الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكوليرا حاصد الأرواح على مدار التاريخ.. بوادر كارثة عالمية بعد تفشيه فى 26 دولة.. حملة تطعيم موسعة بـ لبنان لاحتواء المرض.. وهذه أبرز الأماكن المنتشر بها

الكوليرا بلبنان
الكوليرا بلبنان

تكثف منظمة الصحة العالمية جهودها في لبنان لمحاولة احتواء تفشي انتشار مرض الكوليرا، وذلك بالتعاون مع الهيئات الدولية المعنية بذلك، في خطة طوارئ تعمل على تنفيذها وزارة الصحة اللبنانية لمنع تفشي المرض بالدول المجاورة، حتى وصل الأمر إلى تطعيم المناطق المهددة بانتشار الفيروس بها.

ويبدو أن العالم على مشارف كارثة حقيقية تفوق كارثة انتشار فيروس كورونا، وهو ما تظهره البيانات من انتشار لمرض الكوليرا "حاصد الأرواح" صاحب التاريخ الأسود مع البشرية، حيث تم تسجيل تفشي المرض في 26 دولة حول العالم خلال هذا العام، وهو ما قد يشير إلى موجة ثامنة قاتلة للمرض، بعد 7 موجات عبر التاريخ حصدت أرواح ملايين من البشر.

حملة تطعيمات لاحتواء المرض

وبعد أن تفشى بلبنان، أعلنت وزارة الصحة بالبلاد، أمس السبت، تلقيح 26 ألف شخص و267 ضد الكوليرا، الذي ظهر في 5 أكتوبر الماضي، وذلك ضمن فعاليات المرحلة الأولى للخطة الوطنية للتلقيح ضد الوباء الذي ظهر في لبنان شملت الحملة أربع محافظات بالبلاد، كمنطقة انتشار للمرض في الفترة الماضية.

وبدأت الحملة في محافظات الشمال "عكار - البقاع - بعلبك – الهرمل"، وفق وزارة الصحة اللبنانية عبر "تويتر"، وأوضحت أن حصيلة اللقاحات التي جرت عن طريق الفم اليوم تركزت في المناطق المستهدفة بـ4 محافظات و6 مناطق و19 بلدة ومخيم نهر البارد للنازحين السوريين، من خلال 139 فريقا ميدانيا للشركاء في الصليب الأحمر اللبناني وعدد من الجمعيات الأهلية.

وأعلنت الصحة اللبنانية عن تسملها لـ600 ألف جرعة من لقاح الكوليرا، مقدمة من منظمتي الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".

كما أعلنت الأمم المتحدة، تخصيص صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ والصندوق الإنساني للبنان، 9.5 ملايين دولار لاحتواء تفشي الكوليرا.

الوباء سوري والتمركز في الشمال

ووفقا لصحيفة “النهار” اللبنانية، فإن وزارة الصحة اللبنانية نشرت خريطة تفصيلية تظهر عدد الإصابات الموزعة على البلدات والقرى اللبنانية، وبينت الخارطة انتشارا واضحا لها في مناطق لبنانية مختلفة، ولكن كان هناك تمركز واضح للمرض بشمال لبنان.

وقال ريك برينان، مدير الطوارئ الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، إنه من المرجح أن البكتيريا قد جاءت من سوريا، والتي يوجد بها الآن حوالي 20 ألف حالة كوليرا مشتبه بها في جميع أنحاء البلاد، تم تأكيد ما مجموعه 381 حالة، وتوفي 17 شخصا.

أعراض المرض  

والكوليرا مرض شديد الفوعة إلى أقصى حد ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، وهو يستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة، وتصيب الكوليرا الأطفال والبالغين على حد سواء ويمكن أن تودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم تُعالج.  

ولا تظهر أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، رغم وجود البكتريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وبهذا تطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصاً آخرين.  

ومعظم من يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج.  

الخطر يداهم الشرق الأوسط

ووفقا لما قاله بيرتراند باينفيل، نائب المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن هناك وتيرة مقلقة لتفشي الكوليرا في سوريا ولبنان وخطر انتشارها إلى بلدان أخرى في المنطقة، وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات فورية لتوسيع نطاق الاستجابة للوقاية من المرض واحتوائه.

وذكر باينفل في تقرير صادر عن الأمم المتحدة في أكتوبر الماضي، أن الوباء الحاد خلّف حتى الآن في سوريا أكثر من 20 ألف حالة مشتبه بها، بينهم 75 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا وفي لبنان، وصلت حالات الكوليرا المؤكدة إلى 448 حالة في أسبوعين فقط، و10 وفيات، مشيرا إلى أن بعض البلدان المجاورة الأخرى تعاني فعلا من مستوى عال من حالات الإسهال المائي الحاد وقد تكون معرضة لخطر دخول الكوليرا.

