لم تقف إعاقته حائلاً بينه وبين تحقيق أحلامه وعمله في مهنة تتطلب منه الجهد والعرق، ليبدع في صناعة الحياكة والعمل كمنجد إفرنجي رغم فقد حاسة البصر، ليقهر الصعاب والظروف التي لحقت به، ويتفوق على غيره في مهنة تتطلب وتعتمد على البصر، ليصبح شخصاً إستثنائياً قاهراً للظروف، إنه الأسطى سيد محمد صاحب 62 عاماً، إبن قرية كفر ناصر التابعة لمركز ببا في محافظة بني سويف.
صدى البلد التقى الأسطى سيد، وفي بداية حديثه قال: "الحمدلله فقدت االبصر ولكني أمتلك بصيرة وفقدي للبصر لم يوقفنى عن العمل، وطول ما فيه إرادة مفيش مستحيل".
وأضاف الأسطى سيد، أنه كان مبصرا يعيش في الضوء واصبح كفيفا فاقد البصر وهو في عمرالشباب "18 عامًا"، بسبب حزنه الشديد على وفاة والده الذي تعلق به كثيراً، واستطاع التغلب على إعاقته وعاد ليمارس مهنته "كمنجد إفرنحي" التي عمل بها منذ نعومة اظافره".
وأشار الأسطى سيد، إلى أنه تعلم مهنة المنجد الإفرنحي، وهو في عمر 13 عامًا وسافر بعدها إلي منطقة وراق العرب في محافظة الجيزة رفقة شقيقه الأكبر، وكلن يعيش حياة طبيعية مثل باقي أبناء جيله ويمتعن بكل نواحي الترفيه التي قد يعيشها شاب في مقتبل العمر، حتى بلغ الـ 18عامًا وجاءه أحد أقاربه وأخبره بوفاة والده لتنتابه الصدمة، وبكى بكاءً شديدًا، حتى وصل إلي مسقط رأسه لحضور العزاء.
وتابع الأسطى سيد: استمرت حالة الحُزن الشديد لمدة أشهر وبدأت بعدها أشعر بآلام في عيني وصداع ثم توجهت إلي عددا من أطباء العيوم والمخ والأعصاب وغيرهم حتى شخص أحدهم حالتي على أنه انفصال في الشبكية، وأجريت عملية ولكن إرادة الله أن أفقد البصر تماماً، وكأنه أسدل ستار الضوء عني لأعيش في الظلام مبصرًا بقلبي وحواسي.
وأضاف الأسطى سيد: راودتني وساوس كثيرة أن أقدم على الانتحار وألقي بنفسي من أعلى كوبري في نهر النيل وبالفعل ركبت الميكروباص وذهبت إلي هناك ولكن سرعان ما عدت إلي صوابي وذكرت الله واستغفرته ثم عدت إلي محل سكني بالوراق مرة أخرى، ورضيت بقضاء الله.
وأردف الأسطى سيد، بعدما رضيت من داخلي بقضاء الله قررت أن أتحدى اعاقتي بالعمل وطلبت من أخي الأكبر أن يصطحبني معه وكان يُمسك بيدي ويعطيني الإبرة والخيط ويقول لي أن اتحسس الأشياء وكأني مبصر، وبدأت في العمل حتى أخذت يدي عليها وأصبحت عن طريق الاستشعار أن ألضم الإبرة بنفسي.
وأشار الأسطى سيد، إلى أنه في البداية كانت الناس تخشى أن يفسد لهم بضاعتهم لأنه كفيف لكنهم كانوا يتفاجئون بإخراج عمل جيد ومتقن، وعدت مرة أخرى إلي قريتي ببني سويف، وتزوجت وانجبت ثلاثة ذكور وأربعة إناث وذاع صيتي على مدار سنوات وأصبحت الزبائن تطلبني بالاسم، وتوفي شقيقي الأكبر وأصبحت أنا العائل الوحيد للأسرتين منذ سنوات.