ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم /الأحد/ أن الصين تسعى في الفترة الأخيرة لإصلاح العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة لكن أفعالها تُشير، مع ذلك، إلى أنها لا ترغب في اتخاذ الخطوة الأولى.
وقالت الصحيفة في سياق تقرير نشرته عبر موقعها الالكتروني إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتزم استغلال اجتماعه المرتقب عقده يوم غد الاثنين مع الزعيم الصيني شي جين بينج خلال قمة مجموعة العشرين المُنعقدة حاليًا في جزيرة بالي الاندونيسية لإنشاء "أرضية" لعلاقة جديدة أكثر إيجابية وانفتاحًا مع الصين، التي أشارت، من جانبها، إلى رغبتها في إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح بعد عدة سنوات من الخلافات الشديدة حول التجارة والتكنولوجيا وحقوق الإنسان.
وأضافت أن الرئيس الصيني يركز، منذ إعادة انتخابه على رأس الحزب الشيوعي الصيني الشهر الماضي، أكثر من أي وقت مضى على أن تصبح بلاده قوة اشتراكية عظمى حديثة ذات تأثير عالمي، وهو وضع يُتوقع أن تتقبله الولايات المتحدة فيما قال خبراء صينيون لـ"واشنطن بوست" إن إصلاح العلاقة سيتطلب إظهار حسن النية من جانب واشنطن أكثر من جانبنا، كما أن الأمر سوف يتطلب اتفاقا على الجوانب الأساسية للعلاقة، بما في ذلك مصير تايوان، الجزيرة الديمقراطية ذاتية الحكم التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة وتدعي بكين أنها جزء من أراضيها.
وتعتقد الولايات المتحدة- حسبما أبرزت الصحيفة- أنه طالما لا يوجد صراع أو أزمة مباشرة في العلاقات، فلا بأس من محاولات إعادة تصحيح الأوضاع، وقال وو شينبو، عميد الدراسات الدولية في جامعة فودان في شانغهاي إن "الصين تريد أن ترى دليلاً على حسن النية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتايوان". ومع ذلك، أعتبرت الصحيفة أن تصميم شي على السيطرة على الجزيرة، بالقوة إذا لزم الأمر، فاقم استجابة واشنطن للأزمة ودفعها إلى بذل الكثير من الجهود لتعزيز الدفاعات التايوانية لاسيما في أعقاب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، وعلى المستوى غير الرسمي، رصدت "واشنطن بوست" زيارة الباحث الأمريكي سكوت كينيدي إلى الصين الشهر الماضي، وهي الأولى لأمريكي يزور البلاد منذ تفعيل قيود السفر الصارمة التي فرضتها بكين لمكافحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" منذ أكثر من عامين، ومدى الحفاوة والاهتمام الذي لاحظه هناك.
وقالت إن الهدف من زيارة كينيدي، الخبير في شئون الأعمال والاقتصاد الصيني في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، كان كسر الجمود ومحاولة تقريب المسافات بين البلدين، لكنه تفاجأ بالفعل بحسن الاستقبال ورغبة أكثر من مائة من الأكاديميين والشركات والمسئولين للقاءه، بمن فيهم نائب وزير الخارجية شيه فينج.
وأكد كيندى أن اهتمام الصينيين وحرصهم على لقاءه كان يعود لأسباب جزئية تدور حول رغبتهم في توضيح مخاوف بلدهم بشأن علاقتها المتوترة مع الولايات المتحدة حيث ازداد القلق في بكين مؤخرًا بشأن دوافع الولايات المتحدة وخوفها العميق من أي منافسين.
وفي الوقت نفسه، أشادت وسائل الإعلام الحكومية في بكين بتزايد وتيرة الزيارات المتبادلة بين الأمريكيين والصينيين باعتبارها علامة على تخفيف التوترات وأكدت أن بكين لديها ثلاثة متطلبات أساسية هي وقف محاولات تقويض تنمية الصين وعدم وضع التحديات أمام نظامها السياسي وعدم إلحاق الضرر بمطالبها السيادية على تايوان وهونج كونج وبحر الصين الجنوبي. وبدوره، قال تشاو مينجاو، الأستاذ بمعهد الدراسات الدولية بجامعة فودان في شنغهاي في تصريح خاص لـ"واشنطن بوست"):" تعتقد بكين أن اهتمام البيت الأبيض بقضية تايوان آخذ في التناقص، خاصة في ظل احتدام المنافسة في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس حيث يُحتمل أن يواجه بايدن حكومة منقسمة بعد انتهاء الانتخابات واعلان النتائج.