وأوضح أن اليونيسف تحتاج بشكل عاجل إلى 40.5 مليون دولار أمريكي، لتوسيع استجابتها الطارئة للكوليرا في سوريا ولبنان وحدهما في الأشهر الثلاثة المقبلة، بينما هناك حاجة إلى مزيد من التمويل لجهود الاستجابة والتأهب في البلدان المجاورة.

تفشي بـ 26 دولة في 2022

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في سبتمبر الماضي، فإن هناك رصد بزيادة مقلقة في تفشي الكوليرا في جميع أنحاء العالم، حيث أنه في أول تسعة أشهر من هذا العام وحده، أبلغت 26 دولة عن تفشي الكوليرا.

وقال د. فيليب باربوزا، رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي في منظمة الصحة العالمية، في تصريحات صحفية من جنيف إننا لم نشهد المزيد من التفشيات فحسب، بل كانت أكبر وأكثر فتكا، وأوضح أن معدل الوفاة المبلغ عنه في 2021 ارتفع بحوالي ثلاثة أضعاف إذا ما قورن بمتوسط الأعوام الخمسة السابقة. وفي أفريقيا يبلغ المعدل حاليا ثلاثة في المائة.

وأضاف "وعلى الرغم من أن معظم المصابين يطوّرون أعراضا خفيفة، إلا أنه يمكن للكوليرا أن تقتل في غضون ساعات إذا لم يتم علاجها، مشيرا إلى أن علاجها سهل، لكن الكثير من الأشخاص ليس لديهم المصادر المطلوبة لذلك".

أسباب الانتشار

أكد رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي في منظمة الصحة العالمية، أن تفشي الكوليرا يحدث بشكل خاص في المناطق التي تعاني من الفقر والصراعات.

وعن تأثير تغيرات المناخ، قال "ولكن اليوم نواجه تهديدا متزايدا مع تغيّر المناخ، مثل الأحداث المتطرفة كالأعاصير والجفاف والفيضانات، وذلك يقلل من إمكانية الوصول إلى مياه نظيفة وبذلك تتوفر بيئة خصبة لانتعاش الكوليرا".

محدودية التطعيم

وبالنسبة للتطعيم، قال د. فيليب باربوزا إن التطعيمات المتاحة محدودة للغاية، والطلب دائما يفوق الإمدادات وهذا العام كان أكثر تعقيدا، مضيفا "من الواضح أن ليس لدينا تطعيمات كافية للاستجابة للتفشيات الحادة أو حتى الأقل حدّة حتى نتمكن من تنفيذ الحملات الوقائية التي يمكن أن تكون وسيلة للحد من المخاطر بالنسبة للعديد من البلدان".

وأرجع المسئول بمنظمة الصحة العالمية ذلك النقص إلى وجود مصنع واحد فقط في العالم فقط هو من يقوم بانتاج تلك التطعيمات، وهذا لا يكفي في ظل تقديرات الباحثين التي تشير إلى وقوع عدد يتراوح بين 1.3 و4.0 ملايين إصابة بالكوليرا سنويا، ما يتسبب في وفيات يتراوح عددها بين 000 21 و000 143 وفاة في جميع أنحاء العالم.

تاريخ الكوليرا

كانت بداية انتشار الكوليرا، خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند، واندلعت بعد ذلك سبع جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر في جميع القارات.

· الوباء الأول: 1817 .. على الرغم من تقييد انتشاره سابقا، فى البنغال، لكنه انتشر فى الهند بحلول عام 1820، وتوفى مئات الآلاف من الهنود وعشرة آلاف جندى بريطانى خلال هذا الوباء، وامتد إلى الصين واندونيسيا

· الوباء الثانى: 1829 .. وصل وباء الكوليرا الثانى إلى روسيا والمجر ثم ألمانيا ومصر وانتشر في العديد من ول العالم حتى نيويورك والمكسيك بالأمريكتين

· الوباء الثالث: 1852–1860 .. أثر وباء الكوليرا الثالث بشكل رئيسى على روسيا، حيث قتل أكثر من مليون شخص، ثم انتشر في دول شرق أسيا ثم إيران والعراق وشبه الجزيرة العربية. 
· الوباء الرابع: 1863–1875 .. البداية كانت في هامبورغ لكنه انتشر فى جميع أنحاء الشرق الأوسط وانتقلت إلى روسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا الشمالية.
· الوباء الخامس: 1881–1896 .. أدى الوباء إلى وفاة مليون شخص بأوروبا
· الوباء السادس: 1899–1923 .. لم يكن لوباء الكوليرا السادس تأثير يذكر فى أوروبا الغربية بسبب التقدم فى الصحة العامة، بينما تأثرت المدن الروسية الكبرى والدولة العثمانية بشكل كبير من وفيات الكوليرا.
· الوباء السابع: 1961–1975.. بدأ وباء الكوليرا السابع فى إندونيسيا، ووصل إلى باكستان الشرقية وبنغلاديش ثم الهند، ثم انتقل إلى العديد من بلدان العالم.