الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أليس منكم رجل رشيد

نهى زكريا
نهى زكريا

لا يوجد نجاحٌ أحادى المجهود، ولكن النجاح يعتمد على خلية بمثابة نواة الولوج لهذا النجاح، وباقى الخلايا فِى فَلَكها تسبح.

إذا سألوك عن نجاح خليتنا وكبيرها؛ فأْخْبرهم بأنها من عسلٍ مُصفى، وكبيرها عاشق.. ودائمًا ما أتذكَّر ذلك فى كل مرة يُهاجم أحدهم بلدى الجميلة، ويقدح فى سمعتها ويُشوِّه فى صورتها، بخروج عُشَّاق ترابها من باطنها وصُلبها يُدافعون ويدفعون عنها، وما يُضحكنى كثيرًا هو أسلوبهم الرتيب الذى لا يتغيَّر، فالحقد لديهم تُحيطه هالةٌ من الغباء الشديد الممزوج بالسذاجة والبلاهة، وهذا ما يجعلنى أشمئز حتى من ذِكر أسمائهم كمضربٍ للمثل.

يحترم عقلى الذكاء ويُقدِّر أصحابه حتى وإن كان من الأعداء، إلا أن اجتماع الشر مع الغباء فى عقلٍ واحدٍ، فهذا مما نُعده جميعًا خليطًا يُثير الامتعاض، فقد نسى هؤلاء فضل بلدهم عليهم، بعد أن كتب لهم من أرضه شهادة ميلاد، ليجعل كل فردٍ فيهم إنسانًا فى ذاته، آدميًا فى تعامله، لكن سرعان ما لبسوا أن فقدوا إنسانيتهم وهُويتهم أمام أول إغراءٍ مادىٍّ صادفهم، والذى من الممكن أن يزول فى ثوانٍ معدودة، وطعنوا وطنهم وموطنهم بخنجرٍ مسمومٍ، من أجل مصالحهم الشخصية، ومكاسبهم الدنيوية، وأطماعهم السلطوية.

تناسى بائعو الوطن بغبائهم المميز أنه من الممكن أن يأتى يوم يرفض فيه هذا البلد استضافتهم واحتضانهم، ويأبى ألا يدخلوه أو يُدفنوا فيه؛ لأن جثثهم مُلوَّثة بدماء الخيانة والغدر والعمالة، وأنهم امتهنوا تجارة الأوطان، وهى لمن لا يعى ويعلم، عملٌ مُحرَّمٌ مُجرَّمٌ، حرَّمته الأديان، وجرَّمته القوانين، ولفظته الفطرة الإنسانية السوية، كما نسى أو تناسى هؤلاء أيضًا أنهم بأفعالهم الدنيئة الخسيسة أصبحوا قُربانًا لأعداء الوطن الذين متى فشلوا فى مهمتهم، تقدَّموا برؤوسهم لبلدنا الكبير مصر؛ لكسب الودِّ ونيل الرضا.

حتى وإن حاولت بعض الدول إخضاع مصرنا والضغط عليها، مثلما فعلت مُؤخرًا بمؤتمر المناخ على أرض السلام، شرم الشيخ، فى طلب خروج السجناء الجنائيين المتهمين في قضايا مثبتة بالدليل والسبق والإصرار، في بلد يتعرَّض كل حدوده لكل أنواع الإرهاب والترويع، وكان الأحرى أن يُقدَّم هؤلاء لهذا البلد كل الشكر، ولكن الغريب هو انتقادهم غير المُبرر، وأن تكون الرائدة فى هذا الحديث هى أمريكا التى نسيت قبل حديثها عن حقوق الإنسان معتقلى غوانتنامو، ذلك السجن الذى تُشرف عليه أمريكا بعد استئجارها لقاعدة من كوبا منذ نحو عشرين عامًا.. وهو معتقلٌ سيئ السمعة، لا يُوجد به ما يُسمَّى بحقوق الإنسان ولا حتى الحيوان، مما حدا بالمنظمات الحقوقية الدولية إلى المطالبة بإغلاقه كثيرًا، لكن أمريكا رفضت بغطرسة القوة والجبروت.

هنا وفقط، تذكَّرت قول سيدنا على بن أبى طالب، رضى الله عنه، عندما قال "كيف يُصلح غيره مَنْ لا يُصْلح نفسه؟"، وأيضًا قول الله تعالى حكايةً عن قوم سيدنا لوط "وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ".. فما أبشع أن تكون من المتطهرين فى زمنٍ ليس فيه رجل رشيد.