6 أمور تحقق اليقين.. خطيب المسجد الحرام: يجلب الهناء في الدنيا والآخرة

قال الشيخ الدكتور بندر بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن اليقين: سكونُ الفهم، واستقرارُ العِلم، واطمئنانُ القلبِ لِما جاء عن الله ورسولِه -صلى الله عليه وسلم-، هو لُبابُ الإيمانِ ومَخبَرُهُ، وحقيقتُهُ وجَوهرُهُ تنافس فيه المتنافسون، وشَمَّر إليه المُجِدُّون، وتَفاضَل به العارفون إنه سببٌ لدخول الجنة.

خير ما يحرز العبد وينال

وأوضح بليلة خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن  اليقين مِن خيرِ ما يُحْرِزُ العبدُ ويَنال، يَرقَى به رُتَبَ الكمال،  يقينٌ يكونُ للنفس صُبحًا ونُجْحا، وغُنْمًا ورِبْحا  قال النبيُّ  -صلى الله عليه وسلم-  لأبي هريرةَ رضي اللهُ عنه: (اذهب بنَعليَّ هاتين، فمَن لقيتَ مِن وراء هذا الحائطِ يشهدُ ألا إله إلا اللهُ مُستيقنًا به قلبُه فبشِّرْه بالجنة) أخرجه مسلم، وقال أبو بكر رضي اللهُ عنه: (قام فينا رسولُ الله  -صلى الله عليه وسلم-  على المنبر ثم بكى فقال: اسألوا اللهَ العفوَ والعافية؛ فإن أحدًا لم يُعْطَ بعد اليقين خيرًا من العافية) أخرجه الترمذيُّ وحسَّنه.

واستشهد بما قال ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه: (اليقينُ الإيمانُ كلُّه)، وقال أبو بكرٍ الورَّاقُ رحمه الله: (اليقينُ مِلاكُ القلب) وقال الحسنُ البصريُّ رحمه الله: (باليقين طُلِبت الجنة، وباليقين هُرِب من النار، وباليقين أُدِّيَت الفرائض، وباليقين صُبِر على الحق)ـ مشيرًا إلى أن اليقينُ لا يُنالُ إلا بيقين! عِلمًا بالله عزوجل، وعملاً بطاعته، وتَلَمُّسًا لمَراضيه، ومُجاهَدةً للنفس والشيطان والهوى .

أزكى العوائد

وأضاف: ألا إنَّ له لأطيَبَ الفوائد، وأزكى العوائد: فبه الهَناءُ في الدارين، قال ابنُ القيمِ رحمه الله: (لا يَتمُّ صلاحُ العبدُ في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقينُ يدفعُ عنه عقوباتِ الآخرة، والعافيةُ تدفعُ عنه أمراضَ الدنيا من قلبه وبدنه) وباليقينِ الانتفاعُ بآياتِ الله، والاهتداءُ بأنوارها، قال تعالى ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) الآية 2 من سورة الرعد، وقال تعالى ( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ) الآية 20 من سورة الذاريات.

وأشار إلى أن مَن حَقَّق اليقينَ حازَ التوكُّل، ووَرِث الصبر، ووثِقَ بالله في أمورِه كلِّها، ورضيَ بقضائه وقدره، واستحالت البَلايا في حقِّه إلى عَطايا، والنِّقَمَ إلى نِعَم، وكان مِن أغنى الناس وان لم يكن له حظ في الدنيا، منوهًا بأن مما يُضادُّ اليقينَ ويُناقِضُه: تعلُّقَ المخلوقِ بغير خالقه، والتفاتَ قلبِه إليه، وتطلُّعَه إلى ما في يديه.

ودلل بما قال سهلُ بنُ عبدالله رحمه الله: (حرامٌ على قلب أن يَشْتَمَّ رائحةَ اليقينِ وفيه سُكونٌ إلى غير الله) ومَن أرخى سمعَه وقلبَه إلى الأباطيل والشُّكوكِ والشُّبُهات، وقع في الرَّدى والهَلَكات! فشرُّ الأمورِ أكثرُها شَكَّا ورَيْبا، وخيرُها ما أَسْفَر عن اليقين، وفي التنزيل الحكيم (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون).