متى يكتب الله الأرزاق وحظوظ الخلائق من الشقاء والنعيم ؟، لاشك أنه من أهم المسائل التي تحمل الإنسان على الطمأنينة والرضا ، وفي الوقت ذاته فإن معرفة متى يكتب الله الأرزاق والحظوظ ؟ يعد من الأسرار الخفية عن الكثيرين ، وحيث تتعلق المسألة بالأرزاق من هنا تنبع الأهمية .
متى يكتب الله الأرزاق
متى يكتب الله الأرزاق وحظوظ الخلائق؟ ، أجاب الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن أرزاق الخلائق مقدرة منذ الأزل وأنه قدرها تقديرًا دقيقًا لا يظلم معه أحد ، مستشهدًا بما قال الله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}الآية 10 من سورة فصلت.
وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن متى يكتب الله الأرزاق وحظوظ الخلائق ؟ ، أن الله سبحانه وتعالى يَرزُق الخلق أَجمعين ، وهو الذي خلق الأَرْزاق وأَعطى الخلائق أَرزاقها وأَوصَلها إليهم، مشيرًا إلى أن الأَرزاق نوعان : ( ظاهرة للأَبدان كالأَقْوات ، وباطنة للقلوب والنُّفوس كالمَعارِف والعلوم)، و الله عز وجل هو الرزاق الأوحد لجميع مخلوقاته وأنه بيده مفاتيح الرزق لا يشاركه فيها أحد، ثم ألزم نفسه سبحانه برزق كل مخلوقاته علي حد سواء من عبده منهم أو من لم يعبده، فقال: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} الآية 6 من سورة هود.
كتب الله الأرزاق في 4 أيام
القول في تأويل قوله تعالى : (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ) الآية 10 من سورة فصلت ، يقول تعالى ذكره: وجعل في الأرض التي خلق في يومين جبالا رواسي ، وهي الثوابت في الأرض من فوقها ، يعني: من فوق الأرض على ظهرها، وقوله: ( وَبَارَكَ فِيهَا ) يقول: وبارك في الأرض فجعلها دائمة الخير لأهلها، وقد ذُكر عن السديّ في ذلك ما حدثنا موسى ، قال: ثنا عمرو ، قال: ثنا أسباط ، عن السديّ: ( وَبَارَكَ فِيهَا ) قال: أنبت شجرها.
اختلف أهل التأويل في قوله تعالى : ( وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ) ، فقال بعضهم: وقدر فيها أقوات أهلها بمعنى أرزاق العباد ومعايشهم، وقال آخرون: بل معناه: وقدر فيها ما يصلحها، وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقدر فيها جبالها وأنهارها وأشجارها وساكنها من الدواب كلها، وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقدر فيها أقواتها من المطر، وقال آخرون: بل معنى ذلك: وقدر في كل بلدة منها ما لم يجعله في الآخر منها لمعاش ، بعضهم من بعض بالتجارة من بلدة إلى بلدة.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى أخبر أنه قدّر في الأرض أقوات أهلها ، وذلك ما يقوتهم من الغذاء ، ويصلحهم من المعاش ، ولم يخصص جلّ ثناؤه بقوله ( وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ) أنه قَدّر فيها قوتا دون قوت ، بل عم الخبر عن تقديره فيها جميع الأقوات ، ومما يقوت أهلها ما لا يصلحهم غيره من الغذاء ، وذلك لا يكون إلا بالمطر والتصرّف في البلاد لما خصّ به بعضا دون بعض ، ومما أخرج من الجبال من الجواهر ، ومن البحر من المآكل والحليّ ، ولا قول في ذلك أصح مما قال جلّ ثناؤه: قدّر في الأرض أقوات أهلها ، لما وصفنا من العلة.
وقال جلّ ثناؤه: ( فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ) لما ذكرنا قبل من الخبر الذي روينا عن ابن عباس ، عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه فرغ من خلق الأرض وجميع أسبابها ومنافعها من الأشجار والماء والمدائن والعمران والخراب في أربعة أيام ، أوّلهنّ يوم الأحد ، وآخرهن يوم الأربعاء، وحدثني موسى ، قال: ثنا عمرو ، قال: ثنا أسباط ، عن السديّ ، قال: خلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما ينبغي لها في يومين ، في الثلاثاء والأربعاء، وقال بعض نحويي البصرة: قال. خلق الأرض في يومين ، ثم قال في أربعة أيام ، لأنه يعني أن هذا مع الأول أربعة أيام ، كما تقول: تزوّجت أمس امرأة ، واليوم ثنتين ، وإحداهما التي تزوّجتها أمس.
وقوله: ( سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم: تأويله: سواء لمن سأل عن مبلغ الأجل الذي خلق الله فيه الأرض ، وجعل فيها الرواسي من فوقها والبركة ، وقدّر فيها الأقوات بأهلها ، وجَدَهُ كما أخبر الله أربعه أيام لا يزدن على ذلك ولا ينقصن منه، وقال آخرون: بل معنى ذلك: سواء لمن سأل ربه شيئا مما به الحاجة إليه من الرزق ، فإن الله قد قدّر له من الأقوات في الأرض ، على قدر مسألة كل سائل منهم لو سأله لما نفذ من علمه فيهم قبل أن يخلقهم.