قبيل انعقاد قمة المناخ COP27 في منتجع شرم الشيخ في مصر هذا الأسبوع، تبرز مخاوف من أن تعوق الحرب الروسية على أوكرانيا تقدم الجهود المبذولة لمعالجة أزمة الاحتباس الحراري، لكن ما يدعو للتفاؤل أن أزمة الطاقة ستدفع عددًا من الدول للتخلي عن الوقود الأحفوري.
قمة المناخ COP27 في عام التحديات الكبرى
ويعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضور القمة التي تستمر لمدة أسبوعين، بداية من الأحد المقبل، كما أكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك على حضوره أيضا، في وقت تتصاعد فيه حدة التوتر الجيوسياسي العالمي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال أنتوني فورجات وهو أحد المحللين بمعهد "تشاتام هاوس" البريطانية للدراسات، في حوار أجرته معه إذاعة "فويس أوف أميركا"، إن التقدم المتحقق على صعيد مكافحة تغير المناخ في قمة COP26 بمدينة جلاسجو البريطانية العام الماضي تلقى ضربة موجعة، وأضاف أن قمة جلاسجو شهدت تعاونا إيجابيا من جميع الدول الراغبة في التحرك الجاد لحل أزمة التغير المناخي، كما ساهمت القمة في خلق توافقات واسعة النطاق، ومبادرات ثنائية للعمل على تحقيق الهدف المنشود، مثل المبادرة المشتركة للولايات المتحدة والصين لتنفيذ خطة عمل للتعامل مع تحديات تغير المناخ، لكن بعض هذه النوايا الحسنة تلاشت فيما بعد.
أوضح فورجات أن الأمر لا يتعلق بروسيا وحدها، فقد انسحبت الصين من اتفاقها مع الولايات المتحدة بسبب تصاعد التوتر بينهما على خلفية التطورات الأخيرة في تايوان، لذا فإن الوضع الجيوسياسي على مستوى عدة مناطق في العالم ليس إيجابيا.
تغير المناخ أولوية لا تقل عن السياسة
وأفادت إذاعة "فويس أوف أميركا" نقلا عن أنجر أندرسن المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، أن العالم لا يسعه غض الطرف عن قضية تغير المناخ بسبب الحرب في أوكرانيا، وأنه من الخطأ التركيز على قضية واحدة وإهمال بقية القضايا، وإنما يجب خلق نوع من التوازن في التعامل مع مختلف الأزمات ذات الاهتمام المشترك عالميا، وأكد أندرسن أن الفرصة سانحة لذلك في ملفي الحرب الروسية الأوكرانية وتعقيدات إمدادات الطاقة، ولفت إلى ضرورة الاستثمار في الطاقة النظيفة ومواردها صديقة البيئة، بدلا من الاستثمار في البنية التحتية للمشاريع المعتمدة على الوقود الأحفوري.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها السنوي الذي نشر الأسبوع الماضي عن توقعات الطاقة العالمية، أن الحرب الروسية الأوكرانية ستسرع عجلة التحول إلى الطاقة النظيفة، وأشار التقرير إلى أن استغناء أوروبا عن النفط والغاز الروسيين سيكون له أثر كبير على عوائد روسيا منهما.
وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي للوكالة خلال مؤتمر صحفي عقد في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي في باريس، أن فريق عمل الوكالة قدر الخسائر الروسية في عوائد تصدير النفط والغاز منذ الآن وحتى عام 2030 بتريليون دولار، وأضاف أن الأرقام تعكس رد فعل حكومات العالم الإيجابي على الأزمة التي تمثل نقطة تحول في تاريخ الطاقة، وتسرع عملية الانتقال إلى الطاقة النظيفة.
التحول إلى الطاقة النظيفة على المحك
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن التحول للطاقة النظيفة قد تراجع بعض الشيء، حيث تنشئ عدة دول أوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وهولندا محطات لإنتاج الفحم لتعويض النقص الحاد في واردات الغاز الروسي، في خرق واضح لتعهداتها بشأن مكافحة تغير المناخ.
وقال فورجات إن الدول الأوروبية ستواجه فجوة إمدادات قصيرة الأجل، وأنه ما دامت لا توجد استثمارات في الوقود الأحفوري سيتعين على دول القارة قبول الأمر الواقع، موضحا أن هذا يعد أحد المسارات متوسطة إلى طويلة الأجل التي يؤمل أن تؤدي إلى خفض الانبعاثات الكربونية كنتيجة للحرب في أوكرانيا.
وتابع فورجات أن توفير الطاقة وادخارها هو أمر مهم وإيجابي من الناحية الاقتصادية، حيث أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى حدوث أزمة اقتصادية عالمية وارتفاع في التضخم، مما ينذر بحالة من الركود الشديد تلوح في الأفق، وحذر من تراجع الاهتمام العالمي بقضية التغيرات المناخية، منبها إلى ضرورة الوعي بالمأزق الاقتصادي في مواجهة هذه الموجة من الركود التي ستزيد الأوضاع المالية صعوبة في كثير من الدول.