تواجه الدولة المصرية أزمة اقتصادية قاسية نتيجه لعدة أسباب، ما جعلها مضطرة لإجراءات الإصلاح الاقتصادي التى تطلبت بعض الإجراءات الضرورية من أجل التعافى بعد تراجع الاحتياطي النقدي، حيث تراجع من 36 مليار دولار إلى أدنى مستوياته لـ13.242 بسبب أحداث يناير 2011 التى أدت لهروب الاستثمارات وتوقف قطاع السياحة بالكامل، ثم جاءت تداعيات فيروس كورونا كوفيد -19 لتعود بالاقتصاد المصري للمربع الذى كانت عليه قبل بدء عملية الإصلاح الاقتصادي، ثم جاءت الحرب الأوكرانية الروسية لتقضى على الأخضر واليابس فى كل دول العالم وليست مصر وحدها.
وبالرغم من ذلك، قامت الدولة المصرية باتخاذ بعض الإجراءات التى تحد من شدة وقساوة الأزمة والتخفيف من تداعياتها على المواطنين، منها التوسع فى فتخ منافذ ثابتة وأخرى متحركة توفر السلع بالأسواق للمواطنين بأسعار منخفضة عن أسعار السوق العالمية، والسماح للمصريين بالخارج باستيراد سيارات دون رسوم الجمارك مقابل وديعة دولارية تسترد بعد خمس سنوات لتوفير سيولة دولارية، إلا أن ذلك القرار قوبل بقرارات أخرى مجابهة للتصدى لخطوة الدولة المصرية لتعافي الاقتصاد من قبل بعض الدول العربية الشقيقة والصديقة أيضا، حيث أصدرت قرارا يحظر على المصريين توريد سيارات أو مشغولات ذهبية للأراضى المصرية، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للسجن والترحيل من البلاد.
فبات من الواضح أن الدولة المصرية تحارب عدة جبهات فى آن واحد، منها حرب الشائعات والتشويه ودعوات التخريب والتآمر من دول شقيقة بجانب خونة الداخل والخارج، وهى حرب الجيل السابع التى تستدعى السيطرة الكاملة على الفرد لينفذ الأوامر دون تفكير كأنه آلة تمت برمجتها، ولا يوجد حل أنسب للقدرة على السيطرة العقلية على الأفراد بمختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية، سوى تهديد مأكلهم وإشعارهم بأن رغيف الخبز أصبج مهددا بالاختفاء وأن أبسط متطلبات المعيشة من طعام أصبحت صعبة المنال، وحروب الجيل السابع هى إحدى أدوات الاعداء للدولة المصرية للنيل منها بعد فشل تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى تصدت له الدولة المصرية بقوة وأحبطته وأنقذت دولا شقيقة من السقوط فى براثنه.
ونتيجة لذلك، مر الاقتصاد المصري بعدة تحديات كبيرة، وبفضل القيادة الرشيدة تمكنت الدولة المصرية من محاربة الإرهاب وإعادة الأمن وبناء مؤسسات الدولة وإنشاء قناة السويس الجديدة، ووضع خطة إصلاح شاملة وتطوير منظومة النقل وإطلاق مشروع قومي للطرق في كل مكان بتكلفة حوالي 310 مليارات جنيه.
وانخفض عجز الموازنة من 12.3% خلال 2016 إلى 8.2% في 2019، كما انخفضت نسبة التضخم من 14.5% إلى 9.2% خلال تلك الفترة، والاحتياطي النقدي وصل إلى 45.5 مليار دولار، كما وصل معدل نمو الناتج المحلي في 2022 إلى 6.6%.
وخطة الإصلاح جعلت الاقتصاد المصري قويا ومرنا في مواجهة الأزمات مثل حادثة انفجار الطائرة الروسية 2015، التي أثرت على قطاع السياحة، وأزمة كورونا التي لم توقف عجلة الإنتاج في مصر، والحرب الروسية الأوكرانية التي سببت أزمة عنيفة على مستوى العالم ومع ذلك استطاعت مصر توفير كل السلع الاستراتيجية، وتم التركيز على توطين الصناعة وتشجيع الشباب على ريادة الأعمال.
واتسم الأداء الاقتصادى للدولة عام 2011، وظروف الدولة المصرية أجبرتها على تبنى حلول وسطية فى ظل الإمكانيات المتاحة للتعامل مع المشكلات على مدى قصير الأجل، فكانت أغلب الموازنة فى هذه الفترة مخصصة للأجور والمعاشات والدعم فى ظل ضعف القدرة الإنتاجية وانخفاض الانفاق الاستثماري، وعدم القدرة على توفير فرص عمل بشكل كافٍ.
تعرضت الدولة المصرية لعدة صدمات اقتصادية منذ العام 2011 وحتى العام الحالي 2022؛ نتيجة تغيرات محلية وإقليمية وعالمية انعكست تداعياتها على الاقتصاد المصري.
واستطاعت مصر تجاوز هذه الصدمات بفضل القيادة السياسية الرشيدة إلى أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية قبل 8 أشهر، والتي أثرت بشكل كبير على اقتصاديات العالم بأكمله، خاصة اقتصاديات الدول النامية ومن بينها مصر، وفي مايو الماضي، قدرت مصر كلفة الأثر المباشر للحرب الروسية الأوكرانية على موازنتها عند 130 مليار جنيه (7.1 مليار دولار) سنويا، وذلك إلى جانب 335 مليار جنيه (18.3 مليار دولار) من الآثار غير المباشرة.
فالاقتصاد المصري عانى كثيرا بعد أحداث عامي 2011 و2013؛ نتيجة لحالة عدم الاستقرار والإنفلات الأمني، فقد انخفض الاحتياطي النقدي، حيث خسرنا 20.3 مليار دولار، وتكبد قطاع السياحة خسائر بلغت 32% من عوائده، وارتفعت نسبة البطالة 13%، الأمر الذي استدعى ضرورة تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي في العام 2016.
وما حدث في عامي 2011 و2013 دفع بالدولة لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وأدى ذلك لخفض معدل التضخم وارتفاع معدل النمو، وساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار في العملة وسعر الصرف، وفي الوقت ذاته ساعد على احتواء العجز في الموازنة إلى أن جاءت جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على اقتصادات العالم، ما دفع الفيدرالي الأمريكي لرفع الفائدة على الدولار، وأدى إلى ارتفاع نسبة التضخم في دول العالم، وخرج على أثرها بعض رؤوس الأموال من مصر، للاستفادة من رفع الفائدة، ما أثر على الاحتياطي النقدي المصري.
بالرغم من ذلك الدولة المصرية تعاملت بشكل جيد، واستطاعت تقديم برامج حماية اجتماعية لمحدودي الدخل، وتوفير جميع السلع بأسعارها المخفضة من خلال منافذ ثابتة تابعة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية، ونجحت في المحافظة على المؤشرات الاقتصادية، وسوف تعبر مصر تلك الأزمة كما عبرت من قبل.