شهدت الشهور الماضية حالة من التوتر في العلاقات الأمريكية - الروسية، وذلك على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، حيث قادت واشنطن المعسكر الغربي وفرضت عقوبات اقتصادية ضد موسكو؛ كي تتراجع عن قرار الحرب في أوكرانيا.
القاهرة تستضيف أمريكا وروسيا
من جانبه واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قرار الحرب ضد أوكرانيا والتي دخلت شهرها التاسع، غير عابئ بأية عقوبات اقتصادية، مما جعل الخلاف يشتد بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وازداد الأمر تعقيدا بعد أن هدد الرئيس الروسي باستخدام الأسلحة النووية.
وارتفعت حدة التوتر بين البلدين بسبب تهديدات الرئيس الروسي النووية، وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن إشعال حرب عالمية وتهديد السلم والأمن الدوليين بالتلويح بالسلاح النووي، الأمر الذي زاد الهوة بينهما وجعل الجميع حول العالم يشعر بالخوف والقلق خشية اندلاع حرب نووية بين أكبر قوتين دولتين.
وفي خطوة قد تخفض من حدة التوتر بين البلدين خاصة فيما يتعلق بالتهديدات النووية، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، أن روسيا والولايات المتحدة، ستعقدان مفاوضات بشأن معاهدة "ستارت" حول الحد من الأسلحة النووية في القاهرة.
وقال ريابكوف في تصريح لوكالة "نوفوستي" الروسية، إن وفدين من موسكو وواشنطن، سيجتمعان في القاهرة في أواخر الشهر الجاري أو مطلع الشهر المقبل، لمناقشة معاهدة "ستارت" للحد من الأسلحة النووية.
ومن جانبة، كشفت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن القاهرة قد تستضيف محادثات بين روسيا وأمريكا لاستئناف المفاوضات النووية، في ظل احتدام الحرب في أوكرانيا.
وذكرت الوكالة نقلا عن شخصين مطلعين على المناقشات بين الجانبين وطلبا عدم الكشف عن هويتهما، أن القاهرة قد تصبح مكانا محتملا لعقد المحادثات منذ انضمام سويسرا إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزو أوكرانيا.
ما هي معاهدة ستارت الجديدة؟
معاهدة ستارت الجديدة هي معاهدة لتخفيض الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، وتعرف باسمها الرسمي وهو: "تدابير زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها"، ولا سيما أن الولايات المتحدة توصلت إلى معاهدة "ستارت" مع روسيا في عام 2010، حيث قام بتوقيعها كل من الرئيسيين أوباما ومدفيديف وكان ذلك داخل مدينة "براغ".
وتنص تلك المعاهدة على: تخفيض الحدود القصوى للرؤوس الحربية الهجومية الاستراتيجية للبلدين بنسبة 30%، والحدود القصوى لآليات الإطلاق الاستراتيجية بنسبة 50% بالمقارنة مع المعاهدات السابقة.
وأعادت معاهدة ستارت الجديدة التعاون والقيادة المشتركة بين الولايات المتحدة وروسيا في مجال ضبط الأسلحة النووية، وحققت تقدما في العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاستراتيجي، اللواء السيد الجابري، إن اختيار عاصمة الدولة المصرية كمقر لمفاوضات الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بمعاهدة "ستارت" حول الحد من الأسلحة النووية، لعدة أسباب، أولها أن الدولة المصرية نجحت في تنظيم واستضافة مؤتمر قمة المناخ cop27 كاستضافة عالمية.
وأضاف الجابري - خلال تصريحات لـ"صدى البلد"، أن هذا التنظيم جعل مصر تكسب ثقة دول العالم في تنظيم المؤتمرات والاتفاقيات العالمية، وهناك عامل أخر، وهو أن علاقة الدولة المصرية مع الدولتين طيبة ولا يوجد لنا معهما أي نزاعات، ولا يمكن أن تحدث تلك المفاوضات في دولة أخرى؛؛ لأن القارة الأوروبية منحازة ضد روسيا بسبب الحرب.
وأكد الجابري، أن إقامة معاهدة "ستارت" بالقاهرة فرصة جيدة جدًا لمصر، لأنها بهذا الشكل سوف تكون راعية للسلام العالمي، فمحادثات تلك المعاهدة بين روسيا وأمريكا تدور حول الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات، حيث أن تلك الدولتين هما أكبر قوى تمتلك تلك النوعية من الأسلحة بالعالم.
وتابع: "حصة الدولة الروسية من تلك الصواريخ هي 12000 صاروخ، وتمتلك أمريكا 6800 صاروخ، وباقي دول العالم التي تمتلك تلك النوعية من الصواريخ لا تتجاوز الـ"200" صاروخ".
روسيا والسلاح النووي والحرب
وواصل: "أثناء الحرب الروسية الأوكرانية تطايرت بعض الأنباء أن الرئيس الروسي سوف يستخدم الأسلحة النووية بالحرب، فالتعجيل في هذه المفاوضات يكون لصالح دول العالم للحد من استخدام الأسلحة النووية في أي حرب ما، وبالتالي نمنع من تلك المعاهدة فكرة دمار كوكب الأرض، لأن العالم معرض للدمار إذا أستخدم أي من الطرفين الأسلحة النووية، لأن تلك الأسلحة محملة على رؤس صواريخ".
وأردف: "وجود هذه المعاهدة في هذا التوقيت هي أكبر رسالة للسلام العالمي، لأنها تمنع وتقيد إستخدام الدول الكبري للصواريخ النووية، فأكبر دولة في العالم تمتلك الصواريخ النووية هي روسيا، فإذا تمت هذه المفاوضات على أرض القاهرة، سوف تحسب لمصر في التاريخ العالمي ".
واختتم: "مصر من الدول التي شاركت في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية فهذه ليست المرة الأولى لنا أن نخوض هذه التجربة، ومن رأي الشخصي أن استطاعت مصر أن تنهي النزاع الإستراتيجي بين روسيا وأمريكا في تلك المفاوضات سوف تكون بداية إنتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت اقتصاديًا على جميع دول العالم".