.
ماكرون يعلق
بدوره، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي حاول بالفعل رفع سن التقاعد في عام 2019 وفشل في ذلك، للصحفيين إن الإصلاح عادل ومسؤول. ومع ذلك، فإن الشعب لا يوافق.
وأظهر استطلاع للرأي أجري الأسبوع الماضي أن 68٪ من الفرنسيين “يرفضون إصلاح نظام التقاعد”، على الرغم من أن 51٪ فقط يؤيدون حملة الاحتجاجات والإضرابات التي تشنها النقابات.