ليس الشيلو بالأداء المتميز، و لا الأوركسترا الحرفي، و لا حتى المكان بعبقه التاريخي، و مقطوعات الكلاسيك والتانجو والڤالس وموسيقى الأغاني الشهيرة؛ فكل ذلك سبقه اليه آخرون، لكنها تلك الحالة الشعورية الشاملة التي تأخذك خارج نفسك ، لتتخلى ثم تتجلى من خلاله، و تتركك خارج الذات لتعيش روحا تنغمس في أرقي وأشد المشاعر ، فتتطهر و تتواصل، وينسى الجسد أثقاله مع روح، تهيم وتحلق وتنطلق.
هذا الفنان حالة شاملة، يعزف بكيانه، تأتمر به أصابعه وأوتاره، و أبعد من رشاقة جسده و جاذبية ملامحه يمنح النفس كاملة لكل نغمة، ترى شعره المسدل المبتل حينا و المنسق حينا، يتطاير نشوة و جنونا، و رقة وعذوبة،وذلك الوجه بذقنه المهذبة تراه تارة يحمل عذابات قديس، و تارة فرحة طفل بريء، ثم ينقلب بنظرات لعوب فتان، و فخر قائد منتصر، و رومانسية عاشق حالم، و استغراق متأمل هائم ، لو شاهدته لشعرت انك لست في حاجة ان تتكلم فالموسيقى لغة الروح، وأنت تعيش حياة الروح، ستحس انك انتقلت الى عالم آخر طالما بحثت عنه؛ عالم غلاب خلاب يتواصل تخاطرا ، و يتكلم بالجسد.
ستجد الصفوف الأولى لنساء بنظرات مشدوهة انبهارا ،وسيقان ممتدة فتنة وتحديا ،لذلك الساحر الفائق الحس،القوي الشعور و العزم، الفتان رجولة و جاذبية.
ستيبان هاوزر ليس صدفة و لا طفرة؛ فكل عائلته موسيقيون كروات، نشأ وعاش بينهم ومن خلالهم، ثم درس في بريطانيا والولايات المتحدة، ليعزف في أرقى قاعاتها ، ويحصد الجوائز العالمية، هو درس من الشغف و العمل، من التفاني و الإرادة ، من الموهبة و التعلم المتقدم، من الحس الصادق والاندماج الكامل..
خليك زي هاوزر.