تتخذ مصر موقفا ثابتا يهدف إلى صون أمنها المائي من خلال إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، لضمان التدفق الطبيعي التاريخي لمياه النيل إلى مصر، والاعتماد الكلي لمصر على نهر النيل كمصدر أساسي للمياه.
ملف سد النهضة
ويلقى الموقف المصري بشأن ضرورة تسوية مسألة سد النهضة مع الجانب الإثيوبي عبر الطرق القانونية والقنوات الدبلوماسية دعما كبيرا من الأصدقاء والشركاء الدوليين، ومن بينهم الصين، التي قام وزير خارجيتها تشين جانج، بزيارة إلى القاهرة اليوم الأحد، ضمن جولته الخارجية، "انطلقت قبل عدة أيام وتشمل عددا من الدول الأفريقية".
وأكد وزير الخارجية المصري السفير سامح شكري، ونظيره الصيني، تشين جانج، عمق علاقات التعاون التي تربط بين البلدين في شتى المجالات، جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده الوزيران، اليوم الأحد، في ختام مباحثاتهما بالقاهرة.
وأشاد وزير الخارجية سامح شكري، بعلاقات التعاون مع جمهورية الصين الشعبية، وكذلك الآليات التي تربط قيادة البلدين لوضع رؤية لتحقيق المصالح المشتركة بين القاهرة وبكين، وتحقيق دور السلم والاستقرار في إطار الدور الصيني الهام بمجلس الأمن، لافتا إلى أهمية تعزيز التعاون لإعلاء المبادئ القائمة عليها العلاقات في ظل التنسيق المشترك بعيدا عن ازدواجية المعايير.
وأوضح وزير الخارجية، أن العمل بين البلدين يجري على أساس التعاون المشترك، وعدم التدخل والمصلحة المشتركة، مشيرا إلى أهمية تعزيز التعاون التنموي، قائلا: "ستعمل مصر في التواصل والعمل المشترك مع الصين على كافة الأصعدة".
وأشار وزير الخارجية إلى وجود آفاق للتعاون المشترك بين البلدين، موضحا أن المباحثات تطرقت للقضية الفلسطينية وتطوراتها مع الدور الصيني الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وحل الدولتين وتحقيق الاستقرار في المنطقة، مؤكدا أنه تم التطرق مع الوزير الصيني إلى ملف سد النهضة، وضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم، ورفض الإجراءات الأحادية، والتطلع لدور صيني داعم في هذا الإطار، فضلا عن التشاور حول أزمة الغذاء والطاقة وهي موضوعات رئيسية تم تناولها في المباحثات.
وسبق أن أوضحت وزارة الخارجية الصينية في بيان لها، أن تشين جانج وزير الخارجية الصيني الجديد، بدأ زيارة خارجية إلى إفريقيا تتضمن زيارة مصر وإثيوبيا وأنجولا وبنين والجابون، بجانب زيارة مقر الجامعة العربية بالقاهرة، والاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، خلال الفترة من 9 إلى 16 يناير الجاري.
وتحمل زيارة وزير الخارجية الصيني تكهنات بشأن إمكان ممارسة بكين دورا لتقريب وجهات النظر بين أديس أبابا والقاهرة، في ما يتعلق بملف "سد النهضة"، الذي عاد للظهور، وسط أنباء عن مواصلة السلطات الإثيوبية إجراءات تشييد السد استعدادا للملء الرابع خلال موسم الفيضان الصيف المقبل.
وأشار عدد من المراقبين إلى أن الصين ترغب في ممارسة دور أكبر داخل القارة الإفريقية، وأن هذا الدور لا يقتصر على الدور الاقتصادي، مؤكدين أن أهم وأبرز الملفات التي قد تظهر دور بكين القوي في القارة السمراء هو ملف سد النهضة.
الصين شريك لإفريقيا
وقال بيان سابق لوزارة الخارجية الصينية، إن زيارة جانج تأتي في إطار "تعميق الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة بين الصين وبلدان أفريقيا، وتعزيز التعاون الودي معها"، وأنه سيزور مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، ومقر الجامعة العربية في القاهرة.
وعيّنت الصين في أواخر ديسمبر الماضي، تشين جانج وزيرا جديداً للشؤون الخارجية، وكان قد شغل من قبل منصب سفيرها لدى واشنطن.
وقال السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الصين تقدم نفسها كشريك للقارة السمراء، مشيراً إلى أن الصين تمتلك علاقات جيدة وكبيرة لدى كافة الشركاء الذين ينوي وزير خارجية بكين زيارة بلدانهم، موضحًا أن "ملف الأمن والاستقرار والمشروعات التنموية سيكون على رأس أولويات الجانب الصيني".
وأكد حليمة خلال تصريحات صحفية، إن بكين لديها رغبة في حل النزاعات الأفريقية وعلى رأسها ملف أزمة سد النهضة من خلال لعب دور أكثر إيجابية، يعزز من تواجدها الأفريقي.
وقال السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، إن مصر تسعى جاهدة؛ لأن يكون ملف سد النهضة مطروحا على أجندة أي تفاوض أو اجتماعات، وهذا يعتبر في حد ذاته نجاحا كبيرا، ولكن على ما يبدو أن الجانب الإثيوبي ليس لديه أي رغبة في الانصياع لتوجهات الأمن العام الدولي والإقليمي فيما يخص ملف سد النهضة.
ولفت العرابي - خلال تصريحات لــ"صدى البلد"، إن البيانات الصادرة من الدول لن تكون كافية لكي تتحرك إثيوبيا لتوقيع اتفاق شامل يخص مصر والسودان، مشددا على "ضرورة وجود إجراءات أخرى أكثر فاعلية لحلحلة الأزمة وعقد اتفاق بين الدول".
وتابع وزير الخارجية الأسبق: الدولة الإثيوبية ليس لديها أي نوايا سياسية للجلوس مع الأطراف المعنية ولا حتى لديها نوايا أن تعطي للعالم انطباعا بأنها دولة تراعي القانون الدولي، وبالتالي البيانات الصادرة لن تحدث تغييرا جذريا في الملف ولن تؤثر في الجانب الإثيوبي.
وتابع: إثيوبيا تعمل الآن جاهدة على أن تفك العزلة التي فرضت عليها نتيجة "مواقفها" وليس من جانب أحد، حيث إنها بعيدة تماماً عن أحكام القانون الدولي.
أما عن مصر، فأشار وزير الخارجية الأسبق، إلى أن الدولة المصرية نجحت في حشد الرأي العالم الدولي والإقليمي تجاه هذه الأزمة، وأن تعمل وفق المعاهدات والقوانين الدولية.