الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماذا نفعل كي ننال عفو ومغفرة الله تعالى؟.. علي جمعة يجيب

علي جمعة
علي جمعة

ماذا نفعل كي ننال عفو ومغفرة الله تعالى؟.. سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف من خلال برنامج “والله أعلم”، على شاشة سي بي سي.

ماذا نفعل كي ننال عفو ومغفرة الله تعالى؟

وقال علي جمعة في بيانه ماذا نفعل لكي نتعرض لعفو ومغفرة الله تعالى؟، إن على الإنسان أن يعفو عن الناس وأن يصفح، مشيراً إلى أن الله سبحانه يحب أن يظهر جبروته وقهره وعظمته على خلقه، فلو رأي منك كرم سيقوم بكرمه عليك حتى يوضح لي أن ما أفعله لا يقارن في كرمه، وحينما أعفو يزيدنا من عفوه، وكذلك حينما أسامح أو يكون لدي مروءة.

وأشار علي جمعة إلى أنه من أراد المغفرة عليه أن يتوب، ومن أراد العفو عليه أن يعفو عن الناس كي يجد الله يعفو عنه، لافتاً إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم :" المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه، ولا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

كما جاء عن أَبي هريرة، عن النبيِّ قَالَ: مَنْ نَفَّس عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبةً منْ كُرب الدُّنْيا نفَّس اللَّه عنْه كُرْبةً منْ كُرَب يومِ الْقِيامَةِ، ومَنْ يسَّرَ عَلَى مُعْسرٍ يسَّرَ اللَّه عليْهِ في الدُّنْيَا والآخِرةِ، ومَنْ سَتَر مُسْلِمًا سَترهُ اللَّه فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، واللَّه فِي عَوْنِ العبْدِ مَا كانَ العبْدُ في عَوْن أَخيهِ، ومَنْ سَلَكَ طَريقًا يلْتَمسُ فيهِ عِلْمًا سهَّل اللَّه لهُ به طَريقًا إِلَى الجنَّة. وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بيْتٍ منْ بُيُوتِ اللَّه تعالَى، يتْلُون كِتَابَ اللَّه، ويَتَدارسُونهُ بيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينةُ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمةُ، وحفَّتْهُمُ الملائكَةُ، وذكَرهُمُ اللَّه فيمَنْ عِندَهُ. ومَنْ بَطَّأَ بِهِ عَملُهُ لَمْ يُسرعْ به نَسَبُهُ".

وشدد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف : “ من فرج كربة عن أخيه فرج الله عنه كرب يوم القيامة، ومن ستر أخاه في الدنيا وأعانه في الدنيا وجد ستر الله وإعانته يوم القيامة”.

صفات المتقين وجزاؤهم

فيما بيّن وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، قول الحق سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"، والتقوى هي: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرّحيل.

وتابع: تحدث القرآن الكريم حديثًا وافيًا عن صفات المتقين، حيث يقول سبحانه: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَالله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا الله فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا الله وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ*أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ". فأخص صفاتهم هنا الإنفاق في السراء والضراء والعفو والإحسان وكظم الغيظ، وأنهم أوَّابون إلى الله (عز وجل).

ويقول سبحانه: “لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ”. 

وأول صفاتهم هنا أيضًا بعد الإيمان بالله جل وعلا وملائكته وكتبه وأنبيائه، أنهم يؤتون المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، لا يبغون غير مرضاة الله (عز وجل) سبيلًا، قال تعالى: "إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ الله لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا"، ويقول سبحانه في سورة البقرة: "الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، فذكر ضمن صفاتهم أيضًا الإنفاق في سبيل الله: "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ".

وشدد على أن التقي الحقيقي لا يمكن أن يكون شحيحًا أو بخيلًا، لأنه يؤثر الباقية على الفانية، ويدرك معنى قول الله تعالى: "مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ الله بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"، ثم إنهم لا يُصرون على معصية ولا يبقون عليها، فهم توَّابون أوَّابون رجَّاعون إلى الله (عز وجل)، حيث يقول سبحانه: "إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ".

وقيل إنما سُمي المتقون متقين؛ لأنهم اتقوا ما لا يتقيه غيرهم، حتى أن بعضهم كان يترك بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة حرام، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ" (متفق عليه).

ولفت إلى أن هذه صفات المتقين، فما جزاؤهم؟ لا شك أن جزاءهم عند الله عظيم، حيث يقول سبحانه: "بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ"، ويقول تعالى: "إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ" (التوبة: 4)، ويقول سبحانه: "هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ"، ويقول عز وجل: "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ"، ويقول تعال: "إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا".