الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العبرة والخلود.. لماذا عاش نجيب محفوظ ؟

صدى البلد

عاش الأديب الكبير نجيب محفوظ، زمنًا طويلا رأي بعينيه كيف خلد اسمه، وكيف خلد أدبه ليس في مصر فقط ولكن في العالم أجمع. والسر في ذلك لم يكن بسيطا ولا سهلا، كام يتراءى للبعض ولكنها قصة حافلة بالدموع والصدق والصمت.


فأسطورة نجيب محفوظ، لم تولد من فراغ ولم تصنع عبر ضجيج إعلامي زائف، كما هو الحال مع بعض الأسماء اليوم. ولكنها استندت على أرضية صلبة من الكتابات الروائية والقصصية، التي تنطق بحياة القاهرة منذ ثلاثينيات وحتي أواخر القرن العشرين.


فأدب نجيب محفوظ، كان أصدق وصف وأجمل وأعمق مرآة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر، طوال هذه العقود. لم يكتب أدبا مزيفا أومختلقا، بل شقّ طريقًا للخلود الروائي والقصصي صعب، بل من المستحيل تجاوزه أو تخطيه لعشرات السنين القادمة.


الأدب عند نجيب محفوظ، في ذكرى ميلاده الأحد عشر عامًا بعد المائة، هو حركة الناس في الشارع وهمومها وآلامها وشخصياتها. حبكة رواياته نفسها، هى المأساة والدموع التي يعيشها الناس العاديون على أرض الواقع.


وفي ذكرى ميلاده 11 ديسمبر1911، يمكننا أن نقف أمام عشرة نقاط بارزة في حياة "الكاتب الخالد" نجيب محفوظ يمكن التفكر فيها بتمهل:-
-أدب نجيب كان وسيظل أدبًا إنسانيًا من الطراز الأول، له جماهير غفيرة من المحيط إلى الخليج جميعهم قرأوا قصصه أو شاهدوا المأخوذ عنها في الأفلام السينمائية.


-إن نجيب محفوظ ،الذي صدرت روايته الأولى عبث الأقدار سنة 1939، ظل يكتب عقودًا ممتدة حتى أخر رواياته قشتمر عام 1988 ومجموعاته القصصية حتى محاولة اغتياله في منتصف التسعينيات، حيث صدرت في هذه الفترة، أصداء السيرة الذاتية والقرار الأخير وصدى النسيان وفتوة العطوف.


-جذب نجيب محفوظ الأنظار للأدب المصري، ويقال بحق هو أمير الرواية العربية، منذ روايته الواقعية الأولى منذ منتصف الأربعينيات القاهرة الجديدة وبعدها خان الخليلي وزقاق المدق والسراب وبداية ونهاية، واتبعها بثلاثيته الشهيرة بين القصرين وقصر الشوق والسكرية في منتصف الخمسينيات، ليصبح بعدها اسم نجيب محفوظ ملء السمع والبصر.


-استطاعت معظم رواياته أن تثير صخبا وضجة شديدة ولعل أكثرها جدلا، رواية أولاد حارتنا والتي كان ممنوع نشرها في مصر سنوات طويلة، وإن كنت أعتبرها أقل أعماله الأدبية جودة ولا تقارن بروائعه الأخرى.


-الأفلام التي أخذت عن روايات نجيب محفوظ من علامات السينما المصرية، وأحدث أغلبها ضجة هائلة وقت عرضها ونجاحا جماهيريا شديدا، عند عشاق الأدب وعشاق السينما.
-لا يمكن لأحد أن ينسى بداية ونهاية والسراب واللص والكلاب وميرامار والكرنك وثرثرة فوق النيل والشيطان يعظ والحب فوق هضبة الهرم.


- يحسب للمخرج الراحل ذائع الصيت، صلاح أبو سيف إنه اكتشف موهبة نجيب محفوظ منذ البدايات وقرر اشراكه معه في كتابة السيناريو والحوار لمجموعة من روائعه، ثم عمل بعد ذلك سيناريوهات لأفلام كمال الشيخ وعاطف سالم وتوفيق صالح، منها لك يوم يا ظالم والوحش وفتوات الحسينية وجعلوني مجرما وشباب إمرأة والفتوة واحنا التلامذة وأنا حرة ودرب المهابيل.


-كتب نجيب محفوظ 35 رواية و19 مجموعة قصصية وهو إنتاج زاخر لم يستطع الكثيرون تحقيقه أو الوصول له.
-يحسب لنجيب محفوظ، وقد استمتعت بقراءة الغالبية الكاسحة من أعماله العظيمة، وشاهدت كل الأفلام التي كتب لها السيناريو والحوار، وأغلب المأخوذ عن قصصه إنه كان رجلا يعيش الحقيقة ويكتبها.


-لم يؤثر الهجوم الضاري عليه، منذ الضجة الهائلة حول رواية أولاد حارتنا في أواخر الخمسينيات عندما بدأت تنشر مسلسلة في الأهرام، وثارت ضجة عارمة  ورفضها البعض، بسب التطاول على الذات الإلهية والأنبياء. فقد ظل نجيب محفوظ ظل يعمل بدأب على تحقيق منجزه الأدبي.


وقد قال في حوار رحمه الله، مع أحمد كمال أبو المجد ، إن كتاباته كلها تتمسك بهذين المحورين، الإسلام الذي هو منبع الخير لأمتنا. والعلم الذي هو أداة التقدم والنهضة في حاضرنا ومستقبلنا. 
نجيب محفوظ، كان وسيظل مشروعا مصريا خالصًا، أخذ من الأدب ما يصور به معاناة وهموم وآلام الإنسان المصري وأفراحه ومتعته، ونجح في إظهار مواطن الوجع، ليحفظ اسم نجيب محفوظ عبر الزمن.


.. واليوم نحن في أمس الحاجة، لتضمين كتابات نجيب محفوظ، وتدريس أكثر من رواية من رواياته لطلبة المدارس، حتى تتفتح أعينهم على هذا الانتاج الأدبي الزاخر. 
رحم الله نجيب محفوظ، جزاء ما أمتعنا وأبكانا برواياته وأعماله الخالدة.