تناولت الصحف المصرية، الصادرة صباح اليوم الاثنين، العديد من الموضوعات والقضايا المهمة ذات الشأن المحلي.
وأبرزت صحيفة "الأهرام" تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه لولا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص واليونان في البحر المتوسط والمملكة العربية السعودية في البحر الأحمر لما كان قد تم اكتشاف حقل «ظهر» للغاز الطبيعي.
وأضاف الرئيس، في مداخلته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي، أنه لولا ترسيم الحدود البحرية ما تمكنت شركات التنقيب من العمل في هذه المناطق.
وقال «فضل الله علينا كان عظيما باكتشاف حقل ظُهر ولولاه لكانت مصر مظلمة لأننا لا نمتلك توفير 2 مليار دولار شهريا بالأسعار القديمة للغاز لتشغيل محطات الكهرباء، أما بالأسعار الحالية فقد تصل التكلفة إلى 10 مليارات دولار شهريا لشراء الغاز المطلوب لتشغيل محطات الكهرباء الموجودة في مصر حتى لا تنقطع الكهرباء عنها بما يعني إجمالي تكلفة تبلغ 120 مليار دولار سنويا».
وأوضح الرئيس السيسي: «لازم تعرفوا أن ربنا سبحانه وتعالى يسر هذا الأمر، وأن الموضوع كله من الله سبحانه وتعالى، لأننا حين توصلنا لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية تعرضنا لهجوم»، مشيرا إلى أن شركة «إيني» الإيطالية طلبت فترة زمنية خمس سنوات للتنقيب عن الغاز في حقل ظُهر بالبحر المتوسط لكنني طلبت منهم اختصار تلك الفترة إلى 18 شهرا فقط، مع حل كافة المشكلات داخل الحدود البحرية المصرية على الفور.
ولفت الرئيس إلى أن الأراضي التي كانت تخصص لإنشاء معامل تكرير تستغرق فترة زمنية تتراوح ما بين سنتين أو ثلاث سنوات لأخذ الموافقات اللازمة، إلا أنه تم تخصيصها خلال ساعتين فقط، مشيرا إلى سرعة تحرك المعدات الكبيرة اللازمة بالآلاف من أجل سرعة إنشاء 10 آلاف خازوق للأرض في بورسعيد من أجل تجهيز الخرسانات اللازمة لإنشاء معامل التكرير عليها.
وتحدث الرئيس السيسي عن حجم الجهد والعمل الشاق والمتواصل للدولة ليل نهار خلال 7 سنوات، مشيرا إلى أن: «ما يراه المصريون اليوم من مشروعات بنية تحتية في مختلف أنحاء الجمهورية هو نتاج 25 ألف ساعة عمل بلا توقف بواقع 10 ساعات يوميا في 30 يوما شهريا سواء من جانبي أو من جانب الحكومة»، موضحا أن ما حدث في مصر خلال 7 سنوات بفضل الله سبحانه وتعالى ولولاه ما كان ليحدث أبدا.
وفيما يتعلق بالأطروحات في المؤتمر الاقتصادي، أشار الرئيس إلى أنه سيتم تنفيذ كافة المقترحات المطروحة المفيدة أثناء النقاش.
وطرح الرئيس، خلال مداخلته، 13 محورا حول رؤيته للتحديات التي تجابه الدولة، لافتا إلى أن المحور الأول يتمثل في أن عمق الأزمة التي تعانى منها الدولة المصرية في العصر الحديث يتطلب إجراءات حادة وقاسية ومستمرة لعلاج كافة الاختلالات التي تشكلت خلال الخمسين عاما الماضية.
وأضاف الرئيس أن أي مسار اقتصادي وأى حلول تطرح تتطلب من متخذ القرار أن ينظر للبيئة السياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية ما إذا كانت ستساعده على تمرير هذا المسار أم لا، مشيرا إلى أن كافة الخبراء يستطيعون أن يضعوا خططا قوية وهامة ولكن تنفيذ هذه الخطط لا يعتمد على شجاعة القرار ولكن تكلفتها، فإذا كانت تكلفتها أكبر من العائد منها لن ينفذه، موضحا أن تجربة 77 كانت كاشفة حين تم رفع بعض السلع قروشا بسيطة وكان رد الفعل سببا في التراجع عن القرار.
ونوه بأن أي مسار اقتصادي تحكمه عوامل مؤثرة ومتشابكة وهي فلسفة الحكم والمسئولية، موضحا أن من يتحمل مسئولية الدولة والحفاظ عليها يجب أن ينتبه لكل خطوة يخطوها..أما المحور الثاني الذي طرحه الرئيس، فيتمثل في أن مجابهة هذه التحديات كانت تصطدم بمحاذير الحفاظ على الاستقرار الهش للدولة بدلا من التحرك في مسارات الحلول الحاسمة، مؤكدا ضرورة دراسة البيئة ومناقشة حجم صلابة الدولة كرأي عام، بما يسمح بتمرير المسار المستهدف التحرك فيه.
وأشار إلى أن الدولة قامت خلال عام 2015 برفع جزء من الدعم عن الوقود، قائلا: «في ذلك الوقت قيل إن الرئيس يغامر بشعبيته وأنا كان تقديري في هذا الوقت أن الرصيد الموجود يجب استثماره بشكل أكبر في الإصلاح والبناء، لأن الفرصة لن تتكرر، وقد يوجد مسئول آخر في هذا المكان بعد ذلك يكون لديه هذا الحجم من الأرصدة التي ممكن أن تسمح للشعب بأن يقبل منه أي قرارات».
وأكد الرئيس أنه لو لم يكن متخذ القرار منتبها إلى مكانه ويستفيد من الفرصة لبلده وشعبه وتقدمه واستقراره ستفوته الفرصة.
