الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأمن الغذائي العربي.. استراتيجية جديدة تنتظر قرارا سياديا من قمة الجزائر

أهداف التنمية المستدامة
أهداف التنمية المستدامة

يسعى الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة، والتي وُضعت من قِبل منظمة الأمم المتحدة عام 2015، إلى القضاء على جميع أشكال الجوع وسوء التغذية، وتحقيق إنتاج غذائي مستدام بحلول عام 2030. 

1
1

كيف تأثر الأمن الغذائي العالمي

نظراً لعدة متغيرات طرأت على العالم مؤخراً، فقد تأثر ملف الأمن الغذائي بداية من جائحة كورونا، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي عطّلت إمدادات الحبوب الأساسية ، وكذلك سلاسل التوريد الدولية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتأثر سلاسل التوريد سلباً بالفعل بالظواهر المناخية المتكررة بشكل متزايد، كل ذلك كان له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي.

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، فإن دولا مثل إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن تعاني من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي.

وشمل التقرير توقعات تحذر من تدهور الوضع الغذائي في 20 دولة تعرف بـ"النقاط الساخنة" في 2022، ومن بينها دول عربية، هي: "سوريا، ولبنان، والسودان، والصومال، واليمن، وموريتانيا".

تقرير صادر من برنامج الأغذية العالمي
تقرير صادر من برنامج الأغذية العالمي

يأتي ذلك في ظل معاناة العديد من الدول العربية من تداعيات هذا الملف، وبالتزامن مع انطلاق أعمال القمة العربية في دورتها الـ31 التي تستضيفها الجزائر، والتي تأتي وسط تحديات تشهدها المنطقة العربية، إضافة لوضع عالمي مضطرب جراء حرب أوكرانيا وتداعياتها من أزمة طاقة وغذاء.

مشروع استراتيجية الأمن الغذائي 

قال السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، منذ أيام، إن مشروع أعمال القمة العربية الـ31 والمنعقدة بدولة الجزائر، يتضمن التطورات المتعلقة بأزمات المنطقة العربية كافة، ومن بينها ليبيا واليمن والسودان.

وأضاف الأمين العام المساعد للجامعة العربية، أن القمة الحالية تميزت بمشروع حول استراتيجية الأمن الغذائي العربي تقدمت به الجزائر سيطرح على القادة لتوفير التمويل المناسب له.

وكان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، علق في تصريحات صحفية، وقال إنّ الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي من أهم الموضوعات المطلوب اعتمادها من القمة.

وأضاف أنّ موقف الأمن الغذائي في العالم كله يبعث على القلق الشديد، وإذا كنا واجهنا خلال هذا العام أزمةً في أسعار الغذاء، فنحن مهددون بمواجهة أزمة في توفر الغذاء نفسه في العام المقبل بسبب الاضطراب في صناعة الأسمدة والمخصبات، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الغاز الطبيعي الذي ارتفعت أسعاره في الفترة الأخيرة كما نُتابع جميعا.

وأوضح أنّ العالم العربي يُعاني فجوة غذائية هائلة، قد تكون هي الأكبر بين مناطق العالم المختلفة، وهناك حاجة لحشد الإمكانيات العربية، وهي كبيرة ومتنوعة، من أجل تعزيز الأمن الغذائي العربي وفق استراتيجية واضحة وشاملة وطويلة الأمد.

تأمين الغذاء جزء من الأمن القومي

وأكد أبو الغيط، أنّ هناك من جانب آخر حاجة ملحة للتعامل مع الأوضاع الطارئة الخطيرة من انعدام الأمن الغذائي، كما هو الحال في الصومال الذي عانى 4 مواسم جفاف متوالية، ويقف نحو نصف سكانه - أي سبعة ملايين إنسان- على شفا المجاعة.

الأمين العام لجامعة الدول العربية
الأمين العام لجامعة الدول العربية

وفي هذا الصدد، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن أزمة الغذاء في العالم تأثرت نظراً لعدة أسباب بداية من وباء كورونا، والتي أثرت على عملية التواصل بين بلدان العالم وعملية التصدير والاستيراد، والقيود التي فرضت على الدول، أما السبب الأكثر خطورة فهو الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأضاف بدر الدين، أن روسيا وأوكرانيا هما أكثر الدول المُصدرة للحبوب الغذائية في العالم، وبالتالي الحرب بينهما أثرت وانعكست سلباً على الاقتصاد العالمي ككل وعلى الصادرات الغذائية من الحبوب وعلى السوق العالمية، حيث ارتفعت أسعار الغذاء والشحن والسلاسل الغذائية.

