الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انهيار تاريخي في أسعار الذهب وارتفاع الدولار عالميا

انهيار تاريخي في
انهيار تاريخي في أسعار الذهب وهذا سعر الدولار عالمياً

شهدت أسعار الذهب عالميًا تقلبات حادة خلال عام 2022، مع اتجاه المصارف المركزية لرفع الفائدة من أجل كبح جماح التضخم، والمخاوف الاقتصادية والجيوسياسية بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا.

وكان المفترض أن يلمع بريق المعدن الأصفر وسط الحرب الروسية الأوكرانية وتسارع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي إلا أن الأداء جاء باهتًا، مع التشديد النقدي الصارم الذي انتهجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 2022.

وأدّى ارتفاع الدولار الأمريكي عند أعلى مستوى في عقدين، وزيادة معدلات الفائدة، إلى الضغط على المعدن الأصفر في غالبية العام، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وتعكس تقلبات أسعار الذهب في 2022، المعادلة الصعبة التي تحاول البنوك المركزية تحقيقها من خلال التوازن بين مواجهة التضخم المرتفع والحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي.

سجلت أسعار الذهب خسائر طفيفة بنحو 0.1% خلال عام 2022، بعد أنهت جلسات العام عند مستوى 1826.20 دولارًا للأوقية، وفق وحدة أبحاث الطاقة.

وكانت أسعار المعدن الأصفر قد سجّلت العام الماضي أسوأ أداء سنوي منذ عام 2015، بعدما تراجعت بنحو 3.5%، ما يعادل 66.4 دولارًا، إذ أدّى التعافي الاقتصادي العالمي بعد وباء كورونا إلى خفض الطلب على المعدن الذي يعد ملاذًا آمنًا.

ومع التوترات الجيوسياسية بين روسيا وأوكرانيا، اتخذت أسعار الذهب مسارًا صعوديًا منذ بداية 2022 وتجاوزت مستوى 1900 دولار للأوقية أواخر فبراير 2022، بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

وعزز المعدن الأصفر مكاسبه حتى كسر حاجز 2000 دولار للأوقية، في جلسة 8 مارس للمرة الأولى منذ أغسطس 2020، مع المخاوف الجيوسياسية وارتفاع معدلات التضخم، لكنه بدأ موجة تراجعات حادة، بعد أن افتتح الاحتياطي الفيدرالي عمليات رفع معدلات الفائدة في الشهر ذاته لأول مرة منذ عام 2018.

ومنذ ذلك الحين، شهدت أسعار الذهب تقلبات حادة بين مستويات 1700 و1800 دولار للأوقية، مع ارتفاع أسعار الفائدة ومن ثم الدولار الأمريكي من جهة والمخاوف الاقتصادية والجيوسياسية من جهة أخرى.

وهبط المعدن الأصفر في أواخر سبتمبر إلى أقل مستوى في أكثر من عامين، قبل أن يعاود تسجيله مرة أخرى أوائل نوفمبر فوق 1630 دولارًا للأوقية.

وارتفعت أسعار الذهب بنحو 200 دولار تقريبًا منذ تسجيل أقل مستوى في عامين، بعدما بدأ الاحتياطي الفيدرالي تخفيف وتيرة رفع الفائدة الأمريكية، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتحقيق مكاسب سنوية.

تضررت أسعار الذهب في 2022 من رفع معدلات الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية حول العالم، لمواجهة ارتفاع معدل التضخم، الذي سجل في أمريكا أعلى مستوياتها منذ أكثر من 40 عامًا.

ورفع الفيدرالي الأمريكي معدلات الفائدة 7 مرات خلال 2022، منها 4 مرات متتالية بمقدار 75 نفطة أساس، لتصل إلى نطاق 4.25% و4.50%.

وأدّى ذلك إلى ارتفاع الدولار الأمريكي لأعلى مستوياته في 20 عامًا -قبل أن يقلص مكاسبه-، ما جعل المعدن الأصفر أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى.

كما أسهم تشديد السياسة النقدية من جانب الفيدرالي في صعود عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الأصفر.

وبسبب هذه العوامل سالفة الذكر لم تستفد أسعار الذهب كعادتها من تسارع التضخم -الذي يدعم المعدن النفيس بصفته مخزن للقيمة وأداة تحوط- وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى جانب الاضطرابات الجيوسياسية.

ورغم ذلك، كان اتجاه الفيدرالي الأمريكي إلى تقليص وتيرة رفع الفائدة في اجتماعه الأخير من 0.75% إلى 0.50% عاملًا رئيسًا في عودة أسعار المعدن الأصفر للارتفاع أواخر العام.

كان الطلب العالمي على الذهب من العوامل الداعمة للأسعار في 2022، خاصة من قبل المصارف المركزية، التي اشترت المعدن الأصفر بوتيرة قياسية بصفته ملاذًا آمنًا خلال أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي والتضخم المرتفع.

وتظهر أحدث البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي، فإن البنوك المركزية 399 طنًا في الربع الثالث من عام 2022، بزيادة 341% على أساس سنوي، وهو أفضل أداء فصلي على الإطلاق.

وارتفع صافي مشتريات المصارف المركزية من الذهب بنسبة 62% خلال المدة من يناير/كانون الثاني وحتى سبتمبر 2022، لتصل إلى 673 طنًا، متجاوزًا المشتريات في أيّ عام كامل سابقًا منذ 1967.

وبصفة عامة، صعد إجمالي الطلب العالمي على الذهب بنسبة 18% على أساس سنوي خلال أول 9 أشهر من 2022، ليصل إلى مستوى 3386.5 طنًا، حسب البيانات التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

ويشمل ذلك طلب المستهلكين على الجواهر والطلب الاستثماري على المعدن الأصفر، اللذان ارتفعا 2% و26% خلال أول 9 أشهر من 2022، إلى جانب مشتريات البنوك المركزية، كما يرصد الإنفوغرافيك التالي:

يرى بنك الاستثمار الهولندي آي إن جي أن أسعار الذهب ستظل في اتجاه هبوطي خلال دورة التشديد النقدي المستمرة للاحتياطي الفيدرالي، لكن المزيد من التلميحات بشأن تخفيف هذا النهج سيقدم دعمًا للأسعار.

وحتى يحدث ذلك يجب أن يُظهر التضخم علامات على انخفاض كبير خلال عام 2023، وهو الأمر المتوقع حدوثه في النصف الثاني من العام المقبل، لترتفع أسعار الذهب فوق 1850 دولارًا للأوقية خلال الربع الرابع من العام نفسه، حسب البنك الهولندي.

فيما يتوقع المحلل لدى "سويس آسيا كابيتال"، يورغ كينر، أن تتراوح أسعار الذهب بين 2500 إلى 4 آلاف دولار للأوقية خلال العام المقبل، مع مخاوف الركود الاقتصادي، وفق ما نقلته شبكة سي إن بي سي الأمريكية.

فيما يتوقع محللو بنك الاستثمار الدنماركي، ساكسو بنك، ارتفع سعر المعدن الأصفر إلى 3 آلاف دولار للأوقية في العام المقبل، مقارنة مع مستويات 1800 دولار في الوقت الحالي.