وتطرق الرئيس إلى المحور الثالث الذي يتمثل في أن محصلة الضغوط الداخلية والخارجية كانت دائما تتطلب دعما شعبيا قويا ومستمرا وتضحيات لم يكن الرأي العام مستعدا لتقديمها في ظل حالة الفقر والعوز التي يعيش فيها لسنوات طويلة، مشيرا إلى أن هناك من يرى أن قيمة 7 تريليونات جنيه التي تم إنفاقها خلال السنوات الثماني الماضية لتطوير الدولة تعتبر مبلغا كبيرا، موضحا أن هناك دولا أصغر من مصر موازنتها تتمثل في هذا الرقم وليست لديها أعباء خدمة دين، ولافتا إلى أنه رقم متواضع.
وأضاف أن الدولة المصرية يعيش فيها أكثر من 100 مليون مواطن على مساحة 7% منها، موضحا أن حجم الطرق الموجود عليها لابد أن يحقق حجم حركة بكفاءة وسهولة على مدى اليوم.
وأشار إلى أن المصريين يعيشون على مساحة 70 ألف كيلو متر مربع فقط من مساحة الدولة، موضحا أن الدولة تستهدف زيادة المساحة إلى 120 ألف كيلو متر مربع، وأنه كان لابد أن يكون حجم البنية الأساسية التي يتم تأسيسها يخدم حركة المجتمع وتحسينها ليس فقط من أجل الاستثمار وليس فقط من أجل سهولة تداول السلع ولكن لمصلحة حركة المواطنين، مؤكدا أن الحركة تحسنت بشكل كبير.
وتطرق الرئيس إلى أن الدولة المصرية تحتاج إلى 60 ألف فصل سنويا لاستيعاب الكثافات الطلابية وليس 21 ألفا، كما تطرق الرئيس إلى ملف الصحة، مشيرا إلى أن حجم الأرصدة الخاصة بالخدمة الطبية يعادل 50% من المطلوب أي أن الدولة تحتاج ما يعادل ضعف حجم المستشفيات الموجودة في الدولة حاليا ولكن إمكانات الدولة لا تسمح.
وأضاف الرئيس أن حجم الأطروحات والحلول المطروحة فيه كان أقل دائما من حجم التحدي، موضحا أن كل أسرة لديها ابن أو بنت في الثانوية العامة يتنازلون عن الكثير من مطالبهم من أجل دعم نجاح أولادهم في مسارهم في الثانوية العامة، وهو نفس ما يقومون به من أجل زواج أولادهم، مشيرا إلى أن الكتلة الغالبة في مصر ليست الكتلة الغنية منذ سنوات طويلة ولن يتغير هذا الأمر إلا بالعمل والفهم والتضحية المستمرة.
وقال الرئيس إن المسلسلات والميديا كانت تجعل أحيانا الدولة خصما في مواجهة التحديات التي تواجهها، مضيفا أنه لم يتحدث أحد حول أن قدرة الدولة المصرية ومواردها لا تستطيع تلبية متطلباتها، موضحا أنه تم عمل مسارات ذات فكر لتجاوز التحديات المتمثلة في محدودية القدرات، مشيرا على سبيل المثال إلى أن الدولة أطلقت حملة القضاء على فيروس سي، كما استهدفت قوائم الانتظار وتم عمل مليون و400 ألف حالة جراحات متقدمة.
وأشار إلى أن 40 مدينة جديدة أضافت رصيدا لأصول الدولة المصرية ما لا يقل عن 10 تريليونات جنيه.
وأضاف أن الدولة تعمل في العاصمة الإدارية على 40 ألف فدان من إجمالي 175 ألف فدان، ولم يتم دفع قرش من موازنة الدولة، مشيرا إلى أن الشركة المسئولة عن العاصمة ستقوم بتأجير المباني للدولة في إطار التطوير العقاري ولديها 42 مليار جنيه في البنوك، وأوضح أن التحرك كدولة لمجابهة حالة العوز والفقر كان يتطلب توليد قدرة من المتاح لدى الدولة.
كما طرح الرئيس المحور الرابع المتمثل في حجم الثقة في قدرة أجهزة الدولة على إيجاد مسار ناجح وسط خيارات صعبة تتطلب عملا شاقا ومستمرا لم يكن متوفرا في ظل جهود الإسلام السياسي المستمرة في التشكيك والتشويه وأحيانا التخريب، علما بأنه لم يكن لديها مشروع أو خارطة طريق حقيقية لإعادة بناء الدولة وغياب الرؤية من جانب الكثير من المثقفين والمفكرين والمهتمين بحجم التحديات المطلوب مجابهتها.
وأشار الرئيس إلى أنه على استعداد على أن يشارك كل من يكون لديه قدرة على تحقيق النجاح من أجل مصر، لافتا إلى أن الحوار الوطني تم إطلاقه من أجل سماع كافة الأطراف.
أما المحور الخامس الذي طرحه الرئيس، فيتمثل في أن الجهاز الإداري للدولة لم يكن مستعدا بالكفاءة لتنفيذ خطط الإصلاح المطلوبة بل بدا واضحا أن الإصلاح يجب أن يشمل هذا الجهاز ويعالج ترهله.
وفي هذا الإطار، أكد الرئيس أنه يعتمد في الإصلاح على مؤسسات الدولة، موضحا أن تنفيذ الإصلاح في الدولة يستلزم الاعتماد على مؤسساتها ولكنها لم تكن قادرة على تلبية تحديات ضخمة.
وأشار الرئيس على سبيل المثال إلى أن التعليم تراجع على مدار 35 عاما وهو ما أثر على منتج جودة التعليم، مستشهدا في مقارنة بدولة أخرى عدد سكانها 6 ملايين مواطن لديها 500 ألف طالب فقط، كما استشهد بمثال آخر عندما وجه وزير الخارجية منذ 6 سنوات بتخفيض عدد العاملين وتخفيض المرتبات برغم أنه لم تكن هناك أزمة في ذلك الوقت، موضحا أن من يقوم بعملية البناء والإصلاح في الدولة هو الجهاز الإداري للدولة ومدى كفاءته.
وحول المحور السادس من رؤية الرئيس للتحديات التي تجابه الدولة، قال السيسي إنها خاصة بردود الأفعال الشعبية لتحمل تكلفة الإصلاح وضغوطها التي كانت دائمًا تشكل هاجسًا ضخمًا وعميقًا لدى صناع القرار وتقديرات الأجهزة الأمنية.
