الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بلد النهرين تتصحر| الجفاف يسيطر على بحيرات العراق والصيادون يبيعون الموز

صدى البلد

 بعد أن كانت بحيرة الرزازة بالعراق تحوي على "أطيب سمك في العالم" باتت الآن أرضاً قاحلة، فيما تحوّل صيادوها من صيد الأسماك والطيور إلى "بيع الموز والطماطم".

وتقدر مساحة بحيرة الرزازة بـ1810 كيلو مترات مربعة وبسعة مخزون تصل إلى 26 مليار متر مكعب، وكانت خلال العقود الماضية مصدراً مهماً للثروة السمكية إضافة إلى تنوعها البيئي، ومعلماً سياحياً مهماً قبل أن تزداد نسبة الملوحة فيها بشكل كبير، ما أدى إلى نفوق عدد كبير من الأسماك نتيجة قلة المياه المتدفقة نحو البحيرة من نهر الفرات.

وتصاعدت أزمة المياه في العراق خلال السنوات الماضية مع تراجع معدلات هطول الأمطار، وقلة مناسيب المياه من دول الجوار التي تمد نهري دجلة والفرات بالمياه، ما أدى إلى تفاقم الجفاف، إلى أن بات العراق البلد "الخامس في العالم" الأكثر تأثراً بالتغير المناخي، بحسب الأمم المتحدة.

ولدى العراق نحو 22 بحيرة، مختلفة الأحجام، لكن أبرزها، هي: الرزازة في محافظة كربلاء، وساوة في محافظة المثنى، والحبانية بمحافظة الأنبار، وحمرين في محافظة ديالى، ودربندخان في محافظة السليمانية، حيث تتغذى على أنهار البلاد.

حرمان الآلاف من مصدر رزقهم

وبحسب وسائل إعلام عراقية، يقول الصياد اسماعيل العامري من محافظة كربلاء، إن "بحيرة الرزازة كانت من أكبر البحيرات وكانت تحوي على اسماك متنوعة منها القطان والبني والشبوط، إضافة إلى الطيور المهاجرة، وكان الآلاف من الصيادين والعوائل يعيشون عليها من خلال صيد الأسماك والطيور".

ويضيف: "بعد عام 2003 تحولت هذه البحيرة إلى أرض قاحلة نتيجة عدم توفير المياه لها، وما يأتي حاليا هو عبارة عن مجاري ثقيلة من محافظة كربلاء، وعلى الرغم من المناشدات المتكررة للحكومة بضرورة توفير المياه للرزازة لكن لا توجد استجابة حتى الآن".

ويشير صياد السمك، إلى أن "سمك الرزازة كان أطيب سمك في العالم، وبعد أن كان الصيادون يعيشون حياة كريمة من وراء صيد الأسماك والطيور، باتوا الان يبيعون الموز والطماطم وغيرها، وبعضهم يعمل حمالا أو اشترى عربانة يتجول فيها بالأسواق".

وبحيرة الرزازة هي "عبارة عن تجميع لمياه المبازل ضمن مناطق محافظة كربلاء وبعض المناطق الاخرى، فهي بذلك بحيرة طبيعية وليست خزنية لدعم المنظومة الاروائية، بل تستخدم في ظروف الفيضان لتصريف المياه عندما ترتفع بشكل كبير في بحيرة الحبانية"، وفق المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، علي راضي.

ويشير راضي إلى أن "بحيرة ساوة تأثرت أيضا في الفترة الماضية، بسبب التجاوز الحاصل على المياه الجوفية وحفر المئات من الآبار المتجاوزة، ما أدى إلى استنزاف بعض مناطق المياه الجوفية، وكذلك أثرت على مناسيب المياه في بحيرة الرزازة، ولمعالجة ذلك، تم إطلاق حملة لإغلاق الآبار وإنهاء هذه التجاوزات، ونتيجة لتلك الحملة عادت مناسيب المياه للبحيرة".

وعن بحيرتي الثرثار والحبانية، أوضح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية أنها "من ضمن المنظومة الخزنية لشبكة الموارد المائية، وانخفضت مناسيب مياههما لقلة الإيرادات المائية والتغيرات المناخية، خاصة في الموسمين الماضيين".

ولفت إلى أن "الوزارة تخطط لانشاء العديد من السدود الصغيرة ليتم الاستفادة من إيرادات مياه الأمطار والسيول القادمة، لارواء القرى والمناطق التي عانت من الجفاف، وللمحافظة على استيطان سكانها، كما أن السدود ستساهم في تغذية المياه الجوفية في تلك المناطق".

أسباب الجفاف

تعرض العراق الى الجفاف بسبب “قلة هطول الأمطار نتيجة التغير المناخي والاحتباس الحراري، فضلا عن قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع، وانتهاك قوانين الدول المتشاطئة من قبل إيران وتركيا، حيث إن الكميات الواردة إلى العراق على خلاف ما تم الاتفاق عليه، ما أدى إلى زيادة الجفاف والتصحر واللسان الملحي”.

 ووفق الخبيرة الجيولوجية، إقبال لطيف فإن "الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 لم تحمل ملف المياه الإقليمية محمل الجد إلى الأمم المتحدة لمناقشة تقرير مصير العراق المائي، ودوره في دعم الأمن الغذائي، حيث إن قلة الواردات المائية سوف تحول العراق إلى دولة صحراوية بعد أن كانت تسمى بلاد النهرين".

ومن الأسباب الاخرى للجفاف بحسب لطيف، هو "حفر الآبار الارتوازية بصورة غير قانونية وهو ما لاحظته شخصيا في الأنباز وهيت وحديثة وكربلاء والنجف، بالإضافة إلى انشاء بحيرات صناعية للاسماك بشكل متجاوز على نهر الفرات، ما تسبب بانخفاض مناسيب النهر، وانخفاض مناسيب المياه الجوفية في ظل قلة هطول الأمطار".