شهد هذا الأسبوع شكاوى عديدة من المصريين المسافرين خارج مصر من تقليص حد السحب من حساباتهم المصرية من الخارج عبر البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر بشكل مفاجئ، باستثناء من سافر لأغراض التعليم والعلاج فتح حدود البطاقات الائتمانية بدون حدود قصوى.
وطالب الجميع بضرورة رفع الحد بشكل أكبر حتى يتمكنوا من إدارة يومهم بشكل أفضل وكافي. ولا شك أن للمواطن المصري خارج مصر وداخلها له الحق الأصيل في إبداء رأيه والشكوى والتظلم من القرارات التي تتخذها الحكومة أو حتى القوانين التي يناقشها ويقرها البرلمان.
ومع ذلك لابد من الوضع في الاعتبار أسباب القرار وبحثها قبل وأثناء تشكيل وجهة نظر تجاه ما حدث. فقد أصدر البنك المركزي بيانا في بداية هذه الأزمة أوضح فيه أنه رصد مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، والتي تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد بالمخالفة لأحكام القانون، وكذا محاولة تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة وإساءة استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات الخصم المباشر للعملاء الذين يثبت عدم مغادرتهم للبلاد.
يعتبر البيان كاشفا لأزمة كبيرة وحقيقية على المجتمع قبل الدولة أن يعيها ويعالجها. فهو يثبت وجود سلوكيات شاذة من الأفراد قد تضر بالاقتصاد المصري وحاجته للعملة الأجنبية في الوقت الذي يواجه الاقتصاد المصري تحدي كبير في توفيرها وتهيئة الاقتصاد ليكون أكثر قدرة للاعتماد على نفسه والدفع نحو التصدير وخفض الواردات قدر الإمكان.
وفي خضم كل هذا يتحايل البعض على اللوائح والتعليمات المقررة من قبل البنك المركزي لتحقيق مكاسب شخصية قد تكون في بعض منها غير مشروعة ظنا من البعض أنه سينجو بنفسه، وأن الوضع الاقتصادي في مصر غير قادر على التغلب على هذا التحدي.
وأعتقد أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح مصنعى إنتاج الغازات الطبية والصناعية ومحطة توليد الطاقة الثلاثية بمجمع الصناعات الكيماوية بأبورواش، وتصريحه بأنه يتم الإفراج عن بضائع موجودة بالموانئ والتي تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات دولار منذ بداية شهر ديسمبر، لتلبية احتياجات السوق، وهو ما تم بالفعل في الأيام الماضية، بالإضافة إلى إعلان البنك المركزي إلغاء العمل بنظام الاعتمادات المستندية، وبدء التعامل بمستندات التحصيل في تنفيذ كافة العمليات الاستيرادية، هو أبلغ رد على السلوكيات التي تعبر عن عدم وجود ثقة في إدارة مؤسسات الدولة المصرية للملف الاقتصادي، وتؤكد أن الوضع الاقتصادي لازال مستقرا.
إن الدولة المصرية تمر بتحدي اقتصادي كبير كما سبق وأن مرت به من قبل، ولن يكون آخر التحديات. وما أثبتته الدولة فيما مضى أنها عصية على هذه التحديات وقادرة على التغلب عليها، وأن الحل دوما يكمن في تكاتف عناصر الدولة المصرية بين مؤسساتها وشعبها.