محافظة أسوان عروس المشاتى ، عاصمة الشباب والإقتصاد والثقافة الإفريقية ، والتي تمتلك على أرضها ، أرض بلاد الذهب ، العديد من المقومات الطبيعية والبشرية ، بجانب ما تمتلكه من فعاليات ومهرجانات وسباقات ومنافسات محلية ودولية .
وفى هذا الإطار نلقى الضوء عبر منصة " صدى البلد " على أحد أبرز هذه المهرجانات والفعاليات ، والسباقات والمنافسات ، وهو سباق " مرماح الخيول " ، والذى يتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل حيث يحرص أبناء القبائل العربية على تنظيم هذا السباق سنوياً على أرض أسوان وذلك في إطار الحرص الدائم لتوطيد العلاقات بين العائلات والأسر والقبائل المنتشرة على ضفاف نهر النيل .
مرماح الخيول
وفى هذا الإتجاه فقد شهدت قرية بنبان التابعة لمركز دراو شمال أسوان تنظيم سباق المرماح السنوى للخيول والذي تستضيفه القرية عادة فى شهر نوفمبر من كل عام ويتجمع فيه الآلاف من أبناء القبائل لمتابعة ومشاهدة المتنافسين على لقب أفضل "خيل رماح" بين خيول الصعيد.
وقد أشار عبد العزيز العزازى أحد أهالى القرية وعضو لجنة التنظيم إلى أن المرماح موروث شعبى قديم ، ولازال أبناء القبائل العربية يحافظون على إقامته بصفة دورية وهو مقسم بين القرى المختلفة لـ22 مرماح داخل محافظة أسوان وحدها، وكان المرماح سابقاً يمتد لـ3 ليال، وتقوم لجنة التنظيم بطبع دعوات حضور ويتم توزيعها وتسليمها لعمد ومشايخ مختلف القرى بجانب الترويج للمرماح عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" وغيرها.
وقال عبد العزيز العزازى بأن قرية بنبان كانت تستضيف المرماح خلال شهر أبريل من كل عام وتم تعديل الموعد لشهر نوفمبر، ويشارك فيه هذا العام نحو 200 خيل من الخيول العربية والإنجليزية الأصيلة والتى برز اسمها مؤخراً فى السباقات واستطاعت أن تحقق لقب أفضل الخيول وتنال مع أصحابها كؤوس البطولات.
مهرجانات متوارثة
وأضاف بأن من أبرز هذه الخيول "بيسو ورعيد ومخيف والإنجليزى وبورتوفينو والقصبجى والعربى ومهيب وصهيل والمرتاح والسلطان" وغيرهم، وهذه الخيول ما بين عربية الأصل قادمة من دول الخليج العربى وأخرى قادمة من أوروبا ومدون لها سجل تفصيلى عنها، بينما تنشأ الأخرى بلدية محلية داخل مصر، وتخوض هذه الخيول وغيرها السباق بنظام المجموعتين ويطلق عليها اسم "الحيط" حيث تتنافس خيول الحيط البحرى مع بعضها وخيول الحيط القبلى مع بعضها بحسب التوزيع الجغرافى للقرى القادمة منها هذه الخيول، وكانت السباقات قديماً تقام بنظام "الطرود" والذى يجبر صاحب الحصان المهزوم بأن يأتى بحصان بديل لخوض المنافسة، إلا أن هذا النظام من المنافسة تم استبداله حتى يتيح للفارس خوض فرصة أخرى بالسباق فى حالة الخسارة.
فيما أوضح إدريس ربيع من أهالى قرية بنبان ، وعضو لجنة التنظيم بأنه يسبق تنافس الخيول "ليلة المرماح" لقاء الأهالى بعضهم البعض، بعد أن وصلوا إلى قرية بنبان قادمين من شتى أنحاء قرى ومراكز محافظة أسوان ، وأيضاً مركز إسنا بمحافظة الأقصر، وتبدأ العائلات فى قرية بنبان باستضافة الوفود التى تحضر للمشاركة فى المرماح بأجود أنواع الخيول العربية والإنجليزية والمحلية، وتقام فى ليلة المرماح احتفالية يغلبها تلاوة القران الكريم لمشاهير القراء فى الصعيد وحلقات ذكر ومديح وإنشاد دينى ويتجمع الكبار والأطفال والنساء لمتابعة الاحتفالات التى ينتشر فيها باعة الحلوى الجائلون وينصب فيها ألعاب الأطفال المتنقلة، وبجانب ذلك يتجمع الرجال حول لعبة العصا الشهيرة بين أبناء الصعيد.
سباقات ومنافسات
وأكمل بأن مكان المرماح يكون عادة فى منطقة صحراوية على أطراف القرية بعيدة عن التجمعات السكنية ، لأن جرى الخيول يمثل خطورة على أرواح المواطنين ، ومن ثم فإن تنظيم هذه السباقات يفضل أن يكون فى منطقة صحراوية يتم تجهيزها وإعدادها بأيام تسبق المرماح حتى تستوعب أكبر عدد ممكن من المواطنين الذين يتجمعون فى هذا المكان وتنصب لهم الخيام ويتم ذبح وإعداد ولائم الطعام لأن السباق يمتد من أول ضوء النهار حتى آخره، ويتم تجهيز المشروبات وكل ما يلزم من راحة الضيوف ويناسب السباق.
كما أن الخيول تجري لمسافة تصل لنحو 5 كيلو متر والمنافسات تكون ثنائية ، والفائز الذي يصل لخط النهاية يحصل على شارة من "حامل الراية" ويسجل اسمه فى لجنة التنظيم ، والتى يشارك فيها أعضاء من الشباب والرياضة، وتشمل الجوائز كؤوس للفائزين وشهادات تقدير وتمنح للفائزين فى السباقات ، وأيضاً هناك جوائز لأفضل حصان وأفضل أخلاق فارس وأحسن مضيف وغيرها من التصنيفات الأخلاقية بجانب المنافسة على سرعة الخيول ، وهى تعد جوائز تحفيزية معنوية تبرز قوة الحصان الفائز وتساهم فى رفع سعره بعدما اشتهر بين الناس بأنه الأجود والأسرع فى مثل هذه السباقات السنوية .