تعاني معظم دول العالم أزمة متصاعدة في إمدادات الطاقة على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، أزمة لم تسلم منها حتى أكثر الدول ثراءً ورفاهية، مما دفع المسئولين فيها لاتخاذ إجراءات للحد من تداعياتها، وهو ما يحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن فعله لتخفيف وطأتها على شعبه.
أسعار أقل أو ضرائب أعلى.. بايدن يهدد شركات النفط
وفي انعكاس لحدة الأزمة لم يجد بايدن مناصًا من توجيه تهديد مباشر لشركات النفط والغاز العملاقة بفرض ضرائب باهظة على نشاطها الاقتصادي ما لم تزد حجم إنتاجها بهدف خفض الأسعار في محطات الوقود، لكنه لم يحدد مدى زمنيا لتنفيذ هذه الخطة.
واتهم بايدن أقطاب صناعة الوقود الأمريكيين باستغلال الحرب الروسية الأوكرانية وما أسفرت عنه من أزمة في إمدادات الطاقة العالمية لتعظيم مكاسبهم، خلال مؤتمر صحفي عقد في البيت الأبيض الاثنين الماضي، وذلك على خلفية تحقيق شركات نفط عملاقة مثل إكسون موبيل وشيفرون أرباحا ربع سنوية قياسية رغم استمرار ارتفاع أسعار البنزين بشكل غير مسبوق.
وذكر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن بايدن حث منتجي النفط والغاز على استثمار هذه الأرباح الطائلة في زيادة إنتاج النفط أو تخفيض أسعار الغاز أمام المستهلكين.
ووفقا للتقرير، فقد قال بايدن إنه إذا لم تستجب الشركات لهذا الطلب، فسوف تضطر لدفع ضرائب أعلى وستفرض عليها مزيد من القيود، وأضاف أن فريق معاونيه سيقوم بالتنسيق مع الكونجرس للنظر في إمكانية تطبيق هذه الإجراءات وغيرها، وتابع قائلاً إن الوقت قد حان كي تضطلع الشركات بمسئولياتها نحو بلادها، وكي تعمل لصالح الشعب الأمريكي وتتوقف عن استغلال الحرب لجني مزيد من الأرباح.
هل يستفز بايدن شركات النفط لمصالح انتخابية؟
ويأتي موقف بايدن قبل 8 أيام من انطلاق انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي، وقد اعتبره البعض محاولة منه لصرف غضب المستهلكين من ارتفاع أسعار الغاز، نحو الشركات بدلا من توجيهه نحو سياسات إدارته فيما يتعلق بملف الطاقة، في وقت تحتل فيه المخاوف الاقتصادية وأزمة التضخم قائمة أولويات الناخبين.
ومن جانبهم اتهم المشرعون الجمهوريون بايدن باستعمال التهديد بفرض ضرائب باهظة على الشركات كورقة ضغط سياسي، في محاولة يائسة لدعم حظوظ مرشحي الحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي، وقال كيفن برادي النائب الجمهوري عن ولاية تكساس وزعيم الكتلة الجمهورية في لجنة الطرق والمواصلات في مجلس النواب، إن بايدن ينتهج سياسة محفوفة بالمخاطر يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الارتفاع في أسعار الطاقة ونقص إمداداتها ووضع احتياجات الولايات المتحدة اليومية منها رهن قرارات دول أخرى.
وقد رفض منتجو النفط تهديدات بايدن متهمين إياه بالسعي لكسب نقاط سياسية لصالح حزبه دون اكتراث منه لتهاوي أسعار الغاز بشكل قياسي، وقال مايك سومرز رئيس المعهد الأمريكي للبترول، إنه يتعين على إدارة بايدن أن تأخذ في اعتبارها انعدام التوازن بين العرض والطلب، الذي تسبب في ارتفاع أسعار الغاز وخلق تحديات طويلة الأمد في مجال الطاقة.
ومن غير المرجح أن تلقى استغاثات منتجي الطاقة أي تعاطف من المستهلكين، الذين يعانون من ارتفاع هائل في أسعار الوقود، وقد بلغ متوسط سعر الغاز 3.758 دولار في مطلع نوفمبر وفقا لما أعلنته جمعية السيارات الأمريكية، وهو أقل من متوسط سعر بلغ 3.800 دولار في أكتوبر الماضي، لكنه أعلى من متوسط السعر للعام الماضي الذي بلغ 3.402 دولار، وقد سجل أعلى متوسط على الإطلاق في 14 يونيو الماضي ب5.016 دولار للجالون الواحد.
وقد بلغ صافي أرباح شركة إكسون موبيل عن الربع الثالث من العام الحالي 19.66 مليار دولار، بينما بلغت أرباح شركة شيفرون 11.23 مليار دولار، مقتربة من الرقم القياسي الذي حققته في الربع الثاني من هذا العام، كما حققت شركة شل أرباحا طائلة في الربع الثاني من هذا العام أيضا.
ويمكن اعتبار خطة فرض الضرائب لإجبار الشركات على خفض الأسعار بمثابة هدية للمستهلكين الأمريكيين بمناسبة موسم الأعياد، الذي تنتعش فيه حركة السفر، ورغم ذلك يظل تنفيذها على أرض الواقع هدفا بعيد المنال، وكان يمكن للكونجرس الموافقة على هذا الإجراء، لكنه ليس منعقدا قي الوقت الحالي ومن المستبعد تماما أن يدعمه حال حصول الجمهوريين على أغلبية غرفتيه أو حتى أغلبية إحداهما فقط.