"ماذا يحدث في بيرو؟.. هل هو عودة للصراعات المسلحة بدول أمريكا الجنوبية؟".. هكذا يتسائل الجميع عن الأنباء الآتية من أقصى غرب العالم، من أمريكا الجنوبية، وتحديدا من دولة بيرو، التي تمر بأسبوع مشتعل قد يؤثر في مستقبل تلك البلد، بل ويمتد تأثيره لدول أمريكا الجنوبية، وقد يكون أعمق من ذلك في ظل الصراع الأيدلوجي العالمي.
وفي تطور سريع للأحداث أعلنت رئيسة البلاد البديلة اليوم حالة الطوارئ بالبلاد، وذلك عقب أسبوع ساخن بدايته بإقالة الرئيس الشرعي من قبل البرلمان، بل والقبض عليه واحتجازه، وهو ما أعقبه فوضى داخل البلاد، خصوصا في الأماكن التي صوتت بكثافة له في الانتخابات الأخيرة، وسقوط قتلى وجرحى، بل ولم يتوقف الأمر عند ذلك، وامتدت الاشتباكات إلى داخل البرلمان نفسه.. وتلك القصة كاملة من البداية إلى الآن.
البداية مع الإطاحة باكسترو
https://youtu.be/8TwJ9SK0lkQhttps://youtu.be/8TwJ9SK0lkQ
البداية الساخنة كانت الأربعاء الماضي الموافق 7 ديسمبرن حيث اعتقلت السلطات في بيرو رئيس البلاد بيدرو كاستيلو، بعد ساعات من إعلان عزله، في تطور سريع في الدولة الأمريكية الجنوبية، وأعلنت الشرطة على حسابها الرسمي في "تويتر" أن قوات الأمن اعتقلت الرئيس بيدرو كاستيلو، وأشارت إليه بلقب "الرئيس السابق".
وكان البرلمان البيروفي الذي تهيمن عليه المعارضةاليمينية، قد أعلن عزل الرئيس اليساري بيدروكاستيو بتهمة "العجز الأخلاقي"، وهو القرار الذي كان يخطط له، ودفع كاستيلو لإصدار قرار بحلالبرلمان قبل ساعات، في محاولة لردع ذلك القرار، ولكن البرلمان تجاهل هذا القرار في ظل دعم حصل عليه من مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وحديث عن راعية أمريكية للقرار لوقف موجة عودة المد اليساري داخل أمريكا الجنوبية.
وجاء قرار البرلمان، بموافقة 101 نائب من أصل130 على عزل الرئيس في جلسة بثها التلفزيونبشكل مباشر رغم إعلان كاستيو حل البرلمان وحالةالطوارئ في البلاد، ويأتي القرار بعد محاولتين من قبل باقتراحين آخرين لعزله كان آخرهما في مارس 2022.
وأعقب ذلك تولية دينا بولوارت نائبة كاستيلو لرئاسة البلاد اليمين الدستورية الأسبوع الماضي كرئيسة للبلاد، وإكمال مدة رئاسة كاستيلو والتي تنتهي في 2026، حيث كانت ضمن المخططين لقرار عزل الرئيس.
الأحد ... الشارع يشتعل والقتلى تتساقط
ويبدوا أن الشارع كان يحتاج 3 أيام حتى يرتب ثورته ضد القرار، ففي صباح أمس الأحد، خرجآلاف المتظاهرين إلى الشوارع، بينهم المئات فيالعاصمة ليما اعتراضا على قرار العزل، والمطالبة بإجراء انتخابات جديدة في حالة الاإصرار عليه، وليس تعيين البديل بتلك الآلية، وفي المقابل استخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيلللدموع لرد المتظاهرين.
واشتدت الاحتجاجات التي هزت بيرو بشكل خاصفي المناطق الريفية ، وهي معاقل لكاستيلو، وهو مدرس سابق ووافد سياسي جديد من منطقة جبليةفقيرة في جبال الأنديز، وأشعل المتظاهرون النار فيمركز للشرطة وخربوا مطارا صغيرا تستخدمه القواتالمسلحة وساروا في الشوارع، وكانت حصيلة تلك المظاهرات هو سقوط قتيلين.
وقالت عضوة الكونجرس ماريا تايبي كورونادو إن الصبي البالغ من العمر 15 عاما توفي متأثرا بجروح خلال الاحتجاج، حيث وجهت نداء لبولوارت للتنحي، فيما قالت تايبي ، المنتمية للحزب الذي ساعد كاستيلو وبولوارت في انتخابهما العام الماضي كرئيس ونائب رئيس على التوالي قبل طردهما: "وفاة هذه المواطنة هي مسؤولية السيدةدينا لعدم تقديم استقالتها".
وفي ذات اليوم خرجت بولوارت كتبت على تويتر يومالأحد عقب خطاب تايبي في الكونجرس: "حياة أيشخص من بيرو لا تستحق التضحية بها من أجل المصالح السياسية"، "أعبر عن تعازيّ لوفاة مواطنفي أنداهوايلاس، وأكرر دعوتي للحوار ووضع حد للعنف ".
