سويعات معدودة تفصلنا عن انطلاق مؤتمر المناخ COP 27، الذى يشارك فيه نخبة من علماء وقادة العالم للحد من التغير المناخي الذى يتعرض له كوكبنا، حيث تستضيف مدينة شرم الشيخ المؤتمر، لذلك نستعرض قصة سباح بريطاني ونظيره المصري قررا السباحة من السعودية وصولاً لمصر، للتنويه عن الحفاظ على مناخ الكوكب بعوالمه المختلفة على مدار 16 يوماً قاطعين مسافة 123 كيلومتراَ فى عرض البحر.
بداية القصة من بريطانيا
تعود القصة عندما علم السباح البريطاني لويس بو البالغ من العمر 52 عاماً، أثناء تواجده فى قمة المناخ السادسة والعشرين بجلاسكوCOP 26،عندما سمع بأن القمة القادمة الخاصة بالمناخ ستقام بمصر تحديدًا بمدينة السلام شرم الشيخ، ومن هنا بدأ يتبادر في ذهنه سؤال واحد حول كيفية جعل الناس تنتبه وتستوعب خطورة التغير السريع للمناخ، لدرجة جعلته يقول نحن بحاجة لأخذ الناس لموقع الحدث نفسه.
ليتحدث “لويس” بو فى القاهرة فور اتمامه لرحلة السباحة من السعودية إلى مصر، عن كواليس مغامرته البحرية بحضور السفير البريطاني جاريث بايلي، قائلاً":كنت أرغب في المجئ لمدينة شرم الشيخ مستهدفاً قادة العالم لتوجيه أنظارهم إلى مسقط رأس هذه المشكلة، حيث روعة الألوان والأشكال والأنواع المختلفة للأسماك والشعاب المرجانية، وتخرج رأسك من المياه تجد المناظر الخلابة للصحراء المصرية المليئة بتلك الحيوانات الجميلة المسماه بالجمال، تلك المظاهر الجمالية والشعاب المرجانية المهددة بفقد 70% منها، بمجرد وصول وزيادة درجة حرارة وإنبعاثات الكوكب بمعدل 1.5 عن حرارته الحالية، والخسارة الفادحة لو زادت درجة حرارة الكوكب بـ 2 درجة مئوية سنفقد 99 بالمئة من هذه الشعاب المرجانية، ولكن الطامة الكبرى هو أنه بالفعل زادت درجة حرارة الكوكب في وقتنا الحالي درجتين مئوية".
وتابع "لويس" أنه بسبب التغييرات المناخية على مدار حياته شهد خسارة بنسبة 70% من الأحياء او الحياة البيولوجية، وفي كل عام فيضانات بشكل أكثر وزيادة في عدد الكوارث الطبيعة بشكل مستمر، والشاهد على ذلك أنه في العام الماضي ثلث مساحة الدولة الباكستانية كانت تحت المياه، لذلك نحن نشهد كارثة بيئية بكل المقاييس.
كنوز مصر تحت الماء
ليوجه "بو" رسالته لكل المشاركين في القمة السابعة والعشرين للمناخ المقامة بشرم الشيخ هذا العامCOUP 27، :"اننا بحاجة شديدة لتقليل الإنبعاثات الحرارية والغازات السامة في العالم أجمع، والأمر الغاية في الأهمية هو عدم الإعتماد على دولة أخرى في حل الأزمات والمشكلات فهذا يشعل الأزمة بشكل أكبر، حل المشكلات يأتي بالتكاتف والتعاون الجماعي ودور جميع الشركات بإبتكار حل تكنولوجي يسعاد على التخلص من كوارث تلك الأزمة وحلها".