وأضاف الرئيس أنه عندما كان يتم مناقشة إطلاق مسار الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2016 بحضور جميع المعنيين من الدولة والأجهزة الأمنية، وتم طرح إطلاق الإصلاح الاقتصادي وتغيير سعر الصرف فرفض جميع الحضور في الاجتماع الإعلان عن هذا القرار وقالوا «لا»، ورد الرئيس خلال الاجتماع قائلًا: «الموضوع مش عافية، احنا بندردش علشان دي بلد، وقلت إن احنا لو معملناهوش هنعدي بالقرار ده «قنايه» ممكن نعديها ولو تأخرنا في القرار هنبقى عايزين نعدى بحر ولا يمكن نعديه لو تأخرنا في القرار ده، والحمد لله ربنا أراد لنا التوفيق».
وأوضح الرئيس أن الشعب المصري لو كان قد رفض مسار الإصلاح الاقتصادي كان سيطالب الحكومة بتقديم استقالتها يوم الخميس وسيدعو لانتخابات رئاسية مبكرة يوم السبت، مضيفًا: «شجاعة القرار ولا فضيلة القرار من وجهة نظري إن الاثنين مع بعض، إن القرار تحمي به أمة ولا تحمي به نفسك»، متسائلا: «يا ترى كلنا عندنا استعداد لمجابهة ده».
وحول المحور السابع، قال الرئيس إن رصيد القيادة السياسية والحكومة لم يكن بالقوة اللازمة والتي يمكن أن تشكل قاعدة لخريطة طريق صعبة ومريرة تحتاج لسنوات عمل شاقة وطويلة.
وتساءل الرئيس أنه على مدار الخمسين عامًا الماضية باستثناء فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هل كانت القاعدة الشعبية ومكانة الرئيس والقيادة والحكومة تستطيع أن تتحمل قرارات صعبة هتاخد سنين طويلة جدًا، مفتكرش.
وفيما يخص المحور الثامن والخاص بأن قدرات الدولة المصرية لم تكن أبدًا كافية لتلقى ضربات هائلة مثل الصراعات والحروب ( اليمن ـ حرب أكتوبر ـ موجات الإرهاب المتلاحقة التي أثرت على الاستقرار والتنمية والسياحة في مصر) والتي كانت بلا شك أرضية لتفريغ هذه القدرة والقضاء عليها وهو ما انعكس على التحديات بالسلب.
وأوضح الرئيس أنه أكد في حديث سابق أن عام 2011 كان إعلان وفاة الدولة المصرية، قائلا: «ناس كتير كانت بتزعل أوى من الكلمة دي، الشعب عايز يغير ومش شايف أمل فتحرك في 2011 و2013 للتغير».
وأضاف أن تكلفة التغيير الذي شهدته مصر في 2011 و2013 بلغت حوالى 477 مليار دولار، لافتًا إلى أن مواجهة المشكلات والتحديات التي تواجهها الدولة المصرية لن نستطيع مجابهتها دون تكاتف الدولة والشعب معًا.
وأكد أنه تحدث بكل صراحة وشفافية ووضوح مع الشعب المصري قبل ترشحه في انتخابات الرئاسة عام 2014 ولم يعط وعودا براقة وأكد أن التحدي كبير وأكبر من الدولة المصرية كقيادة وحكومة ولكن ليس أكبر على الشعب المصري المستعد لمواجهة التحديات.
وأوضح الرئيس أنه لا يوجد أحد يريد الفشل ولكن الدولة «حكاية كبيرة أوى»، تحتاج من المهتمين معرفة معنى الدولة وطرق الحفاظ عليها، مشيرا إلى أن الله أراد أن تستمر الدولة ولا تسقط.
وفيما يخص المحور التاسع، قال الرئيس إنه خاص بغياب الوعي والفهم لما نحن فيه لدى النخبة المسئولة وكذا متطلبات العبور من الفجوة التي تعانيها البلاد.
وأكد الرئيس أنه حرص عقب توليه المسئولية أن يتابع كل صغيرة وكبيرة في الدولة المصرية في جميع الموضوعات والقطاعات لتحقيق نهضة سريعة في جميع الملفات، مضيفًا: «أنا مش بدافع عن نفسي، أوعوا تفتكروا اللي اتعمل ده بإني أديت توجيهات وقعدت في البيت،أنا بدافع عن المسار والفكرة وفلسفة الحكم»، لافتًا إلى أن موضوع حقل «ظهر» تطلب جهدا شاقا، كما أوضح أن إعادة تنظيم وهيكلة الدولة تتم بهدوء شديد في كل مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن أول قرار اتخذه كان منذ 7 سنوات بعدم ضخ تعيينات جديدة في الحكومة، وذلك بعد أن تم تعيين مليون ونصف مليون شخص عام 2011 وتم رفع المرتبات من 80 مليار جنيه قبل 2011 إلى 230 مليار جنيه.
وأكد الرئيس أنه كان هناك العديد من المسارات لمجابهة أزمة الجهاز الإداري للدولة ولكنه فضل هذا المسار الذي تسير عليه الدولة حاليًا.
وحول المحور العاشر، أوضح الرئيس أن تكلفة الإصلاح كانت تزداد يومًا بعد يوم وأصبح تدخل الأزمات وتشابكها يمثل حالة من اليأس والإحباط لدى الغالبية، مضيفًا: «كان البعض بيقولنا نمشى بطريقة أكل وشرب وسكت الشعب وسيبك من البلد»
.
وحول المحور الحادي عشر، قال الرئيس إن الدولة لم تستطع بناء سياق فكرى إصلاحي للحالة ولم تكن مؤسساتها عمليًا قادرة على تنفيذه حتى لو تم طرحه والتأكد من سلامته.
وقال الرئيس إن الدولة انتهت من 250 ألف وحدة سكنية جديدة لسكان العشوائيات وتم فرشها، مشيرا إلى أنه يستهدف زيادة عدد الوحدات خلال الفترة القادمة بعد تحسن أحوال الدولة.
