شكلت صناعة القطن المصري طويل التيلة عصب صناعة الغزل والنسيج لسنوات طويلة، والتي تمر بخمس مراحل: زراعة القطن، والحلج، والغزل، والنسج، ثم تصنيع المنتج النهائي كالملابس الجاهزة والمفروشات وغيرها، ما يعني أنّها صناعة تكاملية، لذلك بدأت الدولة المصرية خطّة طموحة لتطوير تلك الصناعة واستعادة مكانتها مرّة أخرى.
وكان عام 1994 عاماً فاصلاً في صناعة الغزل والنسيج في مصر التي اشتهرت بالقطن طويل التيلة الذي لا مثيل له في العالم، القرار المصري آنذاك حرر سعر الأقطان بعد صدور القانون 210 لسنة 94؛ حيث وجدت شركات الغزل والنسيج نفسها في مهبّ الريح.
أكبر مصنع غزل ونسيج بالعالم
وتستعد مصر لافتتاح أكبر مصنع غزل ونسيج من نوعه في العالم والمزمع افتتاحه خلال أيام في المحلة الكبرى، بعد الانتهاء منه بالكامل في النصف الثاني من العام الماضي.
ويأتي مصنع الغزل والنسيج الجديد بشركة مصر للغزل والنسيج، في إطار تنفيذ خطة إعادة هيكلة وتطوير الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، بتكلفة تربو على 23 مليار جنيه.
وتم الانتهاء من أعمال تركيبات الهيكل الخرساني الرئيسي للمصنع، الذي يعد الأكبر في العالم؛ لإنتاج الغزول بطاقة تقدر بنحو 30 طن غزل يوميّاً.
وتم تركيب ماكينات ريتر السويسرية الأحدث في العالم داخل المصنع على مساحة 62.5 ألف متر.
وقال وزير قطاع الأعمال السابق، هشام توفيق، إن تحديث الماكينات والمعدات القديمة سيزيد كميات القطن المستخدمة من 250 ألف قنطار إلى مليون قنطار، وهو ما يسهم في إنتاج قطن شعر خالي من الشوائب يتماشى مع السمعة العالمية للقطن المصري.
في هذا الصدد، كشف الخبير الاقتصادي عمرو يوسف، أن المصنع هدفه استعادة ريادة مصر كما كانت في السابق، حيث يعد هذا المشروع أضخم مشروع تنموي خاص بقطاع الغزل والنسيج، حيث كانت مصر رائدة في مجال القطن لسنوات، والذي غزا دول العالم لسنوات طويلة قبل إصابة هذا القطاع بالوهن نتيجة عدم وجود إرادة حقيقية للتغيير والتحديث.
وأشار إلى أن مصر فقدت مركزها المتميز نتيجة الإهمال والترك لتأتي جهود الدولة نحو إعادة تهيئة هذا القطاع الهام وتطوير تلك الصناعة عبر أكبر تلك المصانع في الشرق الأوسط بمساحة تتجاوز الـ60 ألف متر مربع، والقابع هناك في المحلة الكبرى مهد تلك الصناعة الهامة.
أهمية إنشاء مصنع الغزل والنسيج
وأوضح يوسف أن ذلك الافتتاح يأتي وفقا لخطة الدولة نحو الاستفادة قدر المستطاع من نصيب قطاع النسيج من مجمل النشاط الاقتصادي والإنتاجي لثلث من حجم الإنتاج بمصر، فضلا عن مساهمة هذا القطاع في توفير الأيدي العاملة بنسب معتبرة، ولذلك سوف يقوم المشروع على عدة محاور وأهداف هامة، والتي تتمثل في دعم قطاع الإنتاج والتصنيع باستغلال ما يمكن أن يتاح من إمكانات وفق خطط تصنيع مستحدثة تحافظ على مكانة مصر التنافسية في هذا المجال.
