فضل الدعاء في شهر جمادى الأولى .. حثنا الله تعالى على الدعاء في آيات كثيرة من كتابه العزيز: قال تعالى: «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»(البقرة: 186)، وقال جل شأنه: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ» (غافر: 60).
شروط استجابة الدعاء
وهناك شروط لاستجابة الدعاء منها: الإخلاص في الدعاء لله وحده، وهنا يجب على المسلم أن لا يسأل إلّا الله وأن لا يتوكل إلّا على الله ورجاء الله في الأمور كلها بعيدًا عن الاعتماد على البشر في أي أمرٍ من الأمور
ومن شروط استجابة الدعاء أكل الحلال، لأنّ الله طيبٌ لا يقبل إلّا طيبًا، فالدعاء الذي يخرج من جوف مليء بالخبث والحرام لا يصل إلى الخالق عزّ وجل فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناسُ! إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّبًا،...، ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ . أشعثَ أغبَرَ. يمدُّ يدَيه إلى السماءِ. يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام. فأَنَّى يُستجابُ لذلك؟» [صحيح مسلم].
ويشترط في الدعاء تجنب المجاوزة في الدعاء، ويُقصد بذلك أن يطلب الداعي أمرًا قد حسمه الله سبحانه وتعالى مثل الخلود في الدنيا، أو طلب منازل الأنبياء في الآخرة.
ومن شروط استجابة الدعاء الصدق في الدعاء، أي الثقة بالله وحسن الظن به، وهنا يجب على المسلم أن يدعو ربه وهو موقنٌ بالإجابة وأنّ الله سيعطيه ما أراد، وهنا يجب الابتعاد عن سوء الظن بالله، فالله يكون دومًا عند ظن عبده به سواء خيرًا أم شرًا.
استجابة الدعاء بسرعة
وعد الله - تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شرًا، فالله -حكيم عليم- بما يقدره؛ و لكى يستجاب دعاء الانسان يجب عليه أولًا الأخد بأسباب الإجابة الواردة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة:
-تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة.
-استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة.
-حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها.
-العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل.
-الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل.
-حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي.
-الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء.
-التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله.
آداب استجابة الدعاء
بعد أخذ الإنسان بالأسباب السابق ذكرها لاستجابة الدعاء؛ يوجد عدد من الآداب التى يستحب له المحافظة عليها لكى يكون دعاؤه مستجابًا- بإذن الله تعالى- وهى :
-البدء بحمد الله والصلاة على رسوله - صلّى الله عليه وسلّم-، والختم بذلك، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ».
-الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله.
-عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك.
-إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: «ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين ».
-التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال.
-الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء.
-التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح.
-الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء.
-عدم تكلف السجع في الدعاء.
-الدعاء ثلاثًا، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء، والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسرًا على الداعي.
-من خشية الله تعالى، وإظهار الافتقار إلى الله، والشكوى إليه.
فضل الدعاء وفوائده
إن للدعاء أهمية كبيرة، وفضائل عظيمة، وفوائد كثيرة، ومن هذه الفضائل والفوائد:
-الدعاء طاعة لله -عزّ وجلّ-، وامتثال لأمره؛ حيث أمر به، فالداعي مطيع لله، مستجيب لأمره. تجنب الكبر؛ حيث قال تعالى: «وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ»، فلما أمر الله بالدعاء جعله عبادة، ووصف بتارك هذه العبادة بأنه مستكبر، والإنسان السويّ لا يستكبر عمّن خلقه، ورزقه، وأحياه.
-الدعاء أكرم شيء على الله، وقد ورد ذلك عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وقيل إن ذلك يدل على قدرة الله وعجز الداعي.
-الدعاء من الأمور المحبوبة إلى الله تعالى.
-سبب لانشراح الصدر، وتفريج الهم، وزوال الغم، وتيسير الأمور.
-سبب لاجتناب غضب الله؛ فمن لم يسأل الله ويدعوه فإنه يغضب عليه.
-دليل التوكل على الله، حيث إن أساس التوكل على الله هو اعتماد القلب عليه، ويتجلى التوكل في الدعاء، حيث يكون الداعي مستعينًا بالله، مفوضًا أمره إليه.