وفيما يخص المحور الثاني عشر، قال الرئيس إن أحداث 2011 و2013 جاءت لتقضي على ما تبقى وتزيد من تحديات الأزمة وتفاقمها وكادت تقضى تمامًا على حاضر ومستقبل هذه الأمة.
وأكد الرئيس أن الفترة من عام 2011 وحتى 2013 والأحداث التي مرت بها الدولة المصرية كانت كاشفة في العديد من الملفات، مضيفًا: «كان بقالنا 8 سنين فيه ناس كانت بتموت في سيناء وناس بتفجر الكنائس والمساجد والمنشآت الحيوية وأبراج الكهرباء على مدار 7 سنوات."
وقال السيسي إن المحور الثالث عشر يتمثل في أن الحلول في ظل هذه المعطيات باتت مستحيلة خاصة مع تداخل الأولويات، قائلا «نبدأ بالتعليم ولا الصحة ولا الجهاز الإداري ولا الفهم الخاطئ والوعي الغايب ولا العشوائيات، لكن الله سلم وحفظ وقدر ويسر آمرًا آخر وله الحمد والشكر والمنة».
وشدد الرئيس السيسي على أن الدولة المصرية بعد الأحداث التي شهدتها منذ 2011 كانت على الحافة وكان من الممكن أن تدخل في فوضى لن تعود منها ومصر لم تكن بعيدة عما يحدث في دول الجوار ولكن الله سلم وحمى الدولة المصرية.
واختتم السيسي رؤيته «حتى الأشقاء والأصدقاء كان لديهم قناعة بأن الدولة المصرية غير قادرة على الوقوف مرة أخرى وأن الدعم والمساندة عبر سنوات شكل ثقافة الاعتماد عليها لحل الأزمات والمشاكل».
وشدد الرئيس أن الدولة تحتاج لمزيد من التضحيات من الجميع لمواجهة التحديات والتغلب على المشكلات والأزمات التي تواجهها، مضيفًا: «بكل صدق وتواضع التجربة خلال السنوات السبع الماضية أثبتت أننا لم نعرف أو نفهم أو نقدر حقيقة المصريين، فالشعب قبل التحدي والتضحية والحكومة تبذل ما في وسعها والقيادة مستعدة لاستنزاف رصيدها لدى الشعب من أجل العبور والنجاح».
وأضاف الرئيس: "كانت الفكرة هي استراتيجية المحاور المتوازية، البقاء والتنمية، إصلاح القديم وبناء الجديد، نسير في مسارتنا بالتوازي، علشان نغير الدنيا وواقعنا للأفضل".
واختتم الرئيس السيسي رؤيته قائلا: «أذكركم بأن طريقنا ومسارنا هو ما عاهدنا عليه الله سبحانه وتعالى كمصريين لإنجاح المسار الذي تحدثنا عنه كدولة وشعب، طريقنا ومسارنا هو طريق العمل والعمل والعلم، طريقنا هو الحلم والأمل، طريق بدأناه معًا نكمله معًا، طريق يتسع للجميع، هذه تجربتي كإنسان مصري عاش التجربة وقرأ الكثير في التاريخ وبيحلم لبلده».
وسلطت صحيفة "الجمهورية" الضوء على وضع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي تشخيصا دقيقا ومتكاملا للاقتصاد المصري بمشكلاته والتحديات التي تواجهه وما تحقق من إنجازات رغم الأزمة العالمية وجائحة كورونا والأزمة الروسية ـ الأوكرانية، وأيضا قدم تصورات شديدة الدقة للانطلاق وتحقيق مستقبل أفضل للاقتصاد المصري، وأكد مدبولي، أن عقد المؤتمر الاقتصادي «مصر 2022» جاء إدراكا من القيادة السياسية في مصر بأهمية وضع خارطة طريق لمستقبل الاقتصاد المصري، تشارك فيها كافة الأطراف ليست فقط الحكومة بل كل «الخبراء والاقتصاديين والمتخصصين ومجتمع رجال الأعمال والأحزاب السياسية».
وقال الدكتور مصطفى مدبولي - في كلمته أمس في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي «مصر 2022» بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي - «إن المؤتمر الاقتصادي يأتي في خضم أزمة عالمية لم تشهدها دول العالم منذ الحرب العالمية الثانية»، مشيرا إلى أن كافة الحكومات المتقدمة والقوية اقتصاديا والدول الناشئة تصارع من أجل النجاة وضمان الاستقرار، وأضاف أن مصر ليست بمنأى عن دول العالم، بل بالعكس صنفت من قبل كل المؤسسات الدولية كواحدة من الدول التي كانت أكثر تأثرا بالأزمة العالمية الضخمة، وتابع: «من هنا جاء تكليف الرئيس السيسي للحكومة بتنظيم المؤتمر الاقتصادي؛ لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصري والخروج بخارطة طريق واضحة لهذا الاقتصاد خلال الفترة القادمة».
وأوضح مدبولي أن خارطة الطريق يجب أن تشمل جزءين، الأول التعافي من الأزمة قصيرة الأجل «الأزمة العالمية»، يلازمها حلول لبعض المشكلات المزمنة الموجودة لدينا، وحلولها تحتاج إلى تحرك على المدى المتوسط وطويل الأجل، وأضاف أن الحكومة منذ بداية الأزمة العالمية ومن قبلها حريصة كل الحرص على متابعة ما يكتب عن مصر سواء في الخارج أو الداخل، موضحا أن الحكومة وجدت أن بعض الآراء لا تبنى على معرفة دقيقة بواقع وأحوال الاقتصاد المصري، ولا تنشر الأرقام الحقيقية التي تعكس واقع الاقتصاد المصري.
