يخوض بنيامين نتنياهو الذي شغل منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل (73 عاما)، الثلاثاء المقبل، الانتخابات الإسرائيلية التي تجرى للمرة الخامسة منذ العام 2019.
نتنياهو قام بحملته الانتخابية هذه السنة في سيارة زجاجية ومجهزة أمنيا أطلق عليها اسم "بيبيموبيل" بوحي من سيارة البابا "باباموبيل"، وقد جاب بها أنحاء البلاد.
ورغم أن نتنياهو يخضع لمحاكمة بتهم تتعلق بالفساد، يرى خبراء سياسيون أن قواعد حزب الليكود الذي يتزعمه ستبقى داعمة له.
وهي المرة الأولى التي يخوض فيها الانتخابات منذ أربع سنوات، وهو على رأس المعارضة لا السلطة التي أطيح منها في العام 2021 على يد ائتلاف منوّع.
ويرى البعض أن التصويت القادم يمثل فرصة "بيبي" الأخيرة في العودة إلى المشهد السياسي من باب السلطة.
ويقول المتحدث السابق باسمه أفيف بوشنسكي لوكالة فرانس برس إن نتنياهو لن يتنحى طوعا.
ويضيف بوشنسكي: "مستحيل.. سيحاول فعل كل ما في وسعه لتشكيل تحالف مهما كان ذلك جنونيا، وفي رأسه مهمة إلهية أسندت إليه لإنقاذ البلاد".
ولد نتنياهو في 21 أكتوبر 1949 في تل أبيب، وورث عن والده المؤرخ عقيدة متشددة، إذ كان الأخير المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي، زعيم تيار صهيوني يقدّم نفسه على أنه "تصحيحي" ويسعى إلى تأسيس "إسرائيل الكبرى".
في العام 1976، كان شقيقه يوناتان الجندي الإسرائيلي الوحيد الذي قتل أثناء مشاركته في عملية عسكرية نفذتها وحدة كان يشرف عليها لتحرير رهائن محتجزين في طائرة خطفتها منظمتان فلسطينية وألمانية في أوغندا.
في مذكراته التي نشرها الشهر الجاري، يقول إنه "لن يتعافى أبدا" من مقتل شقيقه.
ويضيف: "عندما وصلني خبر وفاة يوني في عنتيبي، شعرت وكأن حياتي قد انتهت".
ونشأ نتنياهو في جزء من حياته في الولايات المتحدة، وتخرّج من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا العريق.
بفضل طلاقته باللغة الإنجليزية، ركّزت القنوات التلفزيونية الأمريكية عليه أثناء كلامه عن إسرائيل بين أواخر ثمانينات ومطلع تسعينات القرن الماضي، وهو ما ساهم في صعود نجمه كشخصية سياسية على الصعيدين المحلي والدولي.
في الثمانينات، شغل منصبا دبلوماسيا في سفارة بلاده في واشنطن.
وتولّى نتنياهو، الذي لطالما شكّك في اتفاقيات أوسلو للسلام، زعامة حزب الليكود العام 1993، وفاز في الانتخابات العام 1996، ليكون أصغر رئيس وزراء لإسرائيل سنا عندما كان يبلغ من العمر 46 عاما.
خسر السلطة سنة 1999، لكنه استعادها بعد عشر سنوات ليبقى على رأسها حتى العام 2021.
وجاء في مذكراته "كجندي، قاتلت للدفاع عن إسرائيل في ساحات القتال، وبصفتي دبلوماسيا صدّيت الهجمات على شرعيتها في المحافل الدولية، وبصفتي وزير مالية سعيت إلى مضاعفة قوتها الاقتصادية والسياسية بين الدول".
وكتب: "ساعدت في تأمين مستقبل لشعبي القديم".
ولم ينخرط نتنياهو في محادثات سلام فعلية مع الفلسطينيين خلال فترة حكمه، بينما أشرف على توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة. ساهم في دفن عملية السلام مع الفلسطينيين التي بدأت في 1990، وارتفع عدد المستوطنات في الضفة الغربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة 50%.
فبات عدد المستوطنين 475 ألفا يعيشون وسط 2,8 مليون فلسطيني.
في السياسة الخارجية، ركّز نتنياهو على إيران وبرنامجها النووي والجماعات المتحالفة معها مثل حزب الله اللبناني.
خلال السنة الأخيرة من حكمه، نجح في إبرام أربع اتفاقيات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، ونجح أيضا في إخراج البلاد من الإغلاق بعدما أطلق حملة تطعيم طموحة ضد فيروس كورونا.
ورغم تقدمه في السن واتهامات الفساد الموجهة إليه من القضاء وقلة عدد الأصوات التي حصدها في الانتخابات الأربع الماضية، يبقى طموحه إلى السلطة على ما هو عليه.
في يونيو وبعد ثلاث ساعات من انهيار ائتلاف منافسيه وبدء الحديث عن انتخابات جديدة، وصل نتنياهو إلى مركز للتسوق في القدس وتعهد بالحد من ارتفاع تكاليف المعيشة.
وقبل أيام من انتخابات نوفمبر، خاطب حشدا صغيرا في مغدال هعيمك، معقل الليكود، ودان حينها الحكومة التي شكلها منافسوه ولم تعمّر طويلا، ووصفها بأنها "تجربة خطيرة وكارثية".
يومها قالت راشيل كوهين (25 عاما) التي جاءت للتعبير عن تأييدها له إنها متأكدة "بنسبة 100%" من فوز نتنياهو لأنه "يهتم بالبلد" على عكس منافسيه".
وأضافت الشابة التي تعمل سكرتيرة أنه "ليس بالضرورة أن يكون بيبي (الفائز)، لكن يجب أن يكون شخصا صالحا لنا ويهتم بنا وبأمننا".