الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لأول مرة منذ 1961 .. هذه أسباب الانخفاض التاريخي لسكان الصين

الصين
الصين

ربما لا يوجد أي إنسان ممن هم على قيد الحياة الآن في الكرة الأرضية، إلا ويعرف أن أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم هي الصين، وكأنها معلومة ثابتة نزلت مع الكتب المقدسة، ولكن يبدو أن تلك المعلومة المقدسة سوف تصبح من الماضي مع بداية العام المقبل 2024.

فلأول مرة منذ 6 عقود، وتحديدا منذ 1961، أعلنت الصين عن انخفاض التعداد السكاني لها، وذلك بعد أن أصبح عدد الوفيات أكبر من عدد المواليد لديها، ووفقا لهذا المعدل، فمن المنتظر أن تكون الهند مع نهاية هذا العام صاحبة المركز الأول كأكبر دولة من حيث عدد السكان، وهنا يصبح السؤال المنطقي هو كيف حدث ذلك مع التنين الصيني، وهل هذا في مصلحة البلاد في نظر الحكومة؟

تحول تاريخي .. انخفاض قدره 850 ألفًا

وفقا لما أعلنه المكتب الوطني للإحصاء في الصين، فقد انخفض عدد سكان الصين العام الماضي للمرة الأولى منذ 1961، وهو تحول تاريخي من المتوقع أن يكون بداية فترة طويلة من الانخفاض في أعداد مواطنيها، وأن تصبح الهند أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان في 2023.

وقال المكتب الوطني للإحصاء في الصين إن البلاد كان بها 1.41175 مليار شخص في نهاية عام 2022 مقارنة مع 1.41260 مليار قبل عام، بانخفاض قدره 850 ألفًا عن العام السابق، حيث بلغ معدل المواليد في العام الماضي 6.77 مولود لكل ألف شخص، انخفاضا من معدل مواليد عند 7.52 مولود في 2021، وهو أقل معدل مواليد على الإطلاق تشهده البلاد.

في المقابل سجلت الصين أيضا أعلى معدل وفيات منذ 1974، إذ سجلت 7.37 حالة وفاة لكل ألف شخص مقارنة بمعدل 7.18 حالة وفاة في 2021، فوفقا لبيانات حكومية تم نشرها هذا الأسبوع. وقال مسؤولون إن 10.41 مليون شخص ماتوا بينما ولد 9.56 مليون.

انكماش يعقد خطط الصين

ويبدوا أن تلك التغيرات السكانية ليست على هوى الحكومة الصينية، ويقول ستيوارت جيتيل باستن، أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا وجامعة خليفة في أبو ظبي، إن هذا الانكماش قد يعقد خطط الصين للتوسع الاقتصادي المستمر، وفقا لصحيفة NPR الأمريكية.

وقال جيتيل باستن: "عصر النمو السريع، والنمو المزدوج الرقمي، والعمالة الرخيصة، والقوى العاملة الشابة، اقترب بالفعل أن ينتهي، وهذه الأرقام تتعارض مع سياسات الحكومة الصينية التي تسعى عبر عدة إجراءات إلى زيادة معدلات الخصوبة خلال السنوات الماضية، وفق مخطط الدولة الاقتصادي.

هذا حصاد سياسة الطفل الواحد الشائنة لعقود

وتتحدث الصحيفة الأمريكية عن أسباب هذا الانخفاض، وكان على رأس تلك الأسباب هو حصاد سياسة الطفل الواحد الشائنة، حيث كانت معدلات الخصوبة في الصين تتناقص بالفعل في السبعينيات، وبحلول عام 1980، وضعت الحكومة الصينية رسميًا سياسة الطفل الواحد المثيرة للجدل، حيث فرضت قيودًا قانونية على الأسر من إنجاب أكثر من طفل واحد، وكانت السياسة تهدف إلى زيادة الحد من النمو السكاني في الصين والمساعدة في تحفيز الانتعاش الاقتصادي.

وقد أدى في النهاية إلى انخفاض معدلات الخصوبة وكثرة شيخوخة السكان، في العام الماضي ، شهدت الصين وفيات أكثر من المواليد ، ورغم أنه في عام 2015، أنهت الصين سياسة الطفل الواحد، وبدأت في السماح للأزواج بإنجاب طفلين. ووسعت العلاوة مرة أخرى في عام 2021، حيث سمحت بما يصل إلى ثلاثة أطفال، ولكن تلك السياسة لن تأتي ثمارها في الوقت القريب.

إحجام من العائلات عن تغيير معدلات الإنجاب

ولكن يبدوا أن تلك السياسات الجديدة للحكومة لا تحظى بقبول لدى الشارع الصيني، حيث يقول يون تشو، الأستاذ المساعد في علم الاجتماع بجامعة ميشيغان، لـ NPR إن محاولات الصين الأخيرة لعكس المسار وتشجيع العائلات على إنجاب المزيد من الأطفال لم تعمل، وأضاف : "من خلال بحثي الخاص، ما رأيته هو أن النساء غالبا ما يقاومن، وغالبا ما يعطين الأولوية لعملهن المأجور، ويعطون الأولوية لسعيهم للمثل الفردية على هذا التحفيز المستمر".

كما أشار تشو، إلى أنه على الرغم من أن الحكومة الصينية تشجع الأزواج من جنسين مختلفين المتزوجين على إنجاب المزيد من الأطفال، فإن الأشخاص المثليين والأشخاص غير المتزوجين غالبا ما يتم حذفهم من السياسات الرسمية.

جائحة كوفيد تزيد الضغط على معدل الخصوبة

وكان السبب الثاني الذي ذكرته الصحيفة الأمريكية في تحليلها، هو الضغوط التي أحدثتها جائحة كورونا على معدلات الخصوبة داخل التنين الصيني، فبعد الإبلاغ عن COVID-19 لأول مرة في ووهان، الصين، تسببت عمليات الإغلاق الناتجة في جميع أنحاء العالم في ألم اقتصادي بعيد المدى وعزلة اجتماعية، وكان هذا صحيحًا بشكل خاص في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث كان الناس في بعض الحالات محصورين في منازلهم لأيام أو حتى أسابيع، وتم فرض إجراءات إغلاق صارمة ضد الوباء لإبطاء انتشار الفيروس.

وقال جيتيل باستن إن الصين كان عليها أن تعاني في الثلاث أعوام الماضية، وذلك مع انعدام الأمن الاقتصادي الناجم عن الوباء وكذلك تحديات العمل من المنزل وصعوبة تكوين أسرة في ظل هذه الظروف الصعبة، والتي كانت صعبة بشكل خاص في الصين دون عن باق دول العالم.