-السلامة من العجز، وفيه الدليل على الكياسة، فأضعف الناس همة وأعماهم بصيرة من كان عاجزًا عن الدعاء.
أسباب استجابة الدعاء
إن أسباب استجابة الدعاء كثيرة ومتنوعة ومنها:
1-عبادة الله - سبحانه وتعالى- والقيام بالواجبات من صلاة وصوم والإكثار من صلاة النوافل .
2-الدعاء بما هو خير وعدم الدعاء بقطع الأرحام أو الإثم أو القطيعة.
3-الاستغفار والتوبة من الذنوب.
4-حضور القلب بالدعاء والتضرع والخشية من الله واستشعار عظمته.
5-الدعاء بأسمائه الحسنى وصفاته وعدم الشرك به.
6-العمل الصالح وبر الوالدين.
7-الابتعاد عن المحرمات.
8-الإلحاح بالدعاء من الله - سبحانه وتعالى-.
9-استقبال القبلة ورفع اليدين أثناء الدعاء.
10-الدعاء للمؤمنين بخير الدنيا والآخرة، فمن دعا لغيره بالخير له مثل ما دعا.
11-الإكثار من قول لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
سنن الدعاء
من سنن الاستجابة:
1-رفع اليدين عند دعاء الله تعالى.
2-عدم الاستعجال في انتظار الإجابة.
3-اجتناب الأكل الحرام، وفي الحديث: «ذكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغبَرَ، يَمُدُّ يديهِ إلى السماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْرَبُهُ حرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأنى يُستَجَابُ لذلكَ».
4-افتتاح الدعاء بحمد الله تعالى والصلاة على نبيه الكريم.
5-التوسل إلى الله بأسمائه العلى وصفاته الحسنى.
6-التوسل بالأعمال الصالحة، وتحين أوقات استجابة الدعاء مثل الثلث الأخير من الليل، وأدبار الصلوات، وبين الآذان والإقامة.
أنواع الدعاء
الدعاء نوعان؛ وهما دعاء في العبادة؛ وهو هداية من الله لعباده المؤمنين وذلك بالتوسل إلى الله سبحانه وتعالى لجلب منفعة أو إبعاد مضرة، ويكون على ثلاث حالات قبل البدء بعمل ما وطلب العون من الله، وقد يكون خلال العمل للتثبيت فيه، وقد يكون بعده اعترافًا بفضل الله والاستغفار للتقصير في عبادته.
أما النوع الثاني فهو دعاء المسألة لقضاء الحاجات؛ وهو الدعاء بجلب نفع أو إبعاد مضرة، ويكون للأمور الدنيوية، ولا يعني استجابته محبة الله ونيل رضوانه، وإنما رحمة من الله لمن دعاه به.
كيف يستجاب الدعاء بسرعة
إذا أردت أن يستجاب الدعاء بسرعةفعليك بفعل آداب الدعاء وأسباب الإجابة:
1- الإخلاص لله.
2- أن يبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ويختم بذلك.
3- الجزم في الدعاء واليقين بالإجابة.
4- الإلحاح في الدعاء وعدم الاستعجال.
5- حضور القلب في الدعاء.
6- الدعاء في الرخاء والشدة.
7- لا يسأل إلا الله وحده.
8- عدم الدعاء على الأهل، والمال، والولد، والنفس.
9- خفض الصوت بالدعاء بين المخافتة والجهر.
10- الاعتراف بالذنب والاستغفار منه والاعتراف بالنعمة وشكر الله عليها.
11- عدم تكلف السجع في الدعاء.
12- التضرع والخشوع والرغبة والرهبة.
13- رد المظالم مع التوبة.
14- الدعاء ثلاثًا.
15- استقبال القبلة.
16- رفع الأيدي في الدعاء.
17- الوضوء قبل الدعاء إن تيسر.
18- أن لا يعتدي في الدعاء.
19- أن يبدأ الداعي بنفسه إذا دعا لغيره «قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بنفسه بالدعاء وثبت أيضًا أنه لم يبدأ بنفسه كدعائه لأنس، وابن عباس، وأم إسماعيل، وغيرهم».
20- أن يتوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أو بعمل صالح قام به الداعي نفسه، أو بدعاء رجل صالح حي حاضر له.
21- أن يكون المطعم والمشرب والملبس من حلال.
22- لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
23- أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
24- الابتعاد عن جميع المعاصي.