وقال إن الاستخدام الأمثل لمسألة تعظيم القيمة المضافة للمنتجات الزراعية الخاصة بتلك الصناعة كالقطن، والذى لن يتم تصديره بالصورة الخام لتعظيم الاستفادة من فارق الأسعار نتيجة إدخال عوامل تشغيلية عليه وتصديره كمنتج مصنع، وجودة المنتج وفق أحدث الآليات التكنولوجية، والتى تضمن إلى حد كبير عوامل الأفضلية والتنافس بشكل أفضل سواء بالداخل أو بافتتاح مراكز تسويقية بالخارج، ودعم خطة الصادرات المصرية وتحقيق حلم المائة مليار دولار، ما سوف يعمل على دعم الاحتياطيات النقدية الأجنبية، وتنشيط الأسواق ودعم التنمية الاقتصادية والتوسع فى استخدام العمالة ومحاربة البطالة، خاصة فى محيط تلك المجمعات الصناعية الكبرى.
دفع عجلة الاقتصاد والتنمية
وأضاف الخبير الاقتصادي، أنه تتوالى تلك الافتتاحات والتي من شأنها دفع عجلة التنمية الاقتصادية وإيجاد فرص حقيقية لتحقيق هذا النمو على أرض الواقع، أملا في تحقيق الهدف من وراء هذا، بالرغم مما يتعرض له العالم من أزمات جعلته يحتاط باقتصاداته دون التفكير في تنمية نتيجة تلك الظروف.
وفي هذا الصدد، قال وكيل المجلس التصديري للغزل والنسيج السابق، مجدي طلبة، إن فترة جائحة كورونا أثرت على العالم كله من حيث معدلات زيادة الإنتاج في الغزل والنسيج، وكانت مصر تأمل زيادة الإنتاج بشكل أكبر، مشيرا إلى أنه بالفعل تمت زيادة الإنتاج، ولكن ليس بالشكل المتوقع بسبب الجائحة.
وأضاف طلبة، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أن إنشاء أي مصنع غزل أيا كان حجمه، هو إضافة قوية جدا للبنية الأساسية لصناعة الغزل والنسيج في مصر، موضحا أنه في السابق كانت مصر تعاني من وجود قاعدة أساسية ضعيفة في صناعة الغزل والقماش، ولكن المصنع الجديد سيكون إضافة قوية للبنية الأساسية وسيزيد حجم إنتاجنا من المنتج التام.
وأوضح أن المنتج التام هو الملابس والمفروشات، وهذه المنتجات تعتمد على صناعة الغزل، ومع بناء المصانع الجديدة، فإن المواد الخام ستزيد، وبالتالي يزيد حجم الإنتاج، بما يساهم أيضا في زيادة القيمة المضافة والتنافسية، لافتا إلى أن "أي إضافة للقاعدة والبنية الأساسية في صناعة الغزل والنسيج في مصر، سواء من القطاع الخاص أو القطاع العام؛ هو أمر مطلوب، وأمر جيد جدا".
جهود الدولة للنهوض بصناعة الغزل والنسيج
وتولي الحكومة المصريّة قطاع الغزل والنسيج اهتماماً كبيراً، وتشمل جهود الدولة في تطوير القطاع توفير جميع التسهيلات التي يحتاجها القطاع، إلى جانب تشجيع الاستثمار فيه وتقديم جميع التسهيلات والحوافز لجذب أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين، وذلك عن طريق الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة المسئولة عن تنظيم قطاع الاستثمار بموجب قانون الاستثمار الذي يمنح المستثمرين الأجانب الحصول على ملكية تامة لاستثماراتهم، وبالتالي الحصول على أرباح استثماراتهم بالكامل.
وتواكب الشركة المصرية القابضة للغزل والنسيج التقدم العلمي في مجال صناعة النسيج من خلال:
- السعي المستمر لتحسين أساليب الإنتاج وتحديث الآلات واستخدام أحدث التقنيات المتاحة.
- ترسل الأيدي العاملة المصريّة إلى كبرى الشركات الدولية المختصة بالنسيج والغزل من أجل تدريبهم.
- دعوة الخبراء في هذا المجال إلى مصر من عدة دول مختلفة للاستفادة من خبراتهم.