وأكد رئيس الوزراء ضرورة معرفة الواقع الاقتصادي الذي نمر به حتى نستطيع وضع خارطة طريق صحيحة له، ونبني حلولا للمستقبل تؤسس على قاعدة معلومات صحيحة نعلمها جميعا وواقع صحيح وتحديات نتوافق عليها، وأشار إلى ضرورة تحليل مخرجات مؤتمرين مهمين للغاية بالنسبة لمصر، الأول الذي أطلق عليه المؤتمر الاقتصادي الكبير عام 1982، والثاني هو مؤتمر مصر المستقبل عام 2015، لافتا إلى أن الحكومة تتابع كل ما يكتب عن مصر في الداخل والخارج ويتم رصد ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
واستعرض مدبولي بعض الصور من أرشيف جريدة الأهرام (خلال الفترة من 78 إلى 81) والمتعلقة بمشكلة نقص أنابيب البوتاجاز والطوابير الهائلة للحصول عليها وحالة منظومة النقل الجماعي، التي كانت متواجدة خلال هذه الفترة، واصطفاف المواطنين أمام الجمعيات الاستهلاكية؛ للحصول على أي سلعة رئيسية، فضلا عن مشكلة الصرف الصحي التي كانت متواجدة في الأحياء الراقية والشعبية.
وقال رئيس مجلس الوزراء إن مصر سبق لها أن عقدت مؤتمرين اقتصاديين للتعامل مع الوضع الاقتصادي، كان أولها في عام 1982 والثاني كان في 2015 وأوضح أنه في المؤتمر الأول والذي دعا إليه الرئيس الراحل حسني مبارك وشارك فيه 40 خبيرا اقتصاديا، واستهدف مناقشة الوضع الراهن للمشاكل ووسائل تصحيح المسار الاقتصادي ووضع استراتيجية للتنمية بشأن المرحلة القادمة، والتي كشفت أن هناك 10 مشاكل وتحديات رئيسية كانت تواجهها مصر في تلك الفترة.
واستعرض مدبولي تلك المشكلات، والتي كان الانفجار السكاني أهمها، ومشكلة الإسكان، بالإضافة إلى مشكلة الحاجة إلى ترشيد الدعم وسعر الصرف المتقلب، وطالب المؤتمر حينها بحرية التعامل بالنقد الأجنبي في وقت كانت كل مخصصات الدعم لا تتجاوز المليار ونصف المليار جنيه.
وتابع: «كما كانت هناك مشكلة عجز الموازنة، حيث أوصى المؤتمر حينها بإصلاح مالي وتدبير النقد الأجنبي، وفي هذا الوقت كانت نسبة الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي فوق 100%»، مشيرا إلى مشكلة أخرى وهي «هل يمكن التصنيع للتصدير»، في حين كان هناك عجز في الميزان التجاري ما بين الواردات والصادرات بقيمة 2.5 مليار جنيه فقط.
كما استعرض دور القطاعين العام والخاص خلال هذه الفترة، موضحا أنه كانت هناك 372 شركة تعاني من مشاكل كثيرة، وكان لابد من تقوية دور القطاع الخاص لكى يقوم بدور أكبر في الاقتصاد.
واستعرض مدبولي مشكلات قطاع الصناعة، حيث أكد أنه لفترة طويلة كانت الاستثمارات المتواجدة في قطاع الصناعة قبل 2011 لا تزيد على 6 مليارات في العام، بينما حدثت قفزة حقيقية عندما شارك القطاع الخاص في عملية الصناعة مع الدولة، ولكن بصفة عامة تراجع نصيب قطاع الصناعة من الاستثمارات المنفذة من 22% إلى 10% خلال هذه الفترة.
وأوضح أن مؤتمر «1982» أكد تفاقم مشكلة الإسكان وخاصة الإسكان الشعبي الذي يعتبر الجزء الرئيسي من المشكلة السكانية، لأنه لم يحظ بنصيبه من الاهتمام، لذلك قامت الدولة المصرية خلال تلك الفترة بتبني بعض برامج الإسكان القومي وعمل مشروعات كبيرة، وظل حجم الإسكان المنتج لا يكفى المطلوب، وبالتالي استمرت واستفحلت مشكلة المناطق غير الآمنة والمناطق العشوائية غير المخططة، وأصبح لدينا شكل النسيج في المدن 50 أو 60% منها غير مخطط وغير آمن، فضلا عن مشكلة التعدي على الأراضي الزراعية.
وأشار مدبولي أيضا إلى مشكلة الخدمات الصحية وتقرير منظمة الصحة العالمية (الصادر عام 2015)، والذي أكد أن مصر لديها أعلى معدل للإصابة بفيروس «سي».
ولفت إلى حجم الدين وعلاقته بالناتج (على مدار 30 عاما من عام 1981 وحتى 2011)، وأوضح أنه خلال 19 عاما كان حجم الدين يفوق أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدا أن الدولة دائما تعمل على الحفاظ على مقدراتها واستقرارها وأمنها، وتساءل، هل هذا كاف لإنقاذ وبناء دولة؟.
واستعرض رئيس الوزراء على شاشة العرض كلمة للمفكر الكبير جمال حمدان، والتي تضمنت أن «المأساة الحقيقية أن مصر لا تأخذ في وجه الأزمات الحل الجذري الراديكالي قط، وإنما الحل الوسط المعتدل أي المهدئات والمسكنات المؤقتة والنتيجة أن الأزمة تتفاقم وتتراكم أكثر».
وتابع الدكتور مدبولي «ثم جاءت فترة الاضطرابات السياسية والثورات 2011 و2013 وتأثر الاقتصاد المصري على نحو لم يسبق له مثيل».
وأشار مدبولي، إلى أنه منذ عام 2011 عانت مصر لعدد من السنوات من انخفاض في النمو وارتفاع معدلات البطالة وتفاقمت هذه المشكلات؛ بسبب العجز المالي الكبير والدين العام المتزايد والهشاشة الخارجية التي اتضحت بفقدان الاحتياطي النقدي الأجنبي.
واستعرض مدبولي الخسائر التي تكبدها الاقتصاد المصري نتيجة لعدم الاستقرار السياسي وما صاحبه من أعمال إرهابية شهدتها مصر على مدار السنوات الماضية، والتي تقدر بـ 477 مليار دولار، موضحا أن الاحتياطي خسر 20.3% في الفترة ما بين 2011 إلى 2013، وكذا خسائر القطاع السياحي التي وصلت إلى 32%، ووصول متوسط معدل البطالة إلى 13%، وغيرها.
