فاجأ البنك الأهلي وبنك مصر السوق اليوم بقرار طرح شهادة ادخارية ذات آجال سنة واحدة بعائد سنوي 22.5% يصرف شهريا و25% سنويا يصرف في نهاية مدة الشهادة وهي الأعلى على مستوى الجهاز المصرفي منذ سنوات طويلة.
البنك الأهلي يرفع الفائدة إلى 25%
وقال مصرفيون، إن هناك 3 أسباب وراء طرح بنكي الأهلي ومصر للشهادة ادخار مرتفعة العائد بفائدة تصل إلى 25% بداية من اليوم الأربعاء.
وأضافوا أن من بين هذه الأسباب تعويض العملاء عن التضخم الناتج عن خفض جديد لسعر الصرف أشبه بتعويم جديد، والقضاء على الدولرة (السوق السوداء للدولار)، بجانب تعزيز استثمارات العملاء في الجنيه بدلا من الملاذات الأخرى والسيطرة على التضخم.
وارتفع سعر الدولار اليوم خلال منتصف تعاملات اليوم في بعض البنوك متجاوزا مستوى 26 جنيها، بزيادة أكثر من جنيه، وذلك بعد وقت قصير جدا من إعلان طرح الشهادة الجديدة.
ويعني إصدار البنكين هذه الشهادة بفائدة 25% سنويا حصولهما على موافقة من البنك المركزي المصري بطرح هذه الشهادة للعملاء باعتبارهما ذراع المركزي في تنفيذ سياسته النقدية.
وقالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر سابقا، إن طرح شهادة بفائدة 25% عامل أساسي تزامنا مع خفض جديد لسعر صرف الجنيه مقابل باقي العملات الأجنبية والالتزام الدائم بسياسة المرونة، وهو ما يستلزم طرح هذه الشهادة للتخفيف أو القضاء على الدولرة (اكتناز الدولار والتلاعب في السوق السوداء).
وأوضحت "الدماطي"، أن هناك هدف آخر من طرح شهادة مرتفعة العائد يتمثل في تعويض العملاء (الأفراد) الذين يعتبر أغلبهم من أصحاب المعاشات عن التضخم المتوقع خلال الفترة المقبلة، وذلك عبر الحصول على عائد مرتفع.
عائد يفوق معدل التضخم الأساسي
كما تساعد هذه الشهادة في وجود عائد حقيقي على مدخرات العملاء في البنوك، أي حصولهم على سعر عائد يفوق معدل التضخم الأساسي عند 21.5% في نوفمبر الماضي أو التضخم المتوقع من الارتفاع الجديد لسعر الدولار مقابل الجنيه، بحسب الدماطي.
وأعلن البنك المركزي قبل نهاية العام الماضي وضع مستهدف جديد للتضخم يصل إلى بين 5% و9% خلال الربع الرابع من 2024 على أن يهبط إلى بين 3% و7% خلال الربع الرابع من 2026 لتحقيق استقرار الأسعار.
وسجل معدل التضخم في نوفمبر الماضي 18.7% على مستوى المدن بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، كما وصل معدل التضخم الأساسي إلى 21.5% وهو التضخم المعد من البنك المركزي بعد استبعاده السلع ذات الأسعار شديدة التقلب مثل الخضروات والفاكهة.
وقال عضو مجلس إدارة في أحد البنوك الخاصة، لمصراوي، إن قرار بنكي الأهلي ومصر طرح شهادة بفائدة مرتفعة سنوية 25% تهدف إلى مقاومة السوق السوداء (التلاعب في العملة وتداولها خارج الجهاز المصرفي) وتحفيز مكتنزي الدولار عن التنازل للاستثمار في الجنيه.
وأوضح أنه في حال نجاح الهدف من هذه الشهادة ستساهم في سحب سيولة من السوق (أموال جديدة) ستساعد على احتواء معدل التضخم، وكذلك استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار وعدم تحول هذه الأموال إلى الملاذات الأخرى مثل الذهب.
وأضاف عضو مجلس الإدارة، أن هذه الشهادة ستساعد أيضا في وجود عائد حقيقي على مدخرات العملاء يفوق معدل التضخم الذي أثر على زيادة الأسعار.
التخلي عن الدولار من أجل الودائع
وتوقع الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، أن سيؤدي هذا القرار إلى الحفاظ على جاذبية الجنيه المصري كوعاء ادخاري في ظل هذه الظروف، كما سيؤدي رفع سعر الفائدة على الشهادات إلى إقبال متسارع من جانب المودعين لإيداع أموالهم لدى البنك الأهلي المصري وبنك مصر للاستفادة من الارتفاع في نسبة الفائدة الخاصة بالشهادات.
وأضاف: كما سيؤدي القرار إلى تشجيع الأفراد المحتفظين بالدولار للتخلي عنه في مقابل الدخول للاستثمار في الشهادات الادخارية في مقابل الحصول على فائدة مرتفعة قد تفوق فائدة الاحتفاظ بالدولار في الفترة الراهنة، مما يؤدي إلى تراجع السيولة في الأسواق، وهو ما يعني أن الودائع المصرفية أصبحت من أحد أشكال الاستثمار للأفراد والمؤسسات، من خلال وضعها داخل الحسابات المصرفية في البنوك.
ولفت: في المقابل يتقاضى المودعون عنها الفوائد بأشكالها المختلفة سواء دورية أو سنوية، وهذا ما يطلق عليه كبح جماح التضخم عبر زيادة أسعار الفائدة، من خلال تقليص حجم الكتلة النقدية داخل الأسواق، وبالتالي يتراجع الاستهلاك والاستثمار، وتعيد الأسواق برمجة القوة الشرائية بناء على السيولة المتوفرة.
وتابع: يعد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية هو المحدد الرئيسي للتضخم، حيث إنه يشهد اليوم تحرير جديد لسعر الصرف أو بمعنى آخر تعويم جزئي للجنيه مقابل الدولار مما يعني أنه سيحدث زيادة في معدل التضخم خلال الأشهر القادمة.
وأشار: وفقا لبيانات البنك المركزي المصري ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في شهر نوفمبر لتشهد أسعار السلع والخدمات صعودًا جديدًا، حيث ارتفع في شهر نوفمبر الماضي إلى 21.5% مقابل 19% في أكتوبر الماضي، كما أنه من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم لشهر ديسمبر 2022 ليصل على أقل تقدير إلى 24%.
ومن جانبه قال الكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إن الهدف الأساسي بسماح الدولة للبنوك برفع الفائدة بنسبة 25% لمدة سنة واحدة لشهادات الاستثمار والودائع، يأتي من خلال لجنة السياسات التي أثبتت أن الحل لمواجهة الارتفاع الكبير في نسب التضخم هو سحب الأموال من القوى الشرائية في السوق المصري، من خلال إنشاء هذه الشهادات بهذه الفائدة الكبرى.
وسيلة لكبح جماح التضخم المتزايد
وأضاف عامر - في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هذه أحد الوسائل الاقتصادية والمالية لمواجهة كباح المتزايد والكبير للتضخم التي تزيد حتى يتم السيطرة على نسب التضخم من خلال سحب الأموال التي تزيد من القوة الشرائية في السوق المصري.