الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اشتعال الأزمة بين 4 دول.. قصة الأكراد في سوريا والعراق وتركيا وإيران

الأكراد
الأكراد

"انفجار داخل اسنطبول والحكومة التركية تتهم الأكراد بالوقوف خلف الهجوم .. قصف إيراني لمواقع أحزاب كردية إيرانية داخل الأراضي العراقية .. اشتباكات دامية بمناطق الكرد بإيران .. هجوم وشيك تركي على مناطق كردية بسوريا" .. هكذا كانت عناوين الأخبار في الفترة الأخيرة، وكان العامل المشترك بين تلك العناوين هي كلمة واحدة وهي "الأكراد"، وكانت تلك الأزمات متواجدة في 4 بلاد  مختلفة هي سوريا والعراق وإيران وتركيا .. فما هو تاريخ تلك الأزمة المتشعبة.

الكرد يعتبروا رابع أكبر قومية في الشرق الأوسط، يتوزعون في أربع بلدان بشكل رئيسي وهي تركيا، العراق، إيران، وسوريا، وهناك جاليات كردية كبيرة في أوروبا، يشكلون أكبر جالية أجنبية في أوروبا، وكذلك هناك جاليات في بعض دول الاتحاد السوفيتي سابقاً وبعض الدول العربية مثل لبنان وفلسطين وغيرها، والسؤال الذي يطرح نفسه، هو من هم الأكراد وما نسبتهم في كل دولة، وما هي هويتهم وأزمتهم.

من هم الأكراد 

الأكراد هم مجموعة إثنية "عرقية" وشعوب تتركز أساسا شمال الشرق الأوسط بمحاذاة جبال زاكروس وطوروس في منطقة كردِستان الكبرى، المنطقة التي شهدت عدة كيانات كردية قديمة، وبعضها يعود لأسلاف الكرد في المنطقة من الشعوب الآرية.

ورغم تواجدهم في حدود أربع دول، إلا أنهم يشكلون جزءا ذا طابع خاص في جسد الأمة  العربية والإسلامية، ويرجع ذلك لتمسكهم بهويتهم العرقية، ووجود لغة خاصة بهم هي اللغة الكردية – وإن كانت لها عدة لهجات حسب كل منطقة – ووجود فكرة دولة كردية موحدة بين قطاعات كبيرة تجمع حولها كيانات سياسية من أحزاب وجماعات تسعى لتحقيق تلك الفكرة، سواء عبر السبل السياسية، أو حتى عبر فرض القوة والسلاح.

عددهم 35 مليون 70% منهم مسلمين سنة  

تشير التقديرات الأكثر رجاحة إلى أن عددهم يتأرجح حول 35  مليون نسمة في الدول الأربعة، الغالبية العظمى منهم من المسلمين السنة بنسبة 70 %، غالبيتهم على مذهب الإمام الشافعي.

وأما المسيحيون من الأكراد فهم من الكاثوليك والكلدانيين والأشوريين والسريان ويتحدثون اللغة الآرامية، وكان هناك أكراد يهود، ولكنهم هاجروا ما بين عامي 1949 و1950 إلى إسرائيل، أستراليا والولايات المتحدة.

توزيعهم داخل البلدان الأربعة 

في تركيا .. يتمركزن في منطقة كردستان تركيا أو كردستان الشمالية، وتقع في شرق الأناضول ومناطق جنوب شرق الأناضول، حيث يشكل الكرد المجموعة العرقية السائدة هناك، ويقدر المعهد الكردي في باريس أن هناك 15 مليون كردي يعيشون في تركيا، يمثلون تقريبا 20% من الشعب التركي.

في إيران .. الأكراد هم ثالث أكبر مجموعة عرقية في إيران بعد الفرس والأذربيجانيين الإيرانيين، يشكلون حوالي 10٪ من سكان البلادن حيث يبلغ عددهم 7 ملايين نسمة، يتمركزون فيما يطلق عليه "كردستان إيران"، وهو اسم غير رسمي لمناطق شمال غرب إيران ذات الأغلبية الكردية، تشمل محافظات أذربيجان الغربية وكردستان وكرمانشاه وعيلام وأجزاء من محافظتي همدان ولرستان

في سوريا .. هم أكبر أقلية عرقية في سوريا – حوالي 2 مليون نسمة - يشكلون حوالي من 10% من سكان البلاد ومعظمهم من المسلمين السنة، وبعضهم من اليزيديين إضافة إلى عدد قليل من المسيحيين والعلويين الكرد، يتمركزون في المنطقة الواقعة على الحدود السورية العراقية التركية كما يتواجدون في ولاية حلب حيث توجد جبال الأكراد، تحديدا منطقة عفرين وكوباني.

دول العالم ... ويتواجد ما يزيد عن 5 مليون كردي في شكل جاليات داخل دول أخرى كدول الاتحاد الأوروبي، وروسيا وأذربيجان ولبنان وروسيا، وعدد آخر من دول العالم.

