الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حضارة شاهين وتهكم الإيرلندي

كريمة أبو العينين
كريمة أبو العينين

فى خضم ما نمر به من أحداث وتغيرات ومتغيرات، رأيت حواراً للمخرج العالمي المرحوم يوسف شاهين مع مذيع إيرلندى لإحدى القنوات البريطانية . 

بدأ المذيع حواره بتوجيه سؤال غريب لشاهين أو جو كما كان يحب أن يناديه به المقربون منه؛  السؤال كان: انت من العالم الثالث؟ ولأول وهلة تتوقع أن يثور المخرج العالمي ويجول ويرد بعنف وعصبية ؛ بل وربما تتخيل أن شاهين سيقوم بطرد الاعلامى الغربى، ومقاضاة القناة التى يعمل فيها هذا الفظ، وربما تتصور أيضًا أن مخرجنا العالمي سيرفع قضية تعويض بتهمة السب والقذف والحصول على تعويض كبير يتناسب مع حجم شاهين وعالميته ؛ ولكن المدهش أن شاهين كان مدهشًا فى رده الى أبعد الحدود وأقصاها تحملا وهدوءًا؛ فقد تساءل ردا على المذيع وقال له : انا من العالم التالت ازاى يعنى ده احنا من زمان اوى ، وأشعل سيجارته وأخذ نفسا عميقا واستكمل قائلا: انا من بلد حضارتها من سبعة آلاف سنة، يعنى احنا موجودين قبل اى حد . 

ولم يقاطعه المذيع فاستكمل شاهين قوله : أنا صاحب الحضارة  ؛ عارف يعنى ايه حضارة ؟ يعنى ازاى تتواصل مع الناس؛ يعنى ازاى تحب ، ازاى تعيش ، عندنا ممكن تروح عند حد لايملك شيئاً ولكنه من اجل ضيافتك يشحت ، يستلف عشان يقوم بواجب الضيافة الصح مع أيا كان من سيطرق بابه غريبا او قريبا ، أما انتم فقد يفقد الإنسان وعيه فى الشارع ويسقط ولا يلتفت اليه احد ؛ وبعد ده كله بتقولى إنى متخلف ومن عالم تالت!!. 

حوار العالمي يوسف شاهين جاءنى فى وقت تشهد فيه الساحة علامات استفهام كبيرة من المهتمين بقضايا المجتمع والأخلاق والوطنية. 

هذه المرحلة ليست بجديدة علينا ولكن التاريخ يذكر ان البلاد مرت بأسوأ من ذلك ويكفى ان الفن القديم تغنى بـ«أنا وحبيبي روحين فى زكيبه ؛ وإرخى الستاره اللى فى ريحنا احسن جارنا يجرحنا» ؛ هى إذن لا تختلف عما نسمعه ونشاهده من أغان وصفت بأنها اغانى مهرجانات ؛ ومن مغنيين أسماؤهم مشتقة من توابل وأدوات منزلية ؛ إذن القلق الحالى خلقته وسائل التواصل الاجتماعى التى تشعل النار فى الهشيم وتزيدها التهابا بمجرد صورة او فيديو ؛ يتم نشر احداهما او كلاهما بدون اى تدقيق او حتى تخوفات من العواقب فتصول الدنيا وتجول وتتغير أجواءها وأهوالها ..

وبين المرحلة الحالية والتاريخ القديم نحن فى أمس الحاجة إلى شاهين جديد يحدثنا عن قديمنا الجميل الراقى لنطمئن منه على حاضرنا مهما كان فيه من وقفات وتغييرات ونستبشر بمستقبل يليق ببلد الحضارة والتاريخ .