الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نجاح البصرة.. "ضربة معلم"

عمر الأحمد - كاتب
عمر الأحمد - كاتب وصحفي إماراتي

صدمة، فزع، وتوتر.. هذه هي المشاعر التي يعيشها "نظام الملالي"، خلال هذه الأيام، جراء الترحيب الكبير والمشاعر الجياشة التي قدمها الشعب العراقي لأهله الخليجيين في بطولة كأس الخليج العربي بنسختها الـ25 التي تستضيفها مدينة البصرة العراقية. كما أن هذه الصدمة كانت أيضاً لنسبة كبيرة من الشعوب الخليجية، وكأن لسان حالهم يقول "ما هذه المشاعر التي يكنها الشعب العراقي لنا.. لماذا ما نراه في بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي عكس ذلك؟! " وهنا يكمن مربط الفرس.

منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ودخول القوات الأمريكية للعراق عام 2003، وسطوة نفوذ "نظام الملالي" على النواحي السياسية والأمنية وحتى الثقافية في العراق، وشعوب المنطقة تعيش في حالة "توهان"، حيث علا صوت الطائفية وهو الذي لم يكن يسمعه أحد، وعزز هذا الصوت دور وسائل الإعلام المبغضة بشكل متعمد، والمحبة وقطعا بشكل غير متعمد. ثم أتت ولادة تنظيم "داعش" الإرهابي، وبدأ دور المعادين في تشويه صورة دول الخليج العربي، بنشر أكذوبة سخيفة أن "داعش" صنيعة خليجية كان الهدف منها تدمير العراق ! وانقسم الشارع العراقي إلى مصدق لهذه الأكذوبة، وإلى مكذب لها لسخفها وليقينه بصدق نوايا الخليجيين. إلا أن الأكاذيب والعمل على نشرها وباستمرار يحولها إلى مسلمات، وهنا أتذكر المقولة الشهيرة لجوزيف غوبلز وزير الدعاية النازي وأحد الشخصيات المقربة من أدولف هتلر، حينما قال: "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس". كما عملت الآلة الإعلامية لـ "نظام الملالي" وتوابعها على تجييش وتحشيد مشاعر الكره لدى قلة من العراقيين تجاه الخليجيين ونشرها في وسائل الإعلام التقليدية والجديدة (السوشل ميديا)، والهدف من ذلك صناعة جبال جليدية بين العراق وأشقائه الخليجيين، واستحواذ "نظام الملالي" على ما تبقى من العراق ودق المسمار الأخير في نعش عروبته. ثم أتت الصدمة !

بطولة خليجي البصرة 25، حققت الأهداف الحقيقية من إنشاء هذه البطولة منذ قرابة 53 عام، ومنها توحيد الشعوب الخليجية تحت شعار "خليجنا واحد"، وظهر هذا جليا من حفاوة وترحاب الشعب العراقي للوفود والجماهير الخليجية، كما أن مشاعر الشوق واللهفة والكرم والمحبة الخالصة والواضحة من العراقيين للخليجيين والتي لا يمكن إخفاؤها أو التغاضي عنها، دمرت كل محاولات التفرقة بين العراق والدول الخليجية على مدى 20 عام، وأظهرت المعدن الحقيقي للشعب العراقي، والشواهد كثيرة، آخرها تعبئة المركبات الخليجية من الوقود في محطات البصرة بشكل مجاني! ولا يفوتني أن أشكر وأثني على كل من أصر على إقامة البطولة في البصرة والعمل على نجاحها، فالنتائج المبهرة على الصعيد الرياضي والثقافي والسياسي وحتى الاجتماعي لم يتصورها أحد، كانت فعلاً "ضربة معلم".

لفتني مقطع مؤثر لسيدة عراقية تبدو عليها أثار المرض، حين التقى بها مراسل قناة أبوظبي الرياضية، مطلة ومرحبة من نافذة منزلها، حيث قالت بثغر باسم وباللهجة العراقية الدافئة "البصرة كلها بيوتكم وكلنا أهلكم"، وهناك مشهد آخر لسيدة عراقية أخرى أثناء حضورها لإحدى مباريات البطولة، وسألها المراسل عن مشاعرها، وأجابت "فرحانين بيكم هواية"، ومشهد آخر لرجل عراقي يبكي فرحا برؤية الخليجيين على أرض العراق. هذه المشاهد عينة عشوائية بسيطة تلخص الكثير مما قيل وقد يقال، وتجسد مشاعر الشعب العراقي الذي لا يكف عن حبه وانتمائه لأشقائه الخليجيين والعرب، وهي مشاعر بلا شك يموت منها العدو كمدا. عاش العراق عربيا أبيا قويا وعزيزا .. ويبقى "عراقنا غالي علينا".