بداية الأزمة مع سايكس بيكو 

وتبدأ أزمة الأكراد المحاصرة مع انهيار الدولة العثمانية واتفاقية سايكس بيكو التي قسمت المنطقة وحرمت الكرد من الحقوق التي منحتها لباقي القوميات، وخاصة الكبرى منها، ودخل الأكراد بعدها في صدامات دموية مع نظم حكم الدول التى تواجدوا بها 

وبعد أن اصبحوا أكبر عرقية كبيرة في كل دولة، دخلت الحركات الكردية في صراع مع الدول التي تتواجد بها، حيث تخشى كل دولة احتمال استقلال كردستان، وتحول في بعض الأحيان النضال الكردي إلى نضال مسلح كما حدث في تركيا، ويتضمن التاريخ الحديث للأكراد العديد من عمليات المتبادلة ذات الحصيلة الكبيرة من الضحايا وصلت في بعضها إلى أكثر من 100 ألف قتيل 

الوضع السياسي لأكراد العراق

في العراق .. يعتبر إقليم كردستان العراق، من أكثر الأماكن أمانا للأكراد، فهو كيان اتحادي وفقا للدستور العراقي ورئيسه الحالي هو مسعود برزاني، ومن أكثر المناطق الواعدة اقتصاديا واجتماعيا في الشرق الأوسط، وهذا فضلا عن غناه بالنفط.

والتوتر الحالي داخل الإقليم هو تواجد قيادات سياسية كردية من أكراد تركيا وإيران بداخله، وهو ما يفسر العمليات العسكرية التي توقوم بها كلا الدولتين من حين لآخر على الإقليم.

أكراد سوريا .. كرة ثلج محاطة بالنيران 

ورغم تمتع أكراد سوريا بحكم ذاتي في الوقت الراهن إلا أنهم ككرة ثلج تحيطها النيران، فالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بقيادة الأكراد، في وضع غير مستقر، ويرتبط وجودها بالدعم الأمريكي لها كمكافأة في المشاركة العسكرية للقضاء على تنظيم داعش بالمنطقة، إلا أن الهجمات مازالت مستمرة من الجيش التركي، مع وجود مطالب متكررة للنظام السوري بعودتها إلى حظيرته – أماكن الكرد قبل التوسع في شمال سوريا - دون قيد أو شرط. 

ومع نجاح الأكراد في تجنب هجمات النظام السوري في صراعه مع المعارضة، وانسحبت قوات أمن النظام لتتمركز في أماكن أخرى، اغتنمت المجموعات الكردية الفرصة لتحل محلها، وتستولي على مناطق نفوذ، وتحمي مناطقها، وتقدم الخدمات الأساسية لتضمن وضعا أفضل للأكراد في سورية ما بعد الأسد، ولكن لا يزال الخطر يحيط بمحاولة بناء حكما مستقلا في ظل تربص تركيا، خصوصا مع التوتر الذي حدث خلال الأسبوع الماضي، وتحميل تركيا لأكراد سوريا المسئولية عن هجمات اسطنبول.

أكراد إيران .. العرقية والمذهبية تجعلهم تحت النار 

والوضع الاصعب للأكراد داخل إيران، وذلك للاختلاف العرقي والمذهبي كونهم سنة، وإيران دولة شيعية، ودائما هناك مطاردة من السلطات الإيرانية للكيانات السياسية الكردية بداخلها، وفي الفترة الحالية تحولت شوارع المدن الكردية إلى ساحة حرب بعد إرسال السلطات الإيرانية قوات حربية وتعرّض الأهالي لحملات قمع، وذلك مع تتواصل الاحتجاجات الشعبية في إطار التظاهرات التي تشهدها البلاد على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر.

وقتلت قوات الأمن الإيرانية 72 شخصاً منهم 56 شخصاً في مناطق يسكنها الأكراد خلال الأسبوع الماضي في حملة القمع المستمرة، وتتهم حكومة طهران الفصائل الكردية المعارضة بإثارة الاضطرابات التي تشهدها إيران إثر وفاة أميني بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة.

من أتاتورك لأردوغان .. صراع دموي لمع الأكراد 

أما عن الحال السياسي لأكراد تركيا، فهو يصنف على أنه صراع دموي، ونزاع مسلح بين الجمهورية التركية منذ تأسيسها على يد كمال اتاتورك، وبين مختلف الجماعات الكردية الثائرة التي طالبت بالانفصال عن تركيا لإنشاء دولة كردستان المستقلة، أو لتأمين حكم ذاتي وقدر أكبر من الحقوق السياسية والثقافية للكُرد داخل الجمهورية التركية، والمجموعة الثائرة الرئيسية هي حزب العمال الكردستاني بّي كي كي.

وعلى الرغم من امتداد الصراع الكردي التركي إلى مناطق عديدة، إلا أن معظم النزاعات حدثت في شمال كردستان، وهو ما يشكل جنوب شرق تركيا، وأدى تواجد حزب العمال الكردستاني في كردستان العراق إلى قيام القوات المسلحة التركية بغارات برية متكررة وضربات جوية ومدفعية في المنطقة.

ورغم حظر تلك التنظيمات وملاحقة قياداتها وحبسهم، إلا أن تواجد مجموعات منهم على الحدود التركية، أبقى على إمكانية تنفييذ عمليات داخل الأراضي التركية، وآخرهم تفجير إسطنبول – كما أعلنت الحكومة التركية – وهو الصراع الذي لم تظهر ملامح لحلحلته رغم مرور ما يزيد عن 100 سنة على بدايته.