اعتاد الكثيرون أن كلمات الرؤساء في المؤتمرات العامة تحمل دبلوماسية شديدة، ولا تكون واضحة، على أن يتم طرح الملفات الشائكة والرؤى المباشرة داخل الغرف المغلقة، ولكن اعتاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في خطاباته أن يكون الوضوح هو السمت العام في رسائله، وهو ما حدث اليوم بمؤتمر بغداد 2 الذي ينعقد بالأردن بحضور ممثلى دول الجوار للعراق بالإضافة إلى مصر وفرنسا.
وحملت كلمة الرئيس السيسي 10 رسائل هامة كانت موجهة لعدة جهات، على رأسها كانت رسالة للشعب العراقي والقيادة السياسية العراقية، وكانت هناك رسائل أيضا لدول الجوار، والدول الإقليمية الفاعلة في هذا الملف .. وتلك أبرز تلك الرسائل.
1. التأكيد على أهمية القمة ودوريتها
2. لا استقرار بدون استكمال الاستحقاقات الدستورية
3. حان وقت أطر العمل الثنائي أو المتعدد ... ملفات مصر المباشرة
4. الإرهاب سرطان العصر
5. هذا هو الحل الدائم لمحاربة الإرهاب
6. خطوط حمراء للعراق "الأمن - الاستقرار – العروبة"
7. عرض شراكة من مصر في ملف إعادة إعمار العراق
8. روشتة علاج لأزمات العراق الداخلية
9. رسالة للحاضرين لدول جوار العراق .. سيادة العراق خط أحمر
10. رسالة إلى الشعب العراقي
التأكيد على أهمية القمة ودوريتها
كانت الرسالة الأولى والطبيعية هي التأكيد على أهمية هذا المؤتمر، خصوصا وأنه كونه وسيلة لتقريب وجهات النظر بين الدول الفاعلة في ملف العراق، وأيضا الملفات الإقليمية في ذات الوقت، حيث قال الرئيس السيسي بكلمته خلال المؤتمر "يسعدنى أن أتواجد معكم اليوم، فى المملكة الأردنية الهاشمية وأن أتوجه بهذه المناسبة بخالص الشكر والتقدير، إلى صاحب الجلالة الملك "عبد الله الثاني"، على مبادرته لاستضافة هذه القمة بالبحر الميت وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال وعلى جهوده، وفخامة الرئيس "إيمانويل ماكرون"، رئيس الجمهورية الفرنسية، فى الحفاظ على دورية انعقاد هذه القمة".
خطوط حمراء للعراق "الأمن - الاستقرار - العروبة"
وتعد تلك الرسالة هي الدستور الذي يحكم أي حوار عن مشاكل دولة من الدول العربية، وذلك في ظل التنازع الطائفي والإقليمي الذي تموج به المنطقة، وهنا قرر الرئيس السيسي تحديد بنود الدستور الذي يضع الخطوط الحمراء التي لا يمكن تخطيها عند الحديث عن العراق، وهو الحفاظ على أمن واستقرار وعروبة العراق.
وقال الرئيس السيسي: "فى أغسطس عام ۲۰۲۱ تعاهدنا معًا، على دعم الجهود الوطنية لأشقائنا فى العراق، حكومةً وشعبًا، فى سبيل تحقيق أمن واستقرار بلادهم، وحفظ سيادتها، واستعادة مكانتها التاريخية، ودورها العربى والإقليمى الفاعل، وهو ما نؤكد عليه مرة أخرى في تلك القمة".
استكمال الاستحقاقات الدستورية بداية الاستقرار
وأشاد الرئيس السيسي بما وصل إليه العراق من استكمال الاستحقاقات الدستورية، حيث قال : "نحن نشهد تحسنًا ملموسًا فى الأوضاع بالعراق وأغتنم هذه المناسبة، لكى أتقدم بخالص التهنئة، إلى دولة رئيس الوزراء العراقى "محمد شياع السوداني"، وللشعب العراقى العزيز، على استكمال مراحل الاستحقاق الدستورية الذي يعد بداية الاستقرار لأي دولة، ويفتح المجال للانطلاق نحو المستقبل".
