تمثل تحويلات المصريين بالخارج من أهم المصادر التي توفر العملة الأجنبية لضمان سعر صرف متوازن للجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وبالتالي الصمود في وجه الأزمات، خاصة وأن دول العالم بأكملها تعاني من أوضاع الاقتصادية المتوترة في العالم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا التي ضربت العالم في 2020.
وشهدت تحويلات المصريين بالخارجنموا ملحوظا بنسبة 5% خلال عام 2022 على الرغم من الأزمات العالمية - وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي.
وأطلق المصريون في أمريكا مبادرة "كن إيجابي يا مصري"، بهدف دعم الاقتصاد المصري، وذلك من خلال تحويل 200 دولار من كل مصرى بالخارج إلى البنك المركزي.
كن إيجابي يا مصري
وقال الدكتور عصام الدين بسيونى، من مؤسسي المبادرة، نائب رئيس الاتحاد العام للمصريين بالخارج في أمريكا، إن المبادرة التي تم إطلاقها تهدف لدعم الشعب المصري، فهناك "10 ملايين مصري بالخارج"، ونسعى لتغذية البنك المركزي بـ 2 مليار دولار، مؤكدًا أن المبادرة تستهدف كل المصريين سواء الموافقين على أداء الحكومة فى إدارة الأزمة الاقتصادية أو من لديهم تحفظات عليها، لأن هدفها الرئيسي هو دعم مصر وأهلها.
ولاقت مبادرة كن إيجابي يا مصري ترحيبًا من جانب الجاليات المصرية بالخارج، إذ طالب صفوت يوسف، من المقيمين بالخارج، بعمل حملة تبرعات يقوم بها الاتحاد العام للمصريين بالخارج، من خلال فروعه فى العديد من الدول، بصفته كيانًا رسميًّا، ويتم التبرع بها رسميًّا وعلنًا لكي يكون قدوة ونموذجًا للكيانات الأخرى.
كما طالبت نور محمد من أبناء مصر في أمريكا، بإنشاء مصانع وتشجيع المستثمرين للعمل داخل مصر.
وارتفعت تحويلات العاملين المصريين بالخارج - بحسب بيانات البنك المركزي المصري، بنسبة 1.6% خلال السنة المالية 2021-2022؛ لتسجل نحو 31.9 مليار دولار مقابل نحو 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020-2021، أي بنسبة ارتفاع بلغت 5% عن العام المالي السابق.
وقال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن تحويلات المصريين بالخارج لها أهمية بالغة نظرا لكونها قادرة على توفير العملة الأجنبية الأمر الذي يسهم في العديد من القطاعات المهمة للاقتصاد المصري.
وأضاف الإدريسي - خلال تصريحات صحفية سابقة، أن التحويلات تسهم في دعم سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، كما أنها تعكس ثقة المصريين العاملين في الخارج، في السياسات النقدية والسياسات الاقتصادية التي تقوم بها الدولة، كما تشكل التحويلات مصدراً مهماً للعملة الأجنبية إلى جانب إيرادات قناة السويس والسياحة والاستثمار الأجنبي المباشر.
من جانبه قال الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، إن سياسة البنك المركزي ستعمل على زيادة تحويلات المصريين بالخارج، مع جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والخارجية، مشيرا إلى أن الدولة المصرية قامت بعمل بنية تحتية بهدف استقبال المزيد من الاستثمارات الخارجية لتوطين الصناعة والإنتاج على الأراضي المصرية.
بدوره قال عبدالمنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إن طرح شهادات جديدة بعائد 25% يهدف للحفاظ على الحصيلة الدولارية وتقليل حجم التضخم الحالي، وأن عملية التعويم الجزئي أو الكلي يستتبعها وجود شهادات استثمارية، خاصة بعد انخفاض تدفق أموال تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 5% خلال الشهور الماضية، والتي تعد من المصادر الدولارية المهمة للدولة المصرية، والتي تتخطى 32 مليار دولار.