وأضاف أنه خلال الفترة ما بين فبراير 2011 إلى مايو 2013، انخفض تصنيفنا الائتماني 6 مرات، مشددا على أنه في المجمل واجهت الدولة المصرية وضعا اقتصاديا كارثيا، لافتا إلى أن استمرار تلك الأوضاع كان سيؤدي إلى مخاطر شديدة ينعكس أثرها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وقال مدبولي: «الأهم أن هذه الفترة شهدت بدء جائحة كورونا، واستمرت عامين وبعدها بدأت الأزمة الروسية الأوكرانية، ومع ذلك فإن السنة المالية الماضية في يونيو 2022 كانت نسبة نمو الاقتصاد المصري 6.6%، ومتوسط تلك الفترة كلها 5.3%، مقارنة بـ4.4% في الفترة السابقة، و2.3% في فترة ما قبل 2016».
وأضاف مدبولي: «أن البنك الدولي ورغم كل التحديات الموجودة ذكر - في آخر تقرير له - أن مصر من المتوقع أن تحقق معدل نمو في حدود 4.8% في عام 2022 - 2023 كأعلى معدل نمو بين أهم اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا»، مشيرا إلى أنه على الرغم من الزيادة السكانية التي استمرت خلال 10 سنوات في الفترة من 2011 إلى 2021، حيث زاد السكان 21 مليون نسمة وهو ما يعادل حجم المواليد في 6 دول أوروبية كبرى، ولكن زيادة نصيب الفرد من الناتج ارتفع من حوالى 2700 دولار إلى ما يقرب من 4000 دولار عام 2021.
ولفت رئيس مجلس الوزراء إلى أن صندوق النقد الدولي أشار ـ في تقريره ـ إلى أنه رغم كل التحديات من المتوقع أن يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 4800 دولار في 2025، مع المشروعات التي تعمل عليها الدولة حاليا.
ونوه مدبولي بأن مصر حققت أعلى معدلات تشغيل منذ 30 عاما ونجحت في تخفيض معدل البطالة إلى أدنى مستوياته، بالرغم من أن قوة العمل زادت مع الزيادة السكانية، وقال: «مشروعات الأمن الغذائي وقدرتها على حفظ الاستقرار ودفع عجلة الاقتصاد المصري ساعدت على تخفيض التضخم منذ بدء الأزمة العالمية، فمع بدء ارتفاع معدلات التضخم في النصف الثاني من 2021، كان التضخم في مصر أقل من 10% حتى نصف العام الجاري".
وأضاف أنه من خلال مشروعات الإصلاح الزراعي استطاعت الحكومة في عام واحد إضافة 250 ألف فدان قمح جديدة، مشيرا إلى أن النتيجة لذلك أصبحت المساحة المزروعة بالقمح هذا العام 5ر3 مليون فدان، لافتا إلى أن مصر استطاعت من خلال مشروعات الصوامع أن تحافظ على مخزون القمح المحلي بحجم كبير جدا، مما أدى إلى امتلاك مصر احتياطيا لمدة 5 شهور ونصف.
وأوضح أن مصر تستثمر في مشروعات منها الدلتا الجديدة وشرق العوينات ومشروع توشكى، حيث تهدف إلى إضافة رقعة زراعية حتى نستطيع تحسين أرقامنا في الاقتصاد، ونقلل عجز الموازنة، ونخفض استيراد القمح والحبوب.
ولفت إلى أن مصر حققت في موازنتها فائضا أوليا (وهذا يعنى عندما ننحى جانبا خدمة الدين، أن إيراداتنا تكون أكثر من مصروفاتنا، وهذا يفيد بأن هذا الفائض مصر تأخذه كي تقلل الدين الخاص بها).
وأكد أن مؤسسة «ستاندرد آند بورز» أبقت على تصنيف مصر كما هو مع نظرة مستقبلية مستقرة، كما توقع صندوق النقد الدولي نفسه أن يصل معدل النمو للاقتصاد المصري إلى 5٫9% خلال عام 2022.
وقال رئيس الوزراء: «إن مصر وجهت الجزء الأكبر من استثماراتها ليس للدعم والمرتبات بالرغم من أنه لا يزال يشغل جزءا كبيرا جدا من الدعم الموجود، ولكن لأول مرة كان هناك توجه لدفع عملية الاستثمارات العامة في خلال هذه الفترة، حيث تم توجيه أكثر من نصف هذه الاستثمارات لقطاعات البنية التحتية والنقل والتعليم والصحة».
وأضاف أنه بالرغم من الظروف نفذت الدولة المصرية مشروعات قومية كبرى تجاوزت 7 تريليونات جنيه، أكثر من 90% من هذه الاستثمارات نفذها القطاع الخاص.
وتابع مدبولي أنه في عام 2015 تم الإعلان عن مشروعات تنموية كبرى، كانت في هذا الوقت مصر لديها عجز 6 آلاف ميجاوات من الكهرباء، وبالتالي أطلقنا بعض المشروعات، وفي عام 2022 أصبحت مصر لديها 16 ألف ميجاوات فائضا، مشيرا إلى أننا انتقلنا من توليد طاقة كهربائية متاحة من 28 ألف ميجا إلى 59 ألف ميجا، بما نسبته 110% زيادة في قدرات التوليد الكهربائية في مصر.
وأشار إلى أنه في عام 2015 وقعنا اتفاقيات مع بعض شركات التنقيب عن الغاز، منها شركة «بريتش بتروليم» وشركة «إيني»، ومع إرادة الدولة المصرية نجحنا في اكتشاف حقل (ظهر)، وكان المخطط تنفيذه ودخوله الخدمة خلال الفترة من 4 إلى 5 سنوات أي في عام 2021، وهذا معناه أن الدولة المصرية كانت ستستمر في استيراد الغاز على مدار الفترة الماضية، وكانت القيادة السياسية مصرة على أن يدخل هذا المشروع الخدمة في أقصر وقت ممكن، حيث تم ضخ استثمارات أكثر لكن هذا المشروع، ونتيجة لدفع معدلات التنفيذ أصبحنا المركز الخامس إقليميا في إنتاج الغاز بحجم إنتاج سنوي 58.5 مليار متر مكعب.
