لما سمى الله التوراة وصحف موسى عليه السلام بالفرقان؟ أمر أوضحه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، حيث أشار إلى أن التفريق بين الحق والباطل نور، ويحققه الله لمن اتبع نوره الهادي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واستجاب للكتاب العزيز القرآن الكريم، قال تعالى : ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِى بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة :15، 16].
لما سمى الله التوراة وصحف موسى عليه السلام بالفرقان؟
وتابع من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: “النور والظلمات من خلق الله، ومن فوائد خلق الأضداد في الكون تمييز الأشياء، فما كان لنا أن ندرك قيمة النور إن لم يكن هناك ظلمات، ولا قيمة الصحة إن لم يكن هناك مرض، ولكن الذين يستحبون الظلمات على النور هم الجائرين الذين انحرفوا عن مراد الله، ولذا يقول تعالى : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام :1]”.
وأكمل علي جمعة: قديما قالوا : وبضدها تتميز الأشياء، مبينا أنه لا تعني علاقة التضاد بين المخلوقات أن أحد الأطراف شر والآخر خير، فإن هذا قد يتحقق في الحق والباطل، في الظلمات والنور، والصدق والكذب، في الصحة والمرض -على تفصيل- إلا أنه لا يتحقق في الغني والفقير، والحاكم والمحكوم، والأبيض والأسود، فهذه المتناقضات في خلق الله تقضي الكامل وخلقها الله متناقضة ليظهر كل ضد حسن الآخر، وذلك مصداقا لقول الشاعر : الخد كالصبح مبيض والشَّعْر كالليل مسودُّ ضدان لما استجمع حسنا والضد يظهر حسنه الضد.
وأوضح أنه لقد سمى الله التوراة وصحف موسى عليه السلام بالفرقان، قال تعالى : ﴿وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [البقرة :53]. وقال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ﴾ [الأنبياء :48]، لافتا إلى أن ربنا سمى القرآن بالفرقان، في سورة اسمها [الفرقان] قال تعالى : ﴿تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [ الفرقان :1]، وقال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة :185]، وقال سبحانه : ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ * مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ﴾ [آل عمران :3 ، 4]. وإطلاق الفرقان على كلام الله باعتبار أنه الأداة التي يفرق بها الإنسان بين الحق والباطل، ويهتدي به إلى الطريق المستقيم.
كما سمي أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بالفاروق لشدة بصيرته ولعظمة قدرته على التفريق بين الحق والباطل مهما كان هناك لبس وخلط في الأمور.