عقب اجتماع مجلس الوزراء اليوم، عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مؤتمرا صحفيا؛ للإعلان عن مجموعة من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة حيال بعض القضايا الاقتصادية، في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وفي مستهل حديثه، أوضح رئيس مجلس الوزراء أن اجتماع مجلس الوزراء اليوم شهد اتخاذ مجموعة من القرارات تتضمن أخبارا سارّة للمواطنين؛ ويتمثَّل أولها في دعم الفلاح من خلال تحديد سعر مُجزٍ لتوريد القمح في هذا الموسم، في ضوء توجيهات الرئيس؛ حيث أقر مجلس الوزراء حافز توريد إضافي بمبلغ 250 جنيها للأردب؛ لتصبح القيمة الإجمالية لتوريد القمح 1250 جنيها للأردب، بدلا من القرار الذي سبق اتخاذه بتحديد سعر الأردب بقيمة 1000 جنيه لهذا الموسم، وهو سعر مجز مُقارنة بالعام الماضي؛ حيث كان إجمالي القيمة 880 جنيها للأردب، مضافا إليها الحافز.
وأكد رئيس الوزراء أن هذا القرار يُعد أمرًا مهمًا للغاية مع استمرار الدولة في صرف السماد المُدعم للفلاح، مُشيرًا إلى أن دور الدولة خلال الفترة القادمة سيركز على دعم الزراعة والفلاح المصري؛ ولذا فقد تم توجيه وزراء الزراعة والتموين والري، في اجتماع سابق هذا الأسبوع، ببدء دعم عدد كبير من السلع الاستراتيجية ذات الأولوية لتقليل الفجوة الاستيرادية، خاصة من المنتجات التي تدخل في صناعة زيت الطعام؛ مثل: الذرة وفول الصويا وعباد الشمس، موضحا في الإطار نفسه أنه سيتم الإعلان عن نظام للزراعة التعاقدية لتحديد سعر معين؛ لتشجيع الفلاح على زراعة تلك المحاصيل الاستراتيجية، كما ستحرص الدولة على تسويق تلك المنتجات؛ حتى يحقق الفلاح عائدًا مجزيًا بالتزامُن مع تقليل الفاتورة الاستيرادية.
وبشأن القرار الثاني الذي تم اتخاذه، أوضح رئيس الوزراء أنه تم الإعلان عن مبادرة مُقدمة لدعم القطاعات الإنتاجية ( الصناعة والزراعة)، والتي أقرها مجلس الوزراء اليوم بصفة نهائية لبدء تطبيقها اعتبارًا من الأسبوع المقبل، وبموجب تلك المبادرة، وهي المبادرة التي تحل محل مبادرة البنك المركزي بسعر فائدة قدرها 8%، حيث تم التوافق في المبادرة الجديدة مع اتحاد الصناعات، واتحاد الغرف التجارية، بحيث يتحمل المُصنِّع أو المُنتج نسبة فائدة 11%، على أن تتحمل الدولة باقي فرق سعر الفائدة بحيث يصبح إجمالي المبادرة 150 مليار جنيه، وبهذا، فإن الدولة تتحمل في السنة في حدود 10 مليارات جنيه فروقا لسعر الفائدة، وذلك من أجل دعم قطاعي الصناعة والزراعة.
وتابع رئيس الوزراء حديثه، مشيراً إلى نقطة أخرى قد تحدث عنها خلال زيارته لمحافظة شمال سيناء منذ بضعة أيام، وهي الخطوات التي بدأ البنك المركزي في اتخاذها في سبيل ضبط سعر الصرف والسياسة النقدية، وذلك بالتنسيق الكامل مع الحكومة، مشيراً لأهمية البيان الصادر عن البنك المركزي أمس.
وأكد مدبولي أن الفترة من 14 يناير حتى 17 يناير، شهدت الإفراج وإنهاء إجراءات إفراج عن بضائع في الموانئ بقيمة 4.8 مليار دولار، موضحاً أن الموجود في الموانئ المصرية حتى هذه اللحظة هو 5.3 مليار دولار فقط، منها 3 مليارات دولار لم يقدم المستوردون مستنداتهم المعتادة لإنهاء الإفراج عنها، لافتاً إلى أن الدولة المصرية بهذا في صدد إنهاء المتراكمات بالموانئ المصرية، والبدء في عودة حركة دخول وخروج البضائع بصورة طبيعية.