وقال مدبولي إن صادرات مصر البترولية في سنة واحدة قفزت 109%، وحققت مصر العام الماضي صادرات لأول مرة في التاريخ 18 مليار دولار من الصادرات البترولية وصناعات البتروكيماويات الموجودة، بالمقارنة بالعام السابق له كانت 8.6 مليار دولار، واعتبر أن عمل توسعات الطرق في وسط تكتلات سكانية وعشوائيات «تحد خيالي»، مشيرا إلى أن تعويضات الأهالي كلفت الدولة 8 مليارات دولار.
وأضاف «أن مصر ارتفعت مؤشراتها بين الدول في البنية التحتية وشبكة الطرق، وهذا يعد دليلا على حجم الجهد الذي بذل».
وأوضح مدبولي أن الدولة المصرية من 2014 و2015 وحتى هذه اللحظة بنت وتبنى فوق المليون وحدة سكنية، وتم ويتم إنشاء 30 مدينة جديدة من مدن ما يطلق عليه الجيل الرابع أو المدن الذكية.
وألقت صحيفة "الأخبار" الضوء على تصريح وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة هالة السعيد، بأنه يجب تقييم التجربة التنموية المصرية والنظر إليها من خلال رؤية واسعة لمختلف المتغيرات وألا تقتصر فقط على البعد المحلي، ولكن تتم في ضوء جميع العوامل والتطورات الدولية المحيطة.
وأشارت الدكتورة هالة السعيد - في كلمتها خلال الجلسة الأولى للمؤتمر الاقتصادي التي جاءت تحت عنوان "السياسات المطلوبة لتعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة الأزمات" - إلى أن مصر واصلت الإصلاح الاقتصادي رغم تبعات أزمة «كوفيد 19» وما تبع ذلك من تداعيات اقتصادية ومالية وعبء إضافي على السياسة المالية وموازنة الدولة، وقالت إنه بعد الدخول في موجة تضخمية عالمية بدأت البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة للحد من تأثير ارتفاع التضخم على الأسواق وعلى معيشة المواطنين، مما أدى إلى مزيد من الضغوط على الاقتصاديات الناشئة التي واجهت ارتفاعا شديدا في أسعار الفائدة وانجذاب رؤوس الأموال إلى حيث يوجد العائد الأعلى على الاستثمار وبالتالي بدأت موجة من خروج رؤوس الأموال من الاقتصاديات الناشئة بحثا عن العوائد الأفضل بالإضافة إلى الأزمة العقارية في الصين.
وأضافت أن هناك 3 دول كبرى تؤثر بشدة على اتجاه معدلات النمو في الاقتصاد العالمي وهي أمريكا والصين واليابان.
ولفتت وزيرة التخطيط إلى أن الوضع في العالم يشهد مخاطر الركود التضخمي، فهناك معدلات تضخم ترتفع ومعدلات نمو تنخفض، ومع ازدياد حالة عدم اليقين فإن هذه الموجة تستمر لفترة ممتدة.
وقالت "إن العالم مر بمرحلة ركود تضخمي في عام 2008 ولكن الفرق بين الفترة الحالية وما حدث في 2008 أن المؤسسات المالية والبنوك المركزية اليوم أصبحت أقوى مما كانت عليه سابقا بالإضافة إلى أن الاقتصاديات الناشئة تواجه عملة أمريكية أقوى مما كان عليه في فترة 2008، مما يضاعف التحدي الموجود على الاقتصاديات الناشئة".
وأوضحت أن هذا الوضع يؤدي إلى خسائر على المستوى الدولي، حيث بلغت الزيادة في حجم البطالة بـ 228 مليون مواطن بنهاية هذا العام، كما يقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وجود زيادة في مستوى الفقر تصل إلى 75 مليون شخص بنهاية هذا العام بالإضافة إلى ارتفاع شديد في نسب الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 350%.
وأشارت إلى أن النمو في مصر وصل إلى معدلات مرتفعة في بعض الأحيان إلا أنه يتسم دائما بعدم الاستدامة، على الرغم من تحقيق معدل نمو حقيقي وإيجابي ومرتفع، إلا أنه اتسم بقدر عال من عدم الاستدامة، والأساس في عمليات التنمية هو الاستمرار لعدد من السنوات المتصلة على معدلات نمو موجبة ومرتفعة حتى يتم الشعور بثمار هذا النمو، وأوضحت أنه من أسباب التذبذب الشديد في معدلات النمو، هو أولا مصادره، لافتة إلى أن هذا النمو كان من أربع أو خمس سنوات مدفوعا بشكل أساسي بالاستهلاك حتى منتصف عام (2015 - 2016) وبدأ الاستثمار في السنوات الأخيرة يساعد في دفع هذا النمو، وثاني سبب من أسباب التذبذب هو الفجوة بين الواردات والصادرات والتي حدثت على مدار الـ 20 سنة الماضية وبالتالي أصبحنا نعاني من عجز في الميزان التجاري والمصادر الأساسية التي تؤثر في هذا النمو أدت إلى عدم استدامته، كما أن مساهمات القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة وغيرها كانت متدنية.
وأكدت الوزيرة أن الهدف من النمو هو توفير فرص عمل، لافتة إلى أن معدلات البطالة وصلت إلى أدنى مستويات إلى 7.2% على مدار الـ 20 سنة الماضية والتحدي في معدلات البطالة هو أنه على الرغم من أن متوسط البطالة يصل إلى 7.2%، إلا أن معدل بطالة الحاصلين على مؤهلات عليا يصل إلى 15%، وبطالة الإناث 3 أضعاف بطالة الشباب، حيث إن بطالة الشباب 5%، أما بطالة الإناث 17.5%، لذلك فقد بدأت الحكومة المصرية بعد نجاح مرحلة الإصلاح الاقتصادي في عام 2016 ولأول مرة في خطة للإصلاح الهيكلي.
