الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوريا إلى الحضن العربي

عمر الأحمد - كاتب
عمر الأحمد - كاتب وصحفي إماراتي

"السلام بحاجة إلى شجعان" هي مقولة خالدة للرئيس المصري الشهيد أنور السادات رحمه الله، وبلا شك الشجاعة تحتاج إلى خطوات جريئة يقوم بها قائد حكيم يبحث عن استقرار تنعم به الشعوب وتقوم في فيّها الحكومات بواجباتها تجاه تعزيز مسيرة التنمية وتحقيق الآمال. 

ما دفعني لتذكر مقولة الرئيس السادات رحمه الله، هي تلك الصور التي غزت وسائل التواصل الاجتماعي منذ أيام قليلة، يظهر فيها سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي أثناء زيارته للرئيس السوري بشار الأسد في دمشق.

لا يخفى على القارئ، المعاناة التي عاشتها سوريا وشعبها جراء الأزمة التي اشتعلت عام 2011، والتي أدت إلى مقتل مئات الآلاف وهجرة ونزوح الملايين، بالإضافة إلى دمار البنى التحتية، علاوة على "تفريخ" تنظيمات إرهابية بأعداد وأسماء مختلفة ما أنزل الله بها من سلطان.  ولهذه الأزمة تبعات سياسية تحملتها دمشق، منها قيام عدد من الدول العربية بقطع علاقاتها بسوريا، وكأنكم يا عرب لم تتعلموا الدرس!
بعد قيام الولايات المتحدة بغزو العراق عام 2003 والإطاحة بنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، بحجة "إنقاذ العالم من أسلحة الدمار الشامل" وثبت بعد ذلك كذب هذا الادعاء، سحبت الدول العربية أيديها من العراق وأصبح بذلك فريسة سهلة للنظام الإيراني، وتحول العراق بعد ذلك إلى "مستشفى ولادة" للتنظيمات الإرهابية على رأسها "داعش" والميليشيات "الولائية" التي تخدم المصالح الإيرانية وعانت منها دول المنطقة العربية بأكملها.

وفي سوريا، كاد المشهد العراقي قاب قوسين أو أدني من تكراره، وها هي دولة الإمارات العربية المتحدة، كعادتها وبشجاعة قيادتها الباحثة عن الاستقرار، تمد يديها إلى سوريا في مساعي إعادتها إلى الحضن العربي. نعم أعيدوا سوريا إلى مكانها الطبيعي بيننا كما كانت، فلم يستفد أحد من قطع العلاقات سوى العدو المتربص بنا.

عودة الاستقرار لسوريا سيكون عاملا مهما ورئيسي لعودة الاستقرار للمنطقة العربية بأكملها، كما كان للاضطرابات في سوريا من تبعات على المنطقة، وستكون هناك فرصة كبيرة لعودة اللاجئين السوريين الذي تقطعت بهم السبل بين كريم يستضيفهم ويكرمهم، ولئيم يهينهم أو يتاجر بمعاناتهم، وهنا لابد لي من الإشادة بالموقف النبيل من بلد النبلاء جمهورية مصر العربية العظيمة، التي فتحت أبوابها بمصراعيها للسوريين، واستقبلت أكثر من 5 ملايين لاجئ سوري دون منة أو لوم أو أذى، وفي لقاء تلفزيوني شهير عام 2018، صرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في معرض إجابته على سؤال حول وضع السوريين في مصر، قال:" مصر بلدهم".

في موقف شهير للراحل الكبير الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، عندما قامت بعض الدول العربية بعد قمة بغداد عام  1979 بقطع علاقاتها بمصر، بسبب توقيع الرئيس المصري الشهيد السادات اتفاقية السلام (كامب ديفيد) مع دولة إسرائيل عام 1978، حيث كان للشيخ زايد رحمه الله موقفا مختلفا، حين كان يحث العرب على إعادة العلاقات مع القاهرة. ولا أحد ينسى مقولته الشهيرة: لا يمكن أن يكون للأمة العربية وجود بدون مصر، كما أن مصر لا يمكنها بأي حال أن تستغنى عن الأمة العربية". اليوم أبناؤه بنبلهم المعهود ووعيهم السياسي يكررون الموقف مع سوريا.