قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

استقبال أسطوري.. مراسم الاحتفال بافتتاح قناة السويس 1869

×

يصادف في مثل هذا اليوم 16 نوفمبر 1869 افتتاح قناة السويس بحضور زعماء وملوك من العالم.

في عام 1869 انتهى العمل في حفر القناة والذي استغرق عشر سنوات والذي بدأ في عهد الوالي سعيد باشا، وكان الأفتتاح في عهد الخديوي إسماعيل الذي قرر أن يقيم حفلا أسطوريا لافتتاح القناة.

ومن أجل ذلك سافر إلى أوروبا في 17 مايو 1869 لدعوة الملوك و الأمراء ورؤساء الحكومات ورجال السياسة والعلم والأدب والفن لحضور حفل افتتاح القناة الذي عزم أن يقيمه في 16 نوفمبر 1869 .

وبعد أن عاد الخديوي إلى مصر بدأ في الإعداد للحفل الكبير فاستخدم 500 طاه وألف خادم ليكونوا في خدمة الضيوف ، وطلب من ديلسبس أن يقوم بالاستعدادات لضيافة ستة آلاف مدعو.

وفي يوم 15 أكتوبر 1869 بدأ المدعون بالقدوم ضيوفاً على مصر في بورسعيد مقر إقامة الحفل ، والتي ضاقت أرجاؤها بالمصريين القادمين من جميع أنحاء مصر لمشاهدة فعاليات الافتتاح ، بإيعاز من الخديوي إلى مديري الأقاليم ليرسل كل منهم جماعة من الأهالي بنسائهم وأطفالهم و أدواتهم البيتية وركوبهم ، فانتشروا على طول القناة ، أعراب ، وسودانيين و فلاحين ، وصعايدة تعبيراً عن كافة طوائف الشعب المصري ، فيما سافر الخديوي مع حاشيته ووزيريه نوبار باشا وشريف باشا إلى الإسكندرية حيث استقل يخته "المحروسة" وأبحر إلى بورسعيد.

ورأى الخديوي السفن قادمة من جميع أطراف العالم تحمل ضيوفه الحاضرين على نفقته الخاصة ، واصطفت أساطيل الدول في مرفأ بورسعيد و من ضمنها الأسطول المصري وقد انتشرت على ضفاف القناة قوات الجيش المصري للحفاظ على نظام الاحتفال ، وانطلقت طلقات المدافع مدوية احتفالا بوصول الضيوف واحدا تلو الآخر

أقيمت ثلاث منصات خشبية كبيرة على شاطئ البحر مكسوة بالحرير والديباج و مزينة بالأعلام ومفروشة بأثمن السجاجيد ونشرت في أرجائها الرياحين والورود وصفت فيها الكراسي ، فخصصت منصة الوسط للضيوف وعلى رأسهم مضيفهم خديوي مصر، وخصصت المنصة اليمنى للعلماء المسلمين في مقدمتهم الشيخ السقا والشيخ العمروسي والشيخ المهدي العباسي مفتي الديار المصرية ، فيما خصصت المنصة اليسرى لأحبار الدين المسيحي ورجال الإكليروس وعلى رأسهم المنسيور كورسيا أسقف الإسكندرية والمنسيور باور الرسول البابوي ، ونصب على الشاطئ الآسيوي خيالة بورسعيد وعلى الشاطئ الإفريقي المظلات البديعة للجماهير المدعوين ، ووقفت السفن بالمرفأ على شكل قوس وكان عددهم يفوق الثمانين بجانب خمسون حربية منها ست مصرية و مثلها فرنسية و اثنتا عشرة إنجليزية وسبع نمساوية وخمس ألمانية و واحدة روسية و واحدة دنماركية واثنتان هولنديتان واثنان أسبانيتان.

في الثانية بعد ظهر يوم 16 نوفمبر أخذ المدعوون يتقدمون نحو الإيوان والمظلات حتى جلس كل في مكانه فتوسطت الإمبراطورة أوجيني نجمة حفل الإفتتاح الصف الأول وإلى يمينها إمبراطور النمسا والخديوي إسماعيل ثم ولي عهد بروسيا فولي عهد هولندا وعقيلته وإلى يساره جلست مدام اليوت عقيلة سفير إنجلترا بتركيا ( الذي وكله السلطان العثماني بذكر اسمه عند افتتاح القناة ) فالسفير إليوت فالأميرة مورا ، وعلى اليمين جلس الأمير محمد توفيق باشا ولي عهد مصر فالأمير هوفمان لو فمدام أغنانيف فالجنرال أغنانيف.

دوت المدافع معلنة بداية الحفل الديني ، ووقف شيخ الإسلام محاطاً بالعلماء وتلا ما تيسر من القرآن الكريم ثم دعا الله أن يختص هذا العمل العظيم بعنايته ورعايته وأن يهيئ له النجاح في كل زمان ، ثم تقدم المنسيور كورسيا يحوطه رجال الإكليروس وتلا صلاة حارة دعا الله فيها أن يكلل هذا العمل ويباركه بروح من عنده ، ثم تقدم المسيو باور وألقى بصوت جهوري و بعبارة فرنسية بليغة خطاباً وجهه إلى الخديوي أولا خصه فيه بآيات الشكر والثناء على قيامه بهذا العمل العظيم الذي أدى إلى تصافح الشرق والغرب.

عند المساء مدت الموائد متتابعة لستة آلاف مدعو و بها أشهى الأطعمة و الأشربة ، حتى إذا حلت الساعة الثانية بدت الأنوار والزينات على ضفتي القناة كأنها ضياء الصباح ، و ظهر يخت الخديوي "المحروسة" في حلة من الأنوار وأخذ يطلق مدفع بين دقيقة وأخرى والموسيقى تدوي بنغمات الفرح والسرور وانقضى الليل واختتمت الحفلة بالألعاب النارية ، وعند شروق شمس صباح يوم 17 نوفمبر كانت السفن تمر في قناة السويس وقد استعدت للإبحار و تقدمها يخت الإمبراطورة أوجيني زوجة نابليون الثالث على الأرجح والتي كانت أكثر الضيوف رفعةً للمستوى وحظوة باهتمام الخديوي إسماعيل ، لدرجة إقامة قصر مشابه لقصرها في فرنسا على ضفاف النيل وهو سراي الجزيرة ( فندق المصريون حالياً ) كي لا تشعُر بالغربة ، الأمر الذي وصفته في برقية أرسلتها لزوجها «نابليون الثالث» بمُجرد وصولها قالت فيها "لقد وصلت إلى بورسعيد في صحة جيدة ، واستقبال ساحر ، لم أرَ في روعته طوال حياتي".

جدير بالذكر أن فرنسا كانت ضيفة شرف حفل افتتاح قناة السويس الجديدة والذي اقيم في 6 أغسطس عام 2015 ، حيث وجهت لها دعوة المشاركة ، وشهدت مراسم الإستقبال تقديراً خاصًا للوفد الفرنسي.