الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يفضل القهوة المثلجة .. أسرار وطقوس أحمد شوقي في منزله

الشاعر أحمد شوقي
الشاعر أحمد شوقي

للشاعر الكبير أحمد شوقي، طقوس وأساليب مختلفة في حياته عن العديد من الكتاب والمبدعين، وهو ما كشفه أحمد عبد الوهاب أبو العز في كتابه «اثنا عشر عامًا في صحبة أمير الشعراء أحمد شوقي»، الصادر في 2012 عن مكتبة الأسرة بالهيئة المصرية العامة للكتاب.

وأوضح المؤلف في الكتاب بعض المواقف من حياة أحمد شوقي من منزله وبالتحديد في المطرية والجيزة حتى 23 ديسمبر سنة 1930: «كان عندما يعود إلى منزله في المساء ويدخل حجرته يجد الخادم منتظرا، فيساعده على خلع ملابسه، ثم يقدم له كوبا كبيرا من القهوة المثلجة، ويعد له أوراقا وقلما وزجاجة الويسكي، والصودا المثلجة، ثم يخرج ويبدأ بعد ذلك يخط بيده ما نظمه طول يومه، ويزيده ما تجود به عبقريته ساعة الكتابة».

ويتابع المؤلف: «وفي خلال ذلك يتناول كوبين ويسكى بالصودا يملأهما بنفسه، ثم يقوم إلى سريره في منتصف الساعة الرابعة صباحا، ويقوم من نومه في منتصف الحادية عشرة صباحًا، وكان أول من يدخل عليه السيدة حرمه، وهي تضرب الجرس للخادم، فيأتي ويعمل واجبه تحت إشرافها، وكثيرا ما قال لي: إني لا أرتاح في المنزل إلا بوجود الهانم، ولو لم تعمل لي شيئا إلا أن إتقان الخدم لا يكون إلا بوجودها».

ويكمل: «وأول شيء يقوم به الخادم في الصباح أن يأتي بالماء الفاتر والصابون، فيغسل رأسه ووجهه، ويغسل له الخادم ذراعيه للمرفقين وأقدامه للركبتين بالصابون، وبعد أن يجففهما يغسلهما مرة أخرى بالكولونيا، ثم يأتيه الخادم بالسجائر مباشرة من غير أكل لأن فطوره كان خارج المنزل، وبعد ذلك يخرج من حجرته ويتنقل في حجر أخرى بضع دقائق، ويعود فيجد الملابس معدة فيلبسها ويخرج، ولما يعود بعد الظهر للغداء يجلس على المائدة، ويكلم أفراد أسرته ويمازحهم، ويسأل كلا منهم عن صحته ورغبته، وكان إذا أعجب من نوع من الطعام يدعوهم جميعا للإكثار من تناوله».

 

ريادة أحمد شوقي 

لشوقي الريادة في النهضة الأدبية والفنية والسياسية والاجتماعية والمسرحية التي مرت بها مصر، أما في مجال الشعر فهذا التجديد واضح في معظم قصائده التي قالها، ومن يراجع ذلك في ديوانه الشوقيات لا يفوته تلمس بروز هذه النهضة؛ فهذا الديوان الذي يقع في أربعة أجزاء يشتمل على منظوماته الشعرية في القرن التاسع عشر وفي مقدمته سيرة لحياة الشاعر وهذه القصائد التي احتواها الديوان تشتمل على المديح والرثاء، والأناشيد والحكايات والوطنية والدين والحكمة والتعليم والسياسة والمسرح والوصف والمدح والاجتماع وأغراض عامة.

لقد كان الشاعر يملك نصيباً كبيراً من الثقافتين العربية والغربية، كما أفادته سفراته إلى مدن الشرق والغرب، يتميز أسلوبه بالاعتناء بالإطار وبعض الصور وأفكاره التي يتناولها ويستوحيها من الأحداث السياسية والاجتماعية، وأهم ما جاء في المراثي وعرف عنه المغالاة في تصوير الفواجع مع قلة عاطفة وقلة حزن، كما عرف أسلوبه بتقليد الشعراء القدامى من العرب وخصوصاً في الغزل، كما ضمن مواضيعه الفخر والخمرة والوصف، وهو يملك خيالاً خصباً وروعة ابتكار ودقة في الطرح وبلاغة في الإيجاز وقوة إحساس وصدقا في العاطفة وعمقا في المشاعر.

منح شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة، لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً وكأنها المطر الهطول، يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛ ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛ إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألفا وخمسمائة بيت، ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث.

كان شوقي مثقفًا ثقافة متنوعة الجوانب، فقد انكب على قراءة الشعر العربي في عصور ازدهاره، وصحب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب، وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛ حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم، وكان مغرمًا بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ، وتدل رائعته الكبرى «كبار الحوادث في وادي النيل» التي نظمها وهو في شرخ الشباب على بصره بالتاريخ قديمه وحديثه.

كان ذا حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع، فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء.

وإلى جانب ثقافته العربية كان متقنًا للفرنسية التي مكنته من الاطلاع على آدابها والنهل من فنونها والتأثر بشعرائها، وهذا ما ظهر في بعض نتاجه وما استحدثه في العربية من كتابة المسرحية الشعرية لأول مرة.