فيما طالب المتظاهرون، وكثير منهم من أنصاركاستيلو ، منذ أيام بإجراء انتخابات في بيرو بدلاًمن السماح لبولوارت بالبقاء في السلطة حتى انتهاء فترة ولاية كاستيلو رسميًا في عام 2026، كما دعا بعض المتظاهرين إلى إغلاق الكونجرس.
غلق المطارات واقتحام مراكز للشرطة واحتجاز ضباط
ويبدوا أن المتظاهرين اليسار يعرفون كيف تدار المعركة ونشر الفوضى، ففي خلال يومين، أفادتمؤسسة المطارات والطيران التجاري البيروفية، التيتدير مطارات البلاد في بيرو، عن إغلاق مطارأنداهوايلاس في أعقاب الهجمات وأعمال التخريبمنذ يوم السبت، وأضافت أن المحتجين أضرموا النارفي غرفة الإرسال ، وهي ضرورية لتوفير خدمات الملاحة.
فيما قال مكتب أمين المظالم إن محتجين احتجزالساعات ضابطي شرطة في أنداهوايلاس لكن أفرجعنهما في وقت لاحق، وأضافت أن اشتباكات هذا الأسبوع أسفرت عن إصابة 16 مدنيا وأربعة منرجال الشرطة.
تقديم موعد الانتخابات .. محاولة البحث عن مخرج
وهنا خرجت دينا بولوارت مرة أخرى وأعلنت أنهاستقدم مشروع قانون لدفع الانتخابات قدما لمدةعامين حيث خرج الآلاف إلى الشوارع بعد الإطاحةبالسلف بيدرو كاستيلو، وأعلنت رئيسة بيرو البديلة، في خطاب متلفز على المستوى الوطني أنها سترسلإلى الكونغرس اقتراحًا للمضي قدمًا في الانتخاباتالعامة في أعقاب احتجاجات واسعة النطاق.
وقالت بولوارت في وقت مبكر من اليوم الاثنين، إنهاستقدم مشروع قانون لتأجيل الانتخابات العامةلعامين حتى أبريل 2024، ويأتي قرارها السريع على خلفية سقوط القتيلين واحتجاجات الأحدالدامي في أعقاب الإطاحة بكاستيلو.
وأعلنت السلطات في بيرو بشكل رسمي أن شابين أحدهما يبلغ من العمر 15 عامًا والآخر 18 عامًا، قد قتلا "ربما نتيجة لإصابتهما بطلقات نارية" خلال اشتباكات مع الشرطة في مدينة أنداهوايلاس ، فيمنطقة أبوريماك في جبال الأنديز.
إعلان الطوارئ
وبعد ساعات قليلة من إعلانها التقدم بمشروع القانون، أعلنت بولوارت، حالة الطوارئ فى محاولةلاستعادة النظام الداخلى، وبعد أنباء عن تجدد الاحتجاجات، حيث قالت: "تم إعلان حالة الطوارئفي مناطق الصراع الاجتماعي الشديد، لقد وجهتتعليمات لاستعادة السيطرة على النظام الداخليسلميا دون المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين"، حسبما نقلت صحيفة "الديباتى" الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المظاهرات خرجت فىالشوارع البيروفية وادت إلى إغلاق الطرقوالمطارات، واشتبك المتظاهرون المؤيدون للرئيسالمعزول، بيدرو كاستيلو، مرة آخرى ودعت المنظمات الاجتماعية الى إضراب لأجل غير مسمى اعتبارا من اليوم الاثنين.
اشتباكات البرلمان وتعليق الجلسات
https://twitter.com/martinhidalgo/status/1602079766898933761
ويبدوا أن ثورة الغضب قد انتقلت من الشارع إلى داخل البرلمان وذلك أثناء جلسة لمناقشة تداعيات الإطاحة بالرئيس، حيث علق الكونجرس البيروفىالجلسة الهامة يتم فيها مناقشة الوضع القانونىللرئيس المعزول، بيدرو كاستيلو، بسبب اشتباكاتبين البرلمانيين.
وأشارت صحيفة "التيمبو" التشيلية إلى أن النوابمن قوى سياسية مختلفة نشبت بينهم اشتباكاتخلالها ضرب باللكمات، وذلك خلال الجلسة العامةلكونجرس ليما، حيث كان على المشرعين مناقشةالوضع القانوني للرئيس المعزول بيدرو كاستيلو،الذي بدأ بالشتائم والاتهامات المتبادلة، أدى إلىضربات بين النواب.
وأوضحت الصحيفة أن الجلسة كان هدفها تحليلمستقبل كاستيلو وسط مناخ خانق نتيجة التظاهراتالمتعددة التى تقطع الطرق والمطارات التى تطالببالدعوة الى الانتخابات والإفراج عن الرئيس المعزول.
ويبدو أن الأوضاع ستستمر على صفيح ساخن، بعد استخدام الرئيسة البديلة سياسة العصى والجزرة، بإعلانها عن مشروع لتقديم موعد الانتخابات لـ2024، بدلا من 2026، وفي ذات الوقت فرض حالة الطوارئ داخل البلاد.