أخبرنا الله تعالى أن جميع ما يتفاخر به الإنسان من زينة فى الحياة الدنيا المتمثلة فى المال والبنون ستزول وتفنى قبل أن تفنى الحياة الدنيا، وأثرها لن يبقى مع الإنسان.
ولكن توجد بعض الأعمال التى يبقى أثرها مع الإنسان إلى يوم القيامة وهذا مصداقا لقول الله تعالى: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا»، سورة الكهف:آية46.
وقال الإمام محمد متولي الشعراوي فى تفسيره للآية الكريمة: إن المراد من قوله تعالى: « الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»، أى أن ما تتفاخرون به أيها الناس من المال والبنون ما هو سوى شىء يتزين به فى الحياة الدنيا وتعلمون أيها الناس أن من شأنها سرعة زوالها وزينتها زائلة وستفنى سريعاً قبل فناء الدنيا نفسها فلا تجعلوها كل همكم وتُعرضوا عن الآخرة دار الكرامة والجزاء بل اعملوا لخيرى الدنيا والآخرة.
وبين إمام الدعاة أن الحكمة من تقديم الله تعالى المال على البنون فى هذه الآية، هى أن الزينة بهذين الأمرين أظهر من غيرهما وهو ميسور لكل أحد فى أى وقت وحين غالباً .
لا يفوتك
وأوضح الشعراوي، أن هذه الآية الشريفة كانت رداً على عينه بن حصن وكل من على شاكلته من الذين يفتخرون بالغنى والشرف على الفقراء والمستضعفين من المؤمنين وبينت الآية لهم أن ما كان من زينة الدنيا فهو غرور يمر ولا يبقى وإنما يبقى ما كان زاداً فى القبر وعدة للإنسان فى الآخرة.
وتابع: «وأختلف العلماء والمفسرون فى معنى قوله تعالى: «وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ» قيل: أنها الصلوات الخمس، وقيل: إنها كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة فيدخل فيه كل عمل يخدم الإسلام من الدفاع عنه ونصرته أو مساعدة محتاج أو نشر علم، وقال الجمهور إنها هى الكلمات المذكور فضلها وهى «سبحان الله، والحمد لله، ولاإله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم».
ويدخل أيضاً فى عموم معنى الباقيات الصالحات أعمال فقراء المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى فإن لهم من كل أنواع الخيرات الحظ الأوفر.
ولفت أن المراد من قوله تعالى: «خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا»، أي وتلك الأعمال الصالحة باقية دائمة لبقاء عوائدها على الإنسان عند فناء ما تطمح إليه النفس من حظوظ الدنيا، ويكفي النفس أن جزاء هذه الأعمال عند الله تعالى، فتتحقق خيرية هذا العمل فى الثواب الجزيل الذي يعود على صاحبه وأمل عظيم ينال به في الآخرة ما كان يأمله في الدنيا.