حان وقت أطر العمل الثنائي أو المتعدد ... ملفات مصر المباشرة
وحدد الرئيس السيسي الأطر الدبلوماسية الأنسب للتعاون بين الدول، وذلك عبر أطر العمل الثنائي، أو المتعدد، وذلك حين قال "القمة اليوم تحمل معها دلالة سياسية مهمة، والتي تهدغ للانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة من خلال تعزيز العمل فى أطر التعاون الثنائى، أو المتعدد، كآلية التعاون الثلاثى بين مصر والعراق والأردن، أو غيرها.
ووتابع: "إيمانًا من مصر، بفوائد التعاون المتبادل البناء فقد شاركنا مع العراق والأردن، فى تدشين آلية التعاون الثلاثى بين الدول الثلاث، كأحد أطر العمل العربى المشترك الرامية إلى تحقيق التكامل، على نحو يخدم مصالح شعوبنا الشقيقة، فى ضوء ما يربطها من علاقات تاريخية وأخوية، ووحدة مصير وأهـداف مشتركة".
الإرهاب سرطان العصر
ولا يمكن أن يخلو حديث الرئيس السيسي في هذا الحدث، دون الحديث عن سرطان العصر وهو الإرهاب، حيث فند ما واجهه العراق على مدار سنوات طويلة، من انعكاسات بالغة السلبية، لانتشار الإرهاب والفكر المتطرف، وويلات الصراعات والحروب طويلة الأمد فى سياق لم يخل من تدخلات خارجية على نحو أثقل كاهل العراقيين وارتدت آثاره إلى كل شعوب المنطقة.
وشدد الرئيس السيسي، على أهمية الجهود والتضحيات الباسلة والغالية، التى تكبدها الشعب العراقى الشقيق بكافة أطيافه، فى مواجهة هذه التحديات وما حققته الدولة العراقية من إنجازات مهمة سمحت باسترجاع دور مؤسسات الدولة، والقضاء على مشروعات الإرهاب الظلامية، وتحقيق أمن واستقرار وسيادة البلاد، وصون وحدة نسيجها الوطني.
هذا هو الحل الدائم لمحاربة الإرهاب
ومن خبرة التجارب التي مرت بها مصر، وعدد من الدول الأخرى، أوضح الرئيس السيسي، الحل الدائم الذي يجب أن تتبعه كافة الدول لإيجاد حل دائم بمواجهة الإرهاب، حيث قال: "لقد أثبتت الأزمات المتعاقبة، التى شهدتها العديد من دول المنطقة، على مدار العقود الماضية، أن تحقيق الاستقرار الكامل له متطلبات لا غنى عنها تبدأ بتعزيز دور الدولة الوطنية الجامعة وتمكين مؤسساتها من الاضطلاع بمهامها فى حفظ الأمن، وإعلاء سيادة القانون، والتصدى للقوات الخارجة عنه، وصون مقدرات وثروات الشعوب، وهو ما سيوفر المناخ المناسب، لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية المستدامة، وترسيخ دعائم الحكم الرشيد.
عرض شراكة من مصر في ملف إعادة إعمار العراق
وبشكل مباشر تحدت الرئيس السيسي عن أحد أهم ملفات التعاون بين مصر والعراق، وهو ملف إعادة الإعمار، مؤكدا على قدرة مصر لتقديم تعاون كبير مع العراق بهذا المف، حيث قال : "لا يفوتنى، أن أشيد بمساعى الدولة العراقية، على صعيد إطلاق مشروعات إعادة الإعمار وتمهيد الطريق لتحقيق نقلة تنموية شاملة من خلال التوظيف الأمثل لإمكانيات وقدرات وموارد البلاد".