وأضاف:"رسالتي الهامة والخاصة بمصر تحديدًا، لديكم إرث تاريخي مبهر، فمصر هي منبع الحضارات وأساسها حيث توجد الاهرامات ومتاحف لا مثيل لها حول العالم، لذلك يجب علينا المحافظة على إرثنا الطبيعي وليس التاريخي فقط، فمصر تحتوي على إرث طبيعي خلاب من شعاب مرجانية بديعة متواجدة في البحر الأحمر، هي كنوز مذهلة حقاً تحت الماء فى مصر، لهذا فكل الأجيال عليها تغيير العالم لجعلها أكثر أمانًا وعدلًا وأكثر إستدامة، لذا يجب علينا أن نكون نحن هذا الجيل".
أكبر خطر فى المغامرة
وبالحديث عن أصعب اللحظات فى رحلة السباحة التى تخطت الأسبوعين فى عرض البحر، أجاب لويس بو:" أثناء مرورنا بالممر الملاحى لقناة السويس وجدت نفسي عالقاً بين سفينتين تعبران فى نفس الوقت، مع الرياح القوية والموج العالى المصحوب بالتيار الشرس، بالإضافة لسمكة قرش تسبح بجوارى على عمق يصل إلى 25 مترا".
وبسؤال صدى البلد للسباح البريطاني عن كيفية توعية العامة من البشر، الذين ليس لديهم الوعي الكافي عن التغير المناخي الذى يتعرض له كوكب الأرض، أجاب:"بالفعل هذه مشكلة كبيرة تواجه أجيالنا لابد من العمل على إيجاد حلول جيدة لها، خاصة وأنها تؤثر بالسلب على الأجيال القادمة، خاصة وأن هناك بعض من الصحفيين يصفون الفيضانات والعواصف التي تحدث بأنها وقع جديد، ولكن في الحقيقة هي ليست بالجديدة فالوضع سوف يزداد سوء، لذا فيجب توجيه سؤاًلا للمنظمات العاملة بكيفية إيصال رسائلهم للناس بأنحاء العالم، هل سيكتفون بمخاطبة قادة العالم ووزرائه وسياسية، ام سيتم التركيز على البلاد التي تحتوي على أكبر كم من التلوث، أم سيكون هدفهم هو الشركات".
سباح مصري احتفل بعيد ميلاده وسط البحر
كما تحدث أيضاً السباح المصري مصطفي سعيد زكي الذى يعمل كطبيب أسنان والذى شارك بمسابقة زيورخ من قبل، أن المغامرة فى عرض البحر على مدار 16 يوماً لقطع مسافة عملاقة كانت منذ طرحها فى محل اعجابه حيث ممارسة رياضته المفضلة، والتنويه فى نفس الوقت عن ضرورة انقاذ الحياة البحرية المتأصلة قى كوكبنا.
وتابع زكي أن خطورة المغامرة كانت أثناء مررو ممر قناة السويس الملاحي بجوار السفن العملاقة، مما تتطلب استعدادات وتجهيزات غاية فى التعقيد، كما أن الصدفة عند وصول الفريق لمياه الغردقة صادق اليوم عيد ميلاد السباح المصري.
شعاب البحر الأحمر المرجانية هي أمل الكوكب
ليختتم نور الدين فريد، المدير التنفيذي لجمعية “هيبكا” المعنية بالمحافظة على البيئة بالغردقة، ان الشعاب المرجانية أكبر داعم للحياة البحرية في مصر والعالم كله، وهي فى خطر شديد بعدما باتت تموت فى أماكن مختلفة حول العالم، ولكن فى مصر فشعاب البحر الأحمر تمتلك قدرة أكبر على مواجهة التغير المناخي أكثر من اى شعاب أخري على وجه الأرض.
مضيفاً أن البحر الأحمر بمثابة بقعة الأمل للشعاب المرجانية فى العالم، من خلال تقنية مشابهة لزراعة الشاب من جديد باستخدام شعاب البحر الأحمر، منوهاً عن فكرة جمعية “هيبكا” لتحويل ثلاث مناطق لمحميات طبيعية عبر جنوب سيناء ووادى الجمال والجزر الشمالية، التى تعادل 50% من شعاب البحر الأحمر المرجانية، فالوقت أصبح ضئلاً للغاية لإنقاذ ما تبقي من معالم الحياة على وجه الأرض.