48 ساعة ساخنة اليوم والغد، تمر بها القضية الفلسطينية، في تحركات يقف خلفها أكثر من 100 دولة حول العالم، سواء كانت عربية، أو دولية، وذلك بعد تراكم كارثي لغطرسة الاحتلال الإسرائيلي، من انتهاكات بحق الشعب الفلسطيني، وكان آخرها حزمة العقوبات التي أشعلت غضب العالم بحقها بعد تحرك الدبلوماسية الفلسطينية الناجح داخل مجلس الأمن الدولي.
وينتظر العالم غدا نتائج اجتماعين كبيرين يناقشان القضية الفلسطينية، أحدهما قمة عربية تجمع دول الخليج بحضور زعماء مصر وفلسطين والأردن، بينما الاجتماع الثاني سيكون على المستوى الدولى، حيث يجمتع مجلس الأمن لمناقشة القضية الفلسطينية، وذلك في ضوء بيان 99 دولة حول العالم ضد قرارات إسرائيل الاستفزازية.
عقوبات إسرائيل التي استفزت العالم
وفي تحرك عقابي على تحركها الأخير في الأمم المتحدة، قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجمعة الماضية، فرض حزمة من العقوبات المالية على السلطة الفلسطينية، بعد نجاحها في دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة على التصويت لصالح مطالبة محكمة العدل الدولية الإدلاء برأيها في مسألة شرعية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية.
والقرارت الصادرة عن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر
تحويل نحو 139 مليون شيكل (37,3 مليون دولار) من أموال السلطة الفلسطينيّة التي تحصل عليها إسرائيل بشكل رسوم جمركيّة، لعائلات ضحايا هجمات فلسطينيّة
الاحتفاظ بأموال أخرى للسلطة الفلسطينيّة، بقيمة ما دفعته هذه السلطة في العام 2022 "لعائلات الشهداء والأسرى
تجميد خطط بناء للفلسطينيّين في بعض الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة منذ العام 1967.
ماذا فعلت الدبلوماسية الفلسطينية؟
حالة الهياج التي تعاملت بها دولة الاحتلال الإسرائيلي جاءت بعد أن نجحت الدبلوماسية الفلسطينية في تحريك الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تبنت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في 31 ديسمبر، بناءً على طلب السلطة الفلسطينيّة، قرارًا يطالب محكمة العدل الدوليّة بالنظر في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينيّة.
ودعا نصّ القرار المحكمة الدوليّة التي تتّخذ لاهاي مقرًّا، إلى تحديد "العواقب القانونيّة لانتهاك إسرائيل المستمرّ لحقّ الشعب الفلسطيني في تقرير المصير"، بالإضافة إلى إجراءاتها "لتغيير التركيبة الديموغرافيّة لمدينة القدس وطابعها ووضعها"، كما دعا القرار إسرائيل إلى وضع حدّ للاستيطان، ولكنّ الجمعيّة العامّة لا تملك سلطة ملزمة، خلافًا لمجلس الأمن الدولي حيث تملك الولايات المتحدة حليفة إسرائيل حقّ النقض (الفيتو).
قمة أبو ظبي .. الخليج يجتمع مع مصر والأردن وفلسطين
وخلال الـ24 ساعة القادمة، ستكون القضية الفلسطيني حاضرة في اجتماعين هامين، الأول تستضيفه العاصمة الإماراتية أبوظبي، في قمة عربية وخليجية يشارك فيها عدد من قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، وبحسب مصادر عدة، يناقش الحاضرون في الاجتماع قضايا مختلفة، على رأسها القضية الفلسطينية، دون الكشف عن تفاصيل أكثر عن الاجتماع.
وحتى الآن لم تعلن أمانة مجلس التعاون الخليجي عن الاجتماع، في حين كشفت وكالة الأنباء العمانية عن مشاركة االسلطان هيثم بن طارق في الاجتماع، الذي يحضره أيضاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود أبو مازن، وقد كشفت المصادر الرسمية أن سلطان عُمان يزور الإمارات الأربعاء.
وجاء في بيان صادر عن ديوان البلاط السلطاني أن “السلطان هيثم بن طارق يلبي دعوة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، للمشاركة في لقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي وملك الأردن عبد الله الثاني ابن الحسين والرئيس المصري”.
مجلس الأمن يناقش القضية الفلسطينية غدا
أما الاجتماع الثاني، فقد أعلن عنه مندوب دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، والذي قال اليوم الثلاثاء، إن أعضاء مجلس الأمن الدولي سيعقدون غدًا نقاشًا مفتوحًا حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، معربا عن أمله أن تستمر الدول في الضغط إلى أن تتراجع إسرائيل عن هذه الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد أن العريضة التي وقعت عليها عشرات الدول رفضا لإجراءات الاحتلال الأخيرة ضد الشعب الفلسطيني هامة جدا، ويمكن البناء عليها لاتخاذ مواقف عملية من تلك الدول، مضيفا أن العريضة التي تدعو دولة الاحتلال إلى التراجع الفوري عن تلك الإجراءات كان مقصودا أن تصدر قبيل جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن فلسطين يوم غد.