وأضاف رئيس الوزراء: ليس من الطبيعي أن يكون الرصيد بالموانئ صفرا، كون الدورة المعتادة هي خروج ودخول بضائع جديدة بصورة يومية، إلا أن الشيء المهم جدا، وفي إطار السياسة التنسيقية الكاملة بين الحكومة والبنك المركزي، تم الإفراج عن هذه البضائع، ومع عودة العديد من الموارد الدولارية للدولة، وهو ما تمت الإشارة إليه بصورة تفصيلية من قبل محافظ البنك المركزي في البيان الصادر أمس، الأمر الذي نضعه نصب أعيننا خلال الفترة القادمة، وهو كيفية ضمان توافر العملة الأجنبية واستقرار سعر الصرف، حتى يعود التوازن في السوق المصرية في هذا الشأن، وذلك كله بالتنسيق بين الحكومة والبنك المركزي.
ونوه رئيس الوزراء مجدداً عن أن الـ 5.3 مليار دولار بضائع ليست عبارة عن متراكمات، وخير دليل أن 3 مليارات دولار منها لم تستكمل الأوراق المعتادة للإفراج عنها.
وخلال المؤتمر الصحفي، تطرق رئيس الوزراء إلى نقطة مهمة أخرى، والتي تمت مناقشتها مع كل من وزيري التجارة والصناعة، والبترول، وهي الأرقام الأولية لحجم الصادرات المصرية في عام 2022، موضحاً أن حجم الصادرات المبدئي يبلغ 53.8 مليار دولار، وذلك مقارنة بـ 45 مليار دولار لعام 2021، أي تقريبا زيادة تقترب من الـ 20% ارتفاعا في حجم صادرات مصر لعام 2022، وذلك على الرغم من مختلف التحديات التي تواجه قطاع الصناعة والإنتاج في مصر، فضلا عن الظروف الصعبة التي تمر بها دول العالم.
وفي هذا السياق، قال الدكتور مصطفى مدبولي: لولا الظروف الاستثنائية الصعبة التي مررنا بها في 2022، كان الرقم سيكون أعلى من ذلك، ولكن مع كل هذا فإننا نسير في الطريق الصحيح من حيث زيادة الصادرات المصرية كل عام بأرقام جيدة للغاية وبنسب ليست بالقليلة تدور حول معدل 20%، مستدركا بقوله: الرقم المهم أن وارداتنا غير البترولية ظلت بأرقام ثابتة ولم يطرأ عليها تغيير عما كانت عليه في 2021، وذلك في حدود الـ 80 مليارا.
وفي سياق ذلك، أشار رئيس الوزراء إلى أننا واجهنا في عام 2022 بارتفاع أسعار العديد من السلع مثل الوقود والقمح، وجميع المستلزمات الزراعية التي نستوردها من الخارج، ومع ذلك فأرقام فاتورة الواردات لم تتغير، وهذا معناه أننا بدأنا بالفعل من خلال خطة الترشيد وخطة مراجعة وحوكمة الواردات أن نصل إلى تقليل الكميات المستوردة، ولكن نتيجة زيادة الأسعار فالرقم الإجمالي للواردات ظل ثابتا بنفس أرقام العام 2021، ولا يزال أمامنا شوط كبير نتحرك نحوه؛ حتى نتمكن من تجاوز هذه الفجوة خلال سنوات قليلة قادمة.
ثم انتقل رئيس مجلس الوزراء للحديث عن نقطة أخرى في سياق المؤتمر الصحفي حول خطة الحكومة لتوفير الموارد الدولارية على مدار عام 2023 بأكمله؛ وذلك بهدف تغطية أية فجوة قائمة خلال الفترة المقبلة؛ حتى لا يحدث عجز دولاري، موضحا أن هذا الأمر سيتم تنفيذه من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات سيتم الإعلان عنها حينما تتبلور بشكل كامل؛ ولذا فالحكومة تتحرك باتجاه غلق هذه الفجوة الدولارية، تنفيذا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للحكومة بهذا الشأن.
واختتم الدكتور مصطفى مدبولي المؤتمر الصحفي بحديثه عن نقطة أخيرة تدور حول زيادة الاستثمارات وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن اللقاءات التي عقدها بحضور عدد من المستثمرين الأجانب تضمنت نقاشات حول ضرورة إعلان الحكومة للسياسات الضريبية للسنوات الخمس والعشر المقبلة، منوها في هذا الإطار إلى انتهاء الدكتور محمد معيط، وزير المالية، بالفعل من إعدادها وسيتم الإعلان عنها في مؤتمر صحفي آخر خلال الفترة القليلة القادمة؛ كي يتسنى توضيح مسار السياسة الضريبية للدولة المصرية، وهو الاتجاه نحو الاستقرار ومنح مزيد من التيسيرات؛ لتشجيع الاستثمارات في الفترة القادمة.