حتى وقتٍ قريب، كان جمع الحطب هو المصدر الوحيد للحصول على الطاقة في مثلث حلايب، وهو كذلك فعليًا في الوديان والمناطق البعيدة عن مدن حلايب وشلاتين.
تكون مهمة الرجال هي جمع الحطب من شجر الأدليب "الأثل" والأكاسيا وغيرها من أنواع الأشجار الموجودة في هذه الصحراء.
ولطعام الحطب ومشروباته مذاق أجمل من هذا الذي بدأ يتسرب إلى عالمنا من مصادر مختلفة أفسدت طبيعة الأشياء وغيرت نكهتها.
يقول على دورا باحث بيئى إن "الأمبيت" و"المسكيت" من أكثر أنواع الأشجار تواجدًا في صحراء مثلث حلايب، والناظر في طبيعة كل نوع يخرج بخلاصة حول أثر التناقض بينهما، فـ "الأمبيت" شجرة تمنح الحياة لكل من جاورها، والمسكيت لا تقبل لغيرها حياة!
-الأمبيت
وتابع دوار الأمبيت أو صائد الغيوم هي شجرة الحياة في جبل علبه، تنمو في وديانه المرتفعة، لها ميزة فريدة، حيث تعمل هذه الشجرة على جمع الغيوم حول أماكن تواجدها، مما يجعل المكان رطبًا يساعد بقية النباتات المحيطة بها على الحصول على الماء، إنها شجرة الحياة، شجرة تشبه أنواعًا من البشر، تبذل ما بوسعها ليعيش الآخرين، تساعدهم على ذلك، فترى كل روض به "أمبيت" هو موقع حياة لعدد من النباتات والأشجار التي منحها القدر فرصة مجاورة الأمبيت.
-المسكيت
وأضاف "دورا": "المسكيت"هي شجرة أنانية، تمتد جذورها في الأرض لتحصل على الماء الموجود وحدها، ليكون الموت نصيب كل نبات يرافقها في الصحراء، لا تجد الأشجار القريبة منها مياه، بسبب أنانيتها وحبها لنفسها.
لظهور هذه الشجرة في مثلث حلايب قصة قديمة مرتبطة بالاستعمار، وللقصة روايتان، تقول رواية منهما أن المستعمر البريطاني زرع شجر "المسكيت" في المناطق المحازية للمثلث من جهة الجنوب ليصد الرياح والأتربة، وتقول الرواية الثانية (وهي الأقرب للحقيقة) أن المستعمر تعمد زراعة شجر المسكيت في هذه المنطقة لإفشال أي مشروع زراعي في هذه الصحراء.
انتقل هذا الشجر لمثلث حلايب من خلال "بَعْرُ الإبل" الوافدة للمثلث من السودان، ويكفي أن تنبت شجرة واحدة في واد ليمتلئ الوادي مسكيت! فهو شجر ينمو بسرعة غريبة ورهيبة، ربماﻷنه لا يقبل لغيره أن يعيش سبب في سرعة هذا النمو، ولا فائدة لهذه الشجرة إلا في فروعها التي يستخدمها الناس الوقود بعد أن يجف، وهو شجر يحاربه الناس هنا في مثلث حلايب ومحمية جبل علبه - ايلب - من خلال اقتلاعه.