يصادف في مثل ذلك اليوم 30 نوفمبر 1854، حاكم مصر محمد سعيد باشا يمنح الفرنسي فرديناند ديليسبس امتياز حفر قناة السويس.
ارتبط إسم قناة السويس بالخديوي إسماعيل إلا أنه ربما لا يعلم الكثيرون أن الوالي سعيد باشا هو من منح ديليسبس إمتياز تأسيس شركة عامة لحفر القناة.
الوالي سعيد باشا
هو والي مصر و من سلالة الأسرة العلوية ، تولى الحكم من 24 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863 تحت حكم الدولة العثمانية وهو الإبن الرابع لمحمد علي وتلقى تعليمه في باريس.
يعتبر مؤرخو اوروبا والفرنسيين خاصة بأن مشروع قناة السويس هو مفخرة سعيد باشا ، ويقولون انه بهذا العمل قد ادى اعظم خدمة للانسانية و الحضارة.
وكانت بداية الفكره حينما أرسل المسيو فرديناند ديليسبس رساله يهنىء فيها سعيد باشا بارتقاء عرش مصر ، ويبلغه عن حضوره ليقدم له فروض التهانى ، ( فقد كان والد ديليسبس " الكونت ماتيو دليسبس " تربطه صله قديمه بمحمد على باشا منذ ان كان قنصلا لفرنسا فى مصر سنة 1803 ) فأجابه سعيد على تهنئته ، واستدعاه الى مصر ، فسرعان ما جاء الى الاسكندرية فى نوفمبر سنة 1854 ، واستقبله سعيد باشا بحفاوه بالغه ، ثم اصطحبه فى رحله من رحلاته الحربيه ، وسار معه من الاسكندرية الى مصر عن طريق الصحراء الغربية.
فأغتنم ديليسبس هذه الفرصه ليفاتح سعيد باشا فى مشروع قناة السويس ، وزين له انه اذا وفق فى هذا المشروع فأنه سيخلد ذكراه ويكسب ثناء العالم بأسره ، وكان سعيد باشا يعلم ان والده محمد على باشا قد رفض فكرة قناة السويس من قبل ، إلا أنه قبل المشروع أمام إغراءات ديليسبس ووعده بمساعدته وتأييده فى تحقيقه.
عندما وصل سعيد باشا الى القاهره ومعه ديليسبس لم تكد تمضى ايام معدوده حتى منحه بموجب العقد المؤرخ فى 30 نوفمبر سنة 1854 امتياز تأسيس شركة عامة لحفر قناة السويس ، واستثمارها لمدة 99 عاما ابتداء من تاريخ فتح القناة للملاحة ، وهكذا حصل ديليسبس على بغيته التى كان يسعى لها منذ ثلاثة وعشرين عاما ، وهذا العقد هو المعروف بعقد الإمتياز الاول ، وتواصلت بعد ذلك جميع الإجراءات الخاصة بالمشروع.
وكان سعيد باشا قد اشترط لصحة الإمتياز ان يصدق عليه السلطان العثمانى ، على الرغم من نيته تنفيذ المشروع بغض النظر عن هذا التصديق.
وفى 25 ابريل سنة 1859 ذهب المسيو ديليسبس الى شاطىء البحر الأبيض فى الموقع الذي أنشئت فيه بعد ذلك مدينة بورسعيد ، وأقام هناك إحتفالا كبيرا ضرب فيه ديليسبس أول معول فى أرض القناة ، و اقتدى به الحاضرون ، فكانت تلك الضربة ايذانا بالبدء فى العمل.
ومر المشروع بعد ذلك بعدة مشاكل إلا أن العمل استمر إلى أن جرت مياه البحر الأبيض فى القناه حتى بحيرة التمساح ، وذلك فى 18 نوفمبر سنة 1862 ، و إلى هذه المرحلة وصلت القناة فى عهد سعيد باشا.