ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن روسيا تعمل الآن على تدمير الاقتصاد الأوكراني بنحو قد تتزايد معه تكاليف الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة وحلفائها لكييف من أجل صد العمليات العسكرية الروسية.
وأوضحت الصحيفة - في مستهل تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني حول هذا الشأن اليوم /الخميس/ - أن كبار المسئولين في البنك المركزي الأوكراني يُرجحون حاليًا أن اقتصاد بلدهم التي تمزقها الأزمة العسكرية الراهنة بات على حافة الإنهيار.
وأضافت: أن هجمات الصواريخ والطائرات الروسية المُسيرة التي شنتها روسيا على مدى الشهرين الماضيين لتدمير البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا أحدثت فجوة في التوقعات الاقتصادية السابقة لكييف.
فقبل تلك الضربات، رجحت أوكرانيا بأنها ستحتاج إلى ما لا يقل عن 55 مليار دولار من المساعدات الخارجية العام المقبل لتغطية النفقات الأساسية، وهو رقم تجاوز إجمالي الإنفاق السنوي للبلاد قبل الحرب.
ولكن الآن، مع تعرض أنظمة الطاقة لديها لضربات شديدة واحتمال حدوث المزيد من الهجمات الروسية يعتقد بعض المسئولين أن أوكرانيا قد تحتاج في نهاية المطاف إلى 2 مليار دولار أخرى شهريًا، وقد بدأ القادة السياسيون في محاولة لنيل دعم المؤيدين الغربيين لمثل هذه السيناريوهات الأسوأ.
وتساءل المستشار الاقتصادي للرئيس الأوكراني أوليج أوستينكو - في تصريح خاص للصحيفة - ماذا تفعل عندما لا تستطيع تدفئة منزلك ولا يمكنك في الوقت نفسه إدارة متجرك أو مصانعك واقتصادك لا يعمل؟!.. وقال:"سنطلب بالطبع المزيد من المساعدة ونحن على علم بأن بوتين يفعل ذلك لإحداث الفرقة بين الحلفاء".
وفي اجتماع الأسبوع الماضي، فكر مسئولو البنك المركزي لكييف فيما قد يحدث إذا اشتدت هجمات روسيا، حيث يمكن فرار الناس من أوكرانيا بأعداد كبيرة وأخذ أموالهم معهم، مما قد يؤدي لتحطم العملة الوطنية أثناء سعيهم لاستبدال الهريفنيا الأوكرانية باليورو أو الدولار.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الأوكرانية يمكن في حال وقوع هذا السيناريو أن تُترك بدون احتياطيات دولية لدفع ثمن الواردات الحرجة أو أن تصبح غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون الخارجية - وهو سيناريو يُعرف باسم أزمة ميزان المدفوعات.
وتوقع أحد السيناريوهات الرهيبة أن الاقتصاد الأوكراني قد ينكمش بنسبة 5% أخرى العام المقبل، علاوة على انكماش بنسبة 33% هذا العام، وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال - بمؤتمر دولي عقدته فرنسا أول أمس لحشد الدعم لأوكرانيا - إن الانكماش المُتوقع العام المقبل قد يصل لـ9% بسبب شدة الهجمات الروسية واستمرارها.
وفي السياق، أكدت "واشنطن بوست" أن المسئولين الأوكرانيين كانوا متفائلين خلال الفترة التي سبقت اشتداد الهجمات الروسية ضد البنية التحتية في 10 أكتوبر الماضي، بشأن إمكانية أن تسمح المساعدات المالية الغربية لهم بسد معظم الفجوة في الميزانية في عام 2023، إن لم تكن كلها.
وأشارت إلى تعهد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشكل جماعي بتخصيص أكثر من 30 مليار دولار إلى أوكرانيا العام المقبل، رغم أنه في الواقع لم تتم بعد الموافقة على أي من هذه الأموال في برلماني بروكسل أو واشنطن.
وتابعت: أن بعض المساعدات الموعودة لهذا العام لأوكرانيا كانت بطيئة في الظهور مما أجبر كييف على طباعة النقود وخفض قيمة عملتها لضمان استمرارية اقتصادها، ما تسبب بدوره في ارتفاع التضخم بأكثر من 20%.. لكن هذه المساعدة، حتى وإن ظهرت في موعدها، تهدف فقط إلى إبقاء البلاد واقفة على قدميها يومًا بعد يوم ولن تبدأ في توفير مئات المليارات من الأضرار التي سببتها الحرب.
وذكرت أن روسيا دمرت المستشفيات والموانئ والحقول والجسور وأجزاء أخرى من البنية التحتية الحيوية للبلاد، كما تضررت الصادرات الزراعية، على الرغم من الاتفاق الدولي للحفاظ على بعض شحنات الحبوب، كما توجد قطاعات ضخمة من الصناعة الأوكرانية الآن في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، فضلًا عن تدمير ما يصل إلى ثلث غابات البلاد.
وفي سبتمبر الماضي، قدرت الأمم المتحدة أن ما يقرب من 18 مليون أوكراني بحاجة لمساعدات إنسانية، ومع اقتراب البلاد من حافة الهاوية المالية، فكر بعض مستشاري الرئيس فولوديمير زيلينسكي في الأسابيع الأخيرة في مطالبة الحكومات الغربية بتمويل مدفوعات نقدية مباشرة للمواطنين الأوكرانيين، وفقًا لما ذكره مسئولون للواشنطن بوست.