ولفت السيد - إلى أن الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي الذي تم الموافقة عليه يوم 16 ديسمبر 2022 كان يقضي بوجود مرونة في تحديد سعر الصرف.
العالم يمر بظروف صعبة
ودعا النائب عمرو هندي، عضو مجلس النواب عن المصريين بالخارج، المصريين بالخارج لدعم الاقتصاد الوطني، وأن يكونوا القوة الناعمة المساندة للوطن، قائلا: "مصر والعالم يمر حاليا بظروف استثنائية جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وسبقها جائحة كورونا، وبالتالي هناك دور كبير على أبناء مصر بالخارج في دعم وطنهم في المرحلة الراهنة".
وأكد هندي أهمية دعم المصريين بالخارج للدولة المصرية في المرحلة الراهنة التى تستوجب تكاتف كافة المصريين خلف وطنهم وخلف القيادة السياسية التي لم تتوانى في تحقيق حياة كريمة للمواطن، مطالبا بضرورة التوعية للمصريين بالخارج أن مصر لن تقوم إلا بسواعد أبنائها بالخارج، موجها حديثه للمصريين بالخارج: "مصر في ضهركم، المصريين بالخارج يصل عددهم تقريبا إلى 14 مليون لو كل شخص استثمر 200 دولار شهريا هيفرق هذا المبلغ مع الوطن ويعود بالنفع على المواطن نفسه".
جاء ذلك خلال لقاء بأعضاء الجالية المصرية بدولة الإمارات العربية المتحدة، بحضور سها الجندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والسفير شريف البدوي سفير مصر بالإمارات ورؤساء النوادي المصرية بالإمارات وأعضاء الجالية المصرية هناك.
وتابع: "دورنا دعم الوطن فى الوقت الراهن فى ظل الظروف الراهنة التى يمر بها العالم أجمع، وأن التحويلات الدولارية سيكون لها دور كبير فى دعم الاقتصاد الوطني وتوفير العملة الصعبة"، مطالبا مزيد من الوعي وتشجيع المصريين بالخارج للقيام بهذا الدور المحورى خلال هذه الفترة وأن الجميع معنى بمساندة ودعم والوقوف خلف الدولة المصرية لمواجهة تداعيات الأوضاع العالمية.
وأوضحت السفيرة سها جندي، وزيرة الهجرة، أن الجالية المصرية في الإمارات من أكثر الجاليات تميزا والتزاما، مشيدة بالدور الذي تقوم به السفارة المصرية والقنصلية العامة في دبي للاستفادة من جهود وخبرات المصريين بالخارج.
كما حرصت على الاستماع إلى المستثمرين ومقترحاتهم، لتطوير المناخ الاستثماري في مصر، حيث قامت من جانبها باستعراض التطورات الخاصة بتسهيل وزارة الهجرة مشروع إنشاء الشركة الاستثمارية للمصريين في الخارج، بالإضافة إلى مختلف فرص الاستثمار المتاحة في مصر، ومناخ الاستثمار المواتي والمحفزات الممنوحة والمجالات ذات الأولوية بالنسبة لمصر، وعلى رأسها مجالات التصنيع والمجالات الإنتاجية.
وأكدت وزيرة الهجرة أن الدولة المصرية طامحة للتطور والنمو، ونسعى لوضع أنفسنا على الخريطة الدولية للاستثمار، بجانب تعزيز فرص الاستثمار للمصريين بالخارج، بالتعاون بين وزارة الهجرة ومختلف وزارات ومؤسسات الدولة المصرية، والاستفادة من خبرات المصريين بالخارج في المجالات الاقتصادية والتجارية، وجهودهم في دول الإقامة، أخذا في الاعتبار التجربة الدولية الغنية التي يعايشها المستثمرون في الخارج وانفتاحهم على التجارب الثرية للدول المقيمين فيها، وما يمكن لهذه التجارب أن تسهم به في إذكاء المناخ الاستثماري في مصر.