واسترجعت الوزيرة برامج الإصلاح الثلاثة التي تمت وهي برنامج إصلاح عام 1991 والذي كان يتضمن سياسات تثبيت وتحرير جزئي لسعر الصرف، وإصلاحا ماليا ونقديا فقط ولم يتعرض إطلاقا لإصلاح تشريعي ولا أي نوع من الإصلاحات الهيكلية، وثانيا برنامج إصلاح عام 2004 وهو كان الإصلاح الجذري الذي تم في القطاع المصرفي لذلك نحن لدينا قطاع مصرفي قوى يكون قادرا على صد أي أزمات مالية تمت في الفترات الماضية، مشيرة إلى أن الدولة اهتمت بوضع خطط إصلاحية شاملة لدعم القطاعات المهمة في البلاد، وأضافت أن من بين هذه القطاعات كان القطاع المصرفي الذي بدأ الإصلاح فيه منذ عام 2016 بضبط سعر الصرف ما جعله أكثر مرونة مع توفير حماية اجتماعية شاملة للطبقات الأكثر احتياجا لامتصاص تداعيات تحريك سعر الصرف.
وأوضحت أن من ضمن القطاعات التي حصلت على نسبة كبيرة من الإصلاح كان قطاع الطاقة، مشيرة إلى أن 70% من دعم الطاقة كان يصل لأغنى 30% من المجتمع ما دفع الدولة للتحرك لضبط هذا الخلل والاستفادة من هذه الفروقات لصالح الطبقات الأكثر احتياجا.
ونوهت بأن الدولة استهدفت وضع برنامج إصلاح هيكلي يركز على تعظيم الإنتاج عن طريق إطلاق البرنامج الوطني للإصلاح الهيكلي وهو ما جعل الاقتصاد المصري أكثر مرونة وقادرا على امتصاص الصدمات.
وأكدت أن الدولة استهدفت زيادة القطاعات الإنتاجية واستطاعت بالفعل دعمها لتمثل 30% من حجم النمو بعد أن كانت 24% ومع نهاية عام 2023 من المؤكد أن هذه النسبة ستصل إلى 35%.
وأوضحت أن الدولة استطاعت أيضا تزويد الصادرات الصناعية ذات المكون التكنولوجي المرتفع حتى تستطيع المنافسة في الأسواق العالمية نظرا للاعتماد الكبير على الصناعات التكنولوجية المتطورة على مستوى العالم.
وقالت الدكتورة هالة السعيد: إن مصر شهدت تحسنا في مؤشر الأمن الغذائي لديها واستطاعت أيضا زيادة الزراعة التعاقدية ودعم برنامج التعاونيات، موضحة أن الزيادة السكانية مثلت عبئا ولكنها في نفس الوقت أضافت ميزة وهي أن 60% من السكان في فئة الشباب.
وتابعت أن الانخفاض النسبي في الاستثمار الخاص خلال الأربع أو خمس سنوات الأخيرة كان نتيجة للزيادة الكبيرة لتوسع الدولة في الاستثمار العام، موضحة أن الدولة دخلت في الاستثمار في البنية الأساسية والمشروعات الكبرى، كما عززت الحماية الاجتماعية من خلال مشروعات مثل حياة كريمة.
وأشارت إلى أنه تمت زيادة الاستثمارات العامة بنسبة 300% في فترة «كوفيد 19» لتعويض حالة عدم اليقين وتعويض التراجع في الاستثمار الخاص، منوهة بأن القطاع الخاص يوظف قرابة 80% من قوة العمل، وهو شريك أساسي ولابد أن يقود عملية التنمية.
وفيما يخص وثيقة تنظيم ملكية الدولة وتنظيم تخارج الدولة من بعض القطاعات، أشارت إلى أن هناك قانونا للشراكة بين القطاع الخاص والدولة، وكان هناك بعض الإجراءات التي تتطلب مرونة أكثر وتم تعديل هذا القانون.
وقالت إن الدولة أنشأت صندوق مصر السيادي ليكون من الأذرع الاستثمارية للدولة لتشجع القطاع الخاص وتحويل الفرص الاستثمارية الموجودة في الدولة إلى منتج استثماري مبتكر يساعد القطاع الخاص على الدخول بعد دراسات جذابة لهذا القطاع، لافتة إلى الجهد الكبير المبذول في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتحويلها إلى مركز صناعي ولوجيستي عالمي.
وأضافت أن مصر أصدرت استراتيجية خاصة للتغيرات المناخية ووضعت مجموعة من الحوافز لتشجيع الاستثمارات الخضراء، مشيرة إلى أن نصف استثمارات مصر ستكون خضراء بحلول 2024، موضحة أن الدولة دعمت مفهوم الحماية الاجتماعية الشاملة عن طريق توفير حق التنمية بصفته جزءا من حقوق الإنسان، وأشارت إلى أن كل هذه العوامل دفعت الدولة لوضع خطة لتنمية الأسرة والتمكين الاقتصادي للمرأة وهذا يعتبر أهم المحاور في خطة تنمية الأسرة، وقالت إن جهود الدولة في مجال الحماية الاجتماعية انعكست على ارتفاع مؤشر مصر 19 مركزا في مؤشر التنمية البشرية العالمي لنصل إلى المرتبة 97.
وأكدت أن الدولة الآن تستهدف القضاء على الفقر متعدد الأبعاد وليس الفقر المادي فقط عن طريق إتاحة الخدمات الأساسية وتحسين جودتها لدى المواطنين، مشيرة إلى أن مشروع "حياة كريمة" يعد تطبيقا عمليا للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد حيث يستهدف 17 هدفا من أهداف التنمية المستدامة ويعمل على توطين الخدمات سواء بنية أساسية أو تنمية بشرية أو فرص عمل، وتحدثت وزيرة التخطيط عن القضية السكانية، وأوضحت أن هناك خطة لضبط معدلات النمو هدفها الأساسي الارتقاء بخصائص السكان من علاج وتعليم وصحة وخلافه.