تحضيرات القمتين كانت في القاهرة
فيما كانت الـ24 ساعة الماضية، قد انعقد بهم اجتماعان هامان أيضا، أحدهما انعقاد القمة الثلاثية بين الزعماء الثلاثة لكلا من مصر والأردن وفلسطين، والذي جاء في توقيت حساس بعد الممارسات الإسرائيلية الأخيرة بحق الشعب الفلسطيني، والتي يمكن أن توثف بأنه قمة الخطوط الحمراء، حيث رصدت بدقة كافة آلام الشعب الفلسطيني، وكافة انتهاكات الطرف الإسرائيلي، وتم صياغة واضحة لـ10 ضرورات، و3 تحذيرات في رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي، فقد كان أفضل تحضير لاجتماع أبو ظبي ومجلس الأمن غدا.
ووفق البيان النهائي للقمة التي انعقدت اليوم بقصر الاتحادية بالقاهرة، فقد صاغ الزعماء 10 ضرورات تعد الخطوط الحمراء للقضية الفلسطينية، وهي :
ضرورة توفير المجتمع الدولي الحماية للشعب الفلسطيني الشقيق وحقوقه المشروعة وتكاتف الجهود لإيجاد أفق سياسي حقيقي يعيد إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين
ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام العادل والشامل
ضرورة وقف الاستيطان
ضرورة وقف مصادرة الأراضي الفلسطينية
ضرورة وقف هدم المنازل وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم
ضرورة وقف الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للمدن الفلسطينية،
ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ووقف أي انتهاكات في هذا الشأن
ضرورة احترام حقيقة أن المسجد الأقصى المبارك الحرم/ القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة الوحيدة المخولة إدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك وتنظيم الدخول إليه
ضرورة استمرار المجتمع الدولي في دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وضرورة توفير الدعم المالي الذي تحتاجه للاستمرار في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين وفق تكليفها الأممي
ضرورة التأكيد أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس ودورها في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية.
وفي رؤية عميقة وفاحصة لخطورة الوضع الراهن، أرسل الزعماء الثلاثة 3 تحذيرات في قمة الخطورة، تعكس مخاوف حقيقة من استمرار الوضع الراهن ومآلات ذلك على الوضع على الأرض داخل فلسطين، وهي تهدف عدم انفجار الغضب الشعبي الفلسطيني لما يمر به من ظروف صعبة .. والتحذيرات هي:
التحذير من خطورة استمرار غياب الأفق السياسي وتداعيات ذلك على الأمن والاستقرار.
التحذير من استمرار الانقسام الفلسطيني، وأنه من الضروري توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام، الذي يعد مصلحة وضرورة للشعب الفلسطيني الشقيق
التحذير من خطورة تأخير إعادة إعمار غزة، وتأثير ذلك على الجهود المصرية المبذولة للحفاظ على التهدئة في القطاع وإعادة الإعمار، مع التأكيد مجدداً على مسؤولية المانحين الدوليين في جهود إعادة إعمار القطاع.
توقيت حساس مع قلق أممي شمل 99 دولة
فيما كان الحدث الثاني الهام هو البيان التاريخي الذي صدر عن 99 دولة بالعالم، تدين فيه الممارسات الإسرائيلية بحق السلطة والشعب الفلسطيني، حيث أعربت دول ومجموعات أضاء في الأمم المتحدة، عن قلقها الشديد إزاء قرار الحكومة الاسرائيلية بفرض إجراءات عقابية ضد الشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية والمجتمع المدني، بعد طلب الجمعية العامة لرأي استشاري من قبل محكمة العدل الدولية، حول ماهية الاحتلال الاسرائيلي وانتهاكه لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
وجددت هذه الدول - في بيان صادر عنها - تأكيدها على دعمها الراسخ لمحكمة العدل الدولية والقانون الدولي كحجر الزاوية للنظام الدولي، كما أعادت التأكيد على تمسكها بالنظام متعدد الأطراف، وقالت: "بمعزل عن موقف كل دولة حول قرار الجمعية العامة، نرفض الاجراءات العقابية ردا على طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية او بشكل عام ردا على اي قرار للجمعية العامة، ونطالب بالتراجع الفوري عن هذه الإجراءات، وطالبت هذه الدول من إسرائيل التراجع الفوري عن هذه الاجراءات غير القانونية.