وأضاف : "اسمحوا لى من هذا المنبر، أن أجدد التأكيد، على دعم مصر الكامل لهذه الجهود الدؤوبة والتى تسهم بشكلٍ ملموس، فى ترسيخ مفهوم الوطن الآمن والمستقر ففى نجاح العراق، وكذلك أجدد التأكيد فى هذا الخصوص على اعتزامنا المضى قدمًا، فى تنفيذ المشروعات المشتركة، الجارى دراستها حاليًا فى إطار الآلية وبما يسهم فى تحقيق التنمية المأمولة لشعوبنا ويتيح المجال لهم، للاستفادة المتبادلة من قدرات بعضها".
روشتة علاج لأزمات العراق الداخلية
وفي رسالة تعبر عن فهم عميق ودراسة شاملة للشأن الداخلي بالعراق، تحدث الرئيس السيسي عن روشتة علاج لتلك القنابل الموقوتة التي يجب على العراقيين أن يتجنبوها، حيث ذكر: "فى إطار من المصارحة، فإن هذه الأهداف لن تتحقق، ما لم يتم إعلاء ثقافة الاعتدال والتسامح وقبول الآخر وبما يضمن التمتع بالحق فى حرية الدين والمعتقد وتجاوز مفاهيم الطائفية، والتشدد والانقسام، والأفكار الرجعية التى لا مكان لها فى عصرنا الراهن فالعالم يتسع للجميع والاختلاف لا يمكن التعاطى معه، بالاستمرار فى صراعات ممتدة لا غالب فيها، ولا مغلوب".
رسالة للحاضرين لدول جوار العراق .. سيادة العراق خط أحمر
وبالطبع لا يمكن أن تستقر العراق، إلا برغبة حقيقية لدول الجوار لها، وهنا وجه الرئيس السيسي رسالة شديدة الدقة الوضوح بهذا الصدد، وذلك حين قال "يأتى انعقاد قمتنا اليوم لتجديد الالتزام بالمبادئ الثابتة فى العلاقات الدولية والتى ينص عليها روح ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده وفى مقدمتها حسن الجوار، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، وعدم الاعتداء والاحترام المتبادل لسيادة الدول، والتوقف عن فرض سياسة الأمر الواقع، وأهمية العمل على تحقيق المنفعة المشتركة.
"وتأسيسًا على ما تقدم، تؤكد مصر على رفضها، لأى تدخلات خارجية فى شئون العراق وأهمية مواصلة الجهود المشتركة، لرفع قدرات مؤسسات الدولة العراقية فى مختلف المجالات كون ذلك هو السبيل الأمثل، فى الحفاظ على أمن وسيادة هذا البلد العريق، وهو ما ستنعكس آثاره على أمن سائر دول المنطقة".
رسالة إلى الشعب العراقي
وختم الرئيس السيسي رسالة حب وتقدير إلى الشعب العراقي صاحب القرار الأول والأخير لمستقبل هذا البلد، وذلك في قوله: "ختامًا أود أن أتوجه بكلمة إلى شعب العراق الشقيق، فأقول: "يا شعب بلاد الرافدين العظيم إننى على ثقة تامة، فى قدرتكم على المضى قدمًا، صوب مستقبل أكثر ازدهارًا متسقًا مع حضارتكم العريقة، التى أسهمت فى تشكيل تاريخ الإنسانية وكلى يقين، أن ما تتسمون به من تعددية، وما تمتلكونه من إمكانيات، سيتيح لكم تجاوز أى تحديات مهما بلغت، لقد حققتم الكثير فى سبيل استعادة بلادكم وعليكم استكمال إنجازاتكم، على طريق البناء والتنمية والتطوير وستجدون فى مصر دائمًا عونًا لكم، وسندًا لتطلعاتكم وخياراتكم ليبقى العراق دائمًا، إحدى قلاع العروبة، ومن أهم مراكز الحضارة فى العالمين العربى والإسلامي".