يعد الاستفهام عن هل قضاء الفريضة الفائتة يسقط عقوبتها ؟، من الأمور التي يبحث عنها أولئك الذين تفوتهم بعض صلوات الفريضة، فيما يدركون فضلها العظيم وحرصًا منهم على تعويض ما فاتهم من فرائض يؤدونها قضاء، وحيث إن تفويت الصلاة أمر وارد لا يسلم منه أحد ، لذا يظل السؤال عن هل قضاء الفريضة الفائتة يسقط عقوبتها ؟، مهمًا ومطروحًا باستمرار.
هل قضاء الفريضة
قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن صلاة القضاء تسقط الفريضة، وإذا كان هناك عقاب فعلى تقصير الوقت وليس ذات الصلاة".
وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: « هل قضاء الفريضة الفائتة يسقط عقوبتها ، فأحيانا من التعب تفوتني بعض الصلوات وأصليها قضاء ، فهل صلاة القضاء تسقط الفريضة أم يكون هناك عقاب ؟»، أنه إذا فاتت صلاة الظهر فهي دين من أربع ركعات في ذمة الإنسان، فمديونية الأربع ركعات تسقط بصلاتها قضاء، ولا يُسأل عنها ، لكنه يُسأن عن الوقت .
وأضاف أن دين الصلاة يظل في ذمة صاحبه، فطالما قام بأدائه لا يُسأل عن أنه لم يصل، لكنه سيُسأل عن ترك الوقت خاليًا عن الصلاة، أي أنه يُحاسب على الوقت وليس على الركعات التي صلاها قضاء.
ونبه إلى أن المرء يكون قد ارتكب إثمًا حين ترك الصلاة ليس فقط أنه لم يؤد ركعاتها، ولكن لأنه لم يحترم الوقت، فالوقت له حرمة كما قال الفقهاء، ولم يحترمه من فاتته الصلاة، مشيرًا إلى أن عدم احترام الوقت أخف من عدم احترام الصلاة، فعقاب ترك الصلاة أشد، لكن عدم احترام الوقت نرجو الله أن يذهب هذه السيئات بتلك الحسنات.
وأكد أنه يجب قضاء الصلوات الفائتة باتفاق الأئمة الأربعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْضُوا اللهَ الذي لَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ» رواه الْبُخَارِيُّ من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلا ذَلِكَ» متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وتابع: وإذا وجب القضاء على الناسي -مع سقوط الإثم ورفع الحرج عنه- فالعامد أَوْلَى، وهذا من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم": [وشذَّ بعض أهل الظاهر فقال: لا يجب قضاء الفائتة بغير عذر، وزعم أنها أعظم من أن يخرج من وبال معصيتها بالقضاء، وهذا خطأ من قائله وجهالة. والله أعلم] اهـ.
وأوصى من فاتته الصلاة مدة من الزمن قليلة كانت أو كثيرة أن يتوب إلى الله تعالى ويشرع في قضاء ما فاته من الصلوات، وليجعل مع كل صلاة يؤديها صلاةً من جنسها يقضيها، وله أن يكتفي بذلك عن السنن الرواتب؛ فإن ثواب الفريضة أعظم من ثواب النافلة.
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشار إلى أفضلية قضاء الفائتة مع مثيلتها المؤداة من جنسها في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ صَلَاةَ الْغَدَاةِ مِنْ غَدٍ صَالِحًا فَلْيَقْضِ مَعَهَا مِثْلَهَا» رواه أبو داود من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، قال الإمام الخطَّابي: [ويُشْبِهُ أن يكون الأمر فيه للاستحباب؛ ليحوز فضيلة الوقت في القضاء] اهـ، وليستمر الإنسان على ذلك مدة من الزمن توازي المدة التي ترك فيها الصلاة حتى يغلب على ظنه أنه قضى ما فاته، فإن عاجلته المنية قبل أن يستوفي قضاء ما عليه فإن الله يعفو عنه بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.