وتابغ: بالتالي لم يعد هناك انتظام في عملية الاستيراد والتصدير والحبوب الغذائية في الأسواق العالمية نتيجة ارتفاع الأسعار أو صعوبة النقل، أو نتيجة أسباب سياسية عقابية، حيث من المتوقع أن تتخذ روسيا إجراءات ضد الدول الغربية والعالم ككل فيما يتعلق بالغاز والغذاء، وبالتالي هذا أدى لحدوث اهتزاز في الأسواق العالمية، فضلاً عن التأثيرات الناتجة عن التغيرات المناخية أيضاً.

وأوضح بدر الدين، في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه على صعيد الدول العربية يستلزم أن يكون هناك توجه للتعاون والتنسيق العربي المشترك للتغلب على هده الأزمة ومواجهتها، لافتاً إلى أن الأمن الغذائي هو جزء من مكونات الأمن القومي الشامل لأي دولة، ويجب أن يتوفر الغذاء الكافي وتوافر احتياجات السكان في أي دولة، وبالتالي الدول العربية تستطيع اتخاذ قرار بوضع استراتيجية خاصة بالأمن الغذائي. 

تأثيرات الأزمة الروسية الاوكرانية

وشدد أستاذ الاقتصاد على ضرورة التنسيق بينها، حيث إن مقومات الدول العربية تختلف من دولة لأخرى، فعلى سبيل المثال هناك دول عربية لديها مساحات زراعية كبيرة وخصبة ولكنها لا تزرع لأنها تحتاج لأيدٍ عاملة ورؤوس أموال.

وأردف: هناك دول لديها وفرة في الأيدي العاملة، وهناك دول لديها وفرة في رؤوس الأموال، فيجب التضافر والتنسيق بين الدول في هذا الإطار لمواجهة الأزمات المستحدثة وما يمكن أن يحدث مستقبلاً، خاصة أن الأزمة الروسية الاوكرانية لن تكون الأزمة الاخيرة التي ستؤثر على الغذاء، فالأزمات تتكرر وتختلف الأسباب.

واختتم بدر الدين تصريحاته قائلاً: "الأمر الأكثر أهمية هو أن تجد هذه الاستراتيجية مجالها في التنفيذ العملي و تتحول لواقع يتم تنفيذه بالفعل على الأرض، وهذا ما سيعود بالمنفعة العامة على الجميع ويحقق الاستقرار الغذائي في الوطن العربي".

واتفق معه الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، قائلاً: "الحديث عن الاستراتيجية في القمة العربية يعني وجود اهتمام، ولكنها تحتاج لتنفيذ على أرض الواقع".

وأضاف أن استراتيجية الأمن الغذائي العربي تعني أن يكتفي العالم العربي ذاتياً من السلع الاستراتيجية باعتبار العالم العربي من أكبر مستوردي القمح على مستوى العالم، فالأزمة الروسية الأوكرانية وضعت الجميع في مأزق من حيث كيفية توفير العالم العربي احتياجاته من الغذاء. 

وأكد أن الأمر يحتاج لإرادة سياسية، حيث إن الأرض متوفرة والمياه متوفرة والمال متوفر ولكن ينقص توافر الإرادة السياسية، فبالتالي يجب توافر الإرادة السياسية الحاضرة خلال اجتماعات هذه القمة والتوصل إلى أن مسالة الأمن الغذائي هي بمثابة مسألة حياة أو موت.

كيفية اكتفاء العالم العربي ذاتياً

وأوضح غباشي، أنه حول كيفية اكتفاء العالم العربي ذاتياً من السلع الاستراتيجية، فهناك دراسة عام 2010 تناولت بالفعل هذا الأمر ولكن لم تفعل نتيجة ظروف معينة حدثت في هذا التوقيت وعدم وجود مال كافٍ، وقد ذكرت هذه الدراسة أن العالم بحاجة إلى 25 مليار دولار لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والآن تضاعف هذا الرقم بالتأكيد في 2022.

وتساءل: “هل الأزمة الروسية الأوكرانية ستعيد صياغة العالم من جديد وتبدأ عملية دراسة وإحياء لهذا المشروع القديم؟، مختتما: ”نحن نراقب الموقف الآن".