الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المؤتمر الاقتصادي: كشف حساب وحوار بناء

د. نورهان موسى
د. نورهان موسى

انتهى المؤتمر الاقتصادي الذي شهد زخما سياسيا واقتصاديا كبيرا على جميع المستويات، ومع انتهائه اكتمل التصور الذي كان لدى الجميع حول طبيعة المؤتمر وسبب تنظيمه وما توصل إليه في النهاية. 

فلقد أصاب من تصور أن المؤتمر هو مناسبة هامة وحوار كاشف تجتمع فيه جميع الأطياف المهتمة بالشأن الاقتصادي في مصر، سواء السلطة التنفيذية وتحديدا المجموعة الاقتصادية فيها، بالإضافة إلى الخبراء والأكاديميين المتخصصين وكذلك رجال الأعمال ممثلين عن القطاع الخاص، وممثلين عن الأحزاب السياسية أصحاب الآراء والاتجاهات السياسية المختلفة. 

وقد أخطأ من تصور أن الهدف من المؤتمر الاقتصادي هو إيجاد حلول جذرية وسحرية للمشاكل الاقتصادية والتغلب على التحديات التي تواجه البلاد، فما حدث خلال جلسات المؤتمر والجلسة الافتتاحية والختام يؤكد أنه كان حوارا كاشفا لموقف الحكومة من ناحية، ومؤسسات القطاع الخاص من ناحية أخرى، وبينهما آراء الخبراء وممثلي الأحزاب السياسية في سبيل إصدار توصيات تساهم في إزالة المعوقات التي تواجه الدولة لوضع حلول للأزمة الاقتصادية الراهنة.

وتعتبر التوصيات التي انتهى إليها المؤتمر الاقتصادي هامة، خاصة أنها خلاصة أفكار وتجارب الخبراء ورجال الأعمال والاقتصاد، والتي بدورها سيساهم تطبيقها في تهيئة المناخ الاقتصادي بشكل أكبر وبالشكل الذي يساهم في ضخ مزيد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية، بالإضافة إلى سعي الدولة إلى خفض الاعتماد على المنتجات المستوردة والاعتماد على المنتج المحلي بشرط انتاجه بأعلى كفاءة ممكنة. 

وبرغم ذلك، إلا أن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل إعلان التوصيات كانت بمثابة استكمال للحوار الذي دار خلال جلسات المؤتمر، حيث بدا أنه كشف حساب للرأي العام حول جهود الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية وسياسة الإصلاح الاقتصادي، واستغلال الظهير الشعبي الذي تولد واتحد بعد 30 يونيو ملتفا حول الرئيس لتنفيذ سياسة الإصلاح التي تحمل تبعاتها الشعب المصري، وسط إدارك ووعي كاملين بأنه لا مفر من تحقيقها في سبيل مستقبل اقتصادي أفضل، ولولا الأزمات العالمية التي تبعت كورونا والحرب الأوكرانية لكان للاقتصاد المصري شأنا آخر. 

وأعتقد أنه من الهام والضروري تنفيذ التوصيات التي انتهى إليها المؤتمر والتي بالضرورة تتوافق مع السياسة الاقتصادية التي تتبعها الدولة والتي كانت شريكا في وضع هذه التوصيات، حيث إن تنفيذها سيكون له مردود إيجابي كبير لدى المستثمرين في تأكيد ثقة الحكومة لديهم وأنها تفي بوعودها. 

ويعتبر القرار الذي اتخذ بتحرير سعر صرف الجنيه المصري ليكون أكثر مرونة أمام العملات الأجنبية والذهب هو أول القرارات التي من شأنها تأكيد هذه الثقة وتهيئة المناخ الاقتصادي العام. 

كما أنه لا يجب أن نتجاهل مراعاة الدولة للأثر الاجتماعي لهذا القرار، والذي انعكس في رفع الحد الأدنى للأجور وتطبيق العلاوة لأصحاب المعاشات.

وبرغم ما يدار في الأوساط الاقتصادية أن مصر تعيش أزمة اقتصادية كمثيلاتها من دول العالم تأثرا بأزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، إلا أنني أرى زاوية إيجابية وهي أن أمامنا فرصة كبيرة في تحقيق نهضة على المستوى المحلي، حيث إن عدم وفرة العملة المحلية يعتبر دافعا كبيرا وضاغطا لزيادة وتنويع موارد الاقتصاد المصري والاعتماد بشكل أكبر مما سبق على الصناعة المحلية والتعامل بمرونة أكبر مع المستثمر المحلي قبل الأجنبي.

فالدرس الذي علينا استيعابه جيدا، والذي أكد عليه الرئيس السيسي مرارا وفي أكثر من مناسبة، أنه لا بد من توسيع القاعدة الصناعية في مصر لتحقيق الاكتفاء الذاتي ثم التصدير للخارج، فالدول الأقل استيرادا الآن هي الأقوى والأكثر صلابة في مواجهة الأزمات الاقتصادية. 

إن الأزمة العالمية الحالية تدفعنا نحو تنمية قطاع الصناعة بشكل حتمي، ولا أرى مناسبة أفضل من ذلك